إنجاز طبي واعد في علاج أحد أنواع التصلب المتعدد
شهد مؤتمر الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب في مدينة سان دييغو إعلان نتائج تجربة سريرية لعقار تجريبي يُعرف باسم "تولبروتينيب"، طُوّر في الأساس لعلاج الأورام اللمفاوية.
وأظهرت النتائج فاعليته في إبطاء تطور الإعاقة لدى مرضى التصلب المتعدد من النوع الثانوي التطوري غير النشط، وهو نوع لا يتوافر له حاليًا علاج معتمد.
هذا الشكل من التصلب المتعدد يتميز بتدهور تدريجي في الحالة العصبية دون حدوث نوبات انتكاس، ويُعدّ من أكثر أشكال المرض صعوبة من حيث التشخيص والعلاج. وتمنح هذه النتائج، وفق الباحثين، بصيص أمل للمرضى الذين ظلوا لسنوات دون خيارات علاجية فعالة تستهدف مسار تقدم المرض.
آلية عمل تولبروتينيب ونتائج التجربة السريرية
عقار تولبروتينيب، الذي تطوّره شركة "سانوفي"، يُصنف ضمن مثبطات إنزيم كيناز التيروسين من نوع بروتون، ويُعطى فمويًا. وقد شملت التجربة السريرية 1131 مريضًا، وتبين أن نسبة تطور الإعاقة المؤكد خلال ستة أشهر انخفضت إلى 22.6% لدى من تناولوا العقار، مقارنة بـ 30.7% في مجموعة العلاج الوهمي.
كما أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في الإعاقة لدى 8.6% من متلقّي العقار، مقارنة بـ 4.5% فقط في المجموعة الأخرى، إلى جانب انخفاض في مؤشرات الالتهاب وتلف الأنسجة العصبية. واعتبر الخبراء هذا الفارق ذا دلالة سريرية، كونه يُظهر لأول مرة تباطؤًا مباشرًا في مسار الإعاقة لهذا النوع من المرض.
تحذيرات بشأن السلامة وتأثيرات على الكبد
رغم النتائج الإيجابية، فإن التجربة السريرية لم تخلُ من المخاوف، خصوصًا فيما يتعلق بسلامة المرضى. فقد تم رصد ارتفاعات خطيرة في إنزيمات الكبد لدى بعض المشاركين، إذ سجلت حالة من كل 200 حالة ارتفاعًا شديدًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من تناول تولبروتينيب.
الدكتور روبرت فوكس، الباحث الرئيسي في الدراسة، شدد على ضرورة إجراء مراقبة دورية صارمة لوظائف الكبد خلال استخدام العقار، مع وقف العلاج فور ظهور علامات دالة على خلل في الكبد. وأكد أن هذه الملاحظات تُعد ضرورية قبل التفكير في أي اعتماد مستقبلي للعقار على نطاق واسع.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف العلاقة بين مكونات الأطعمة المعالجة وزيادة مخاطر السكري
دراسات إضافية تكشف محدودية فعاليته في حالات أخرى
في سياق موازٍ، نُشرت دراسة ثانية في مجلة "نيو إنغلاند الطبية" تناولت تجربتين منفصلتين على مرضى يعانون من التصلب المتعدد من النوع الانتكاسي. وأظهرت النتائج أن تولبروتينيب لم يتفوق على عقار تريفلونوميد (أوباجيو) في تقليل معدل الانتكاسات السنوية، مما يشير إلى محدودية تأثيره في هذا الشكل من المرض.
هذه النتائج تعني أن فعالية تولبروتينيب قد تكون محصورة بنوع محدد من التصلب المتعدد، ما يستدعي مواصلة الأبحاث قبل تعميم استخدامه. كما أن الشركة المنتجة مطالبة بتقديم بيانات إضافية تعزز من جدوى وسلامة العقار قبل السعي للحصول على الموافقات التنظيمية.
