أعراض انسحاب الكافيين في رمضان وكيف تتجنبها؟

حسب دراسة نشرتها "الجمعية الأمريكية للصداع" عام 2023، فإن الصداع الذي يعانيه 55% من الأشخاص في أول أيام رمضان، يعود إلى أعراض انسحاب الكافيين!
وربّما لم تكُن لتتوقّع أن يكون فنجان القهوة، رفيقك المُقرَّب، الذي يساعدك على أداء عملك، ويُشعِل نشاطك، ويزيد تركيزك، هو ذاته الذي يؤثِّر فيك بهذه الصورة، ولكن مع تعوّد الجسم على الكافيين باستمرار، من المتوقّع أن يكون لجسمك رد فعل على حرمانه من الكافيين فجأة.
رد الفعل هذا قد يتمثّل في صداع أو شعور بإرهاق أو حتى المزاج السيئ وصعوبة التركيز، فكيف تتجنب أعراض انسحاب الكافيين في رمضان؟ ومتى يعود جسمك لطبيعته وحيويته؟
انسحاب الكافيين
"الكافيين" مُنبِّه للجهاز العصبي، ومِنْ ثَمّ يجعلك أكثر يقظةً وانتباهًا مع كل فنجان قهوةٍ تحتسيه، وعندما تواظِب على ذلك بانتظام، فإنّك تصير مُعتمِدًا على الكافيين لأداء مهامك اليومية، وعيش حياتك بصورةٍ طبيعية.
فإذا توقّفت فجأة عن تناول ما اعتدته من الكافيين، سواء كان مصدره القهوة أو غيرها، هنا يحتاج الجسم إلى بعض الوقت للتأقلم لأداء المهام دون الكافيين، مما يُؤدِّي إلى ظهور أعراض انسحاب الكافيين، التي قد تحدث مع صيام رمضان، والانقطاع عن شُرب القهوة لساعاتٍ.
أعراض انسحاب الكافيين
صداع مستمرّ، شعور بالتعب والإرهاق، تركيز منخفض، ومزاج متقلّب، كلمات كافية لوصف أعراض انسحاب الكافيين، التي ربّما تكون الأعراض التي تشعر بها خلال ساعات الصيام:
1. الصداع:
قد تبلغ نسبة حدوث الصداع بسبب انسحاب الكافيين نحو 50%، حسب بحثٍ نُشِر عام 2023 في "Stat Pearls"، وقد يكون هذا الصداع شبيهًا بالصداع العادي أو حتى الصداع النصفي، ولكن لماذا يحدث هذا الصداع؟
يُساعِد الكافيين على تضييق الأوعية الدموية في الدماغ، مما يمنع وقوع الصداع النصفي، لذا مع التوقّف عن تناول الكافيين، يحدث العكس، مما قد يؤدي إلى الصداع النصفي، خاصةً إذا كُنت تتناول الكافيين بكمية كبيرة من قبل.
2. التعب والإرهاق:
كما كان الكافيين يُشعِرك بالنشاط والحيوية، فإنّ الانقطاع عنه قد يُؤدِّي إلى العكس؛ الشعور بالتعب والإرهاق بدلًا من الحيوية، ولكن ما منشأ ذلك الإرهاق؟
السرّ يكمُن في آلية عمل الكافيين، الذي يعزِّز طاقتك ويقلِّل النعاس والتعب، من خلال حجب "مُستقبِلات الأدينوسين"؛ المُركّب الكيميائي الذي يجعلك تشعر بالتعب والإرهاق، ومع غياب الكافيين، لا يكون هناك ما يحجب هذه المستقبِلات كالسابق، ما يُؤدِّي إلى شعور بعض الناس بالتعب والإرهاق، ربّما أكثر من الطبيعي.
اقرأ أيضًا:أفضل وصفات القهوة لخسارة الوزن.. طرق فريدة ولذيذة
3. صعوبة التركيز:

سمِّها صعوبة التركيز أو أنّك لا تشعر بأنّ عقلك في أفضل أحواله، وقد أظهرت دراسةٌ نُشِرت عام 2013 في دورية "Psychopharmacology"، أنَّ انسحاب الكافيين كان مرتبطًا بانخفاض يقظة الذهن، والأداءٍ الذهني الأضعف على صعيد ردود الأفعال والمهمات المتعلّقة بالذاكرة.
لذا ربّما تكون صعوبة التركيز والتشتّت الذهني في أثناء ساعات الصيام، بسبب انسحاب الكافيين، خاصةً إذا كُنت مُعتادًا على تناول القهوة بانتظام.
4. التقلّبات المزاجية:
ربّما يكون المزاج السيئ علامة على انسحاب الكافيين؛ إذ لا تشعر بأنّك على ما يُرام، ولست مبتهجًا أو مرتاحًا، إذ لا يُنشِّط الكافيين الدماغ فحسب، بل إن له تأثير في مزاجك أيضًا؛ إذ يُؤثِّر في "الدوبامين"، المُرتبِط بالشعور بالمُتعة، والذي يؤثِّر في مناطق المكافأة في الدماغ.
لعلّك أدركت المعنى الآن؛ نعم، قد يُؤدِّي انسحاب الكافيين إلى نتيجةٍ عكسية؛ إذ يقلّ الشعور بالمُتعة، مما يجعل مزاجك سيئًا، وربّما تكون سريع الانفعال أيضًا.
5. الغثيان والقيء:
قد يُعانِي بعض الناس الغثيان، وأحيانًا القيء، نتيجة التوقّف عن تناول الكافيين، لكنّهما قد يكونان علامة لمشكلات صحية أخرى أيضًا.
كيفية التخلص من أعراض انسحاب الكافيين أثناء الصيام
ربّما يكون مُجديًا التقليل من تناول القهوة أو الكافيين تدريجيًا مع قُرب دخول رمضان، لكن ماذا تفعل إن لم تستطع فعل ذلك وقد دخل رمضان بالفعل؟
فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك على التخلّص من أعراض انسحاب الكافيين في أثناء الصيام:
1. شُرب الماء والحفاظ على ترطيب جسمك:
قد يساعد شُرب كمية مناسبة من الماء خلال الفترة بين الإفطار والسحور على ترطيب الجسم أولًا، وثانيًا المساعدة على تخفيف الصداع والشعور بالإرهاق، وهما من أعراض انسحاب الكافيين.
اقرأ أيضًا:منعًا لعُسر الهضم أو حُرقة الصدر.. 4 نصائح لتحضير قهوة لا تضر معدتك
2. النوم جيدًا قدر الإمكان:
قد يُوصَى بالحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، يتراوح بين 7 - 8 ساعات ليلًا، لكن هذا قد يكون صعبًا في رمضان، لذا حاوِل أن تنام ما تستطيعه من الساعات خلال الليل، ولا بأس بقيلولة بالنهار ما لم يكُن النوم بالليل كافيًا.
3. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام:
قد تساعدك ممارسة التمارين الرياضية، حتى المشي الخفيف، على تحسين طاقتك وزيادة مستويات "الإندورفين"، الذي يُحسِّن المزاج، بالإضافة إلى "النورأدرينالين"، الذي يجعلك تشعر بحيوية أكبر.
لكن إذا كُنت ستمارِس الرياضة في ساعات الصيام، فلا يُفضّل ممارسة تمارين عالية الكثافة، تجعلك أكثر عُرضةً للجفاف، خاصةً إذا كان لا يزال هناك متسعًا من الوقت قبل الإفطار.
4. النظام الغذائي المتوازن:

قد تميل إلى تناول الحلوى بكثرة، أو ربّما تُفضِّل أنواعًا مُعيّنة من الطعام على غيرها في رمضان، لكن التوازن هنا مطلوب في رمضان وفي غير رمضان، فالنظام الغذائي الجيد مرتبط بالمزاج الجيد، وربّما تكون أحد الطرق الناجحة في التغلب على التقلّبات المزاجية الناجِمة عن انسحاب الكافيين.
لذا تأكّد من احتواء وجبات الإفطار والسحور على كامل العناصر الغذائية التي تحتاج إليها، أو حاوِل أن تدرِج المزيد من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، كالخضراوات والتوت والمكسرات، على مائدتك، فقد تُساعِد على تحسين مزاجك، وتعزيز صحتك أيضًا.
5. الاسترخاء:
التوتر رد فعل، وغالبًا لا يساعد على حلّ المشكلات، لذا حاول أن تكون مسترخيًا قدر الإمكان، لأنّ التوتر قد يفاقِم أعراض انسحاب الكافيين، ومما قد يساعدك على الاسترخاء التنفّس العميق أو الذهاب للخارج لاستنشاق الهواء أو فعل شيء تهواه.
اقرأ أيضًا:كيف تشرب القهوة بشكل صحي في رمضان؟ إليك 5 طرق رئيسة
متى يعود الجسم لطبيعته بعد ترك الكافيين؟
يختلف وقت استمرار أعراض انسحاب الكافيين من شخصٍ لآخر، لكنّها تستمر عادةً بين 2 - 9 أيام على الأقل، وقد يبدأ الشعور بأعراض انسحاب الكافيين في أول 12 - 24 ساعة بعد التوقّف عن تناول القهوة، كما قد تبلغ الأعراض ذروتها في غضون 24 - 51 ساعة، حسب "Healthline".
بدائل الكافيين في رمضان

ثمّة بدائل للقهوة، أقل في الكافيين، وتساعد على منحك الطاقة والحيوية التي تحتاج إليها دون الدخول في دوّامة أعراض انسحاب الكافيين وكيفية التخلّص منها، ومن هذه البدائل:
1. القهوة منزوعة الكافيين:
توفّر نفس فوائد القهوة العادية، لكن كما يتضح من اسمها فإنّها منزوعة الكافيين؛ أي تم التخلص من 97% من الكافيين في حبوب القهوة من هذا النوع، ومِنْ ثمّ فقد توفّر 2 - 15 مجم من الكافيين فقط لكل فنجان (236 مل)، بينما يوفّر فنجان القهوة العادية 95 - 200 مجم من الكافيين.
2. قهوة الهندباء:
هي قهوة شبيهة بالقهوة العادية، لكنّها خالية من الكافيين، كما توفّر فوائد صحية أخرى، فهي غنية بالألياف التي تعزِّز صحة الجهاز الهضمي، كما قد تكون مفيدة لهضم الدهون أيضًا.
3. الشاي الأخضر:
الشاي الأخضر أقل في الكافيين من القهوة، وغني بمضادات الأكسدة، ويساعد تناوله بانتظام على تقليل خطر الإصابة بضغط الدم المرتفع، وكذلك مرض السكري من النوع الثاني.
اقرأ أيضًا:"القيلولة أم شُرب القهوة".. ماذا تختار عند الرغبة في استعادة النشاط؟
4. مشروب المتة:
شاي أعشاب بديل للقهوة، وقد يُوفِّر نفس كمية الكافيين في الكوب الواحد، مقارنةً بفنجان القهوة، كما أنّه مليء بمضادات الأكسدة، والمعادن والفيتامينات، التي تعزِّز الصحة، ومع ذلك لا يُوصَى بالإسراف في تناوله، فقد ربطت بعض الدراسات بين تناول 1 - 2 لتر منه بانتظام بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.