محمد نصار يكتب : حين تستيقظ الروح في ملامح الأشياء
في عالمٍ تُقاس فيه القيمة بما هو مستجد، ويتغير فيه الذوق قبل أن يلتقط أنفاسه، نحتاج إلى أن نتوقف قليلًا… لا لنُعارض التغيير، بل لنفهم جوهره.
أن تُجدِّد… ليس أن تخلع جلد الأمس، بل أن تعود.
أن تعود… إلى نداءٍ خافت في قلب الخشب، إلى رجفة الضوء في الزجاج، إلى نبضٍ نائم في الحجر.
التجديد ليس اختراعًا، بل تذكّرٌ عميق.
هو أن ترى في الصدأ حنينًا، وفي التآكل وعدًا، وفي الأشياء المتهالكة احتمالًا خامدًا للجمال.
هو أن تُنصت، لا أن تفرض. أن تُعيد اكتشاف ما كان، لا طمسَه بما سيكون.
هو أن تنظر إلى الكرسي لا كمقعد، بل كحلمٍ قديم بأن يكون حضنًا، وأن ترى في الجدار شوقًا لعناق الضوء، لا قناعًا من الطلاء.
هو أن تدرك أن في كل شيءٍ قديم ظلًّا لصوتٍ لم يُسمع بعد، وحكاية تنتظر من يصغي لها بلطف.
وفي كل تجديد، مصالحة بين زمنين: ماضٍ يريد أن يتنفس، ومستقبل لا يكتمل إلا به.
اقرأ أيضًا: محمد نصار يكتب : بدايات صغيرة جدًّا.. تدوم
ليست الموضة تجديدًا، بل ومضة.
أما التجديد الحقيقي، فهو أن نوقظ الروح في الأشياء التي كادت تنطفئ، وأن نحبّها من جديد، لا لأنها تغيرت، بل لأننا بتنا نراها بعينٍ أكثر حنانًا.
أكتب هنا لأقول: يجب ألّا نحتفي بما هو جديد فقط، بل بما هو حيّ، مهما طال به الصمت.
أن نُعيد الإنصات… وأن نُعيد المحبة إلى الأشياء، حين نمنحها فرصة لتُولد من جديد.
