كيف تعد اجتماعًا إداريًّا ناجحًا يحقق أهداف مؤسستك؟
تعدُّ الاجتماعات من بين الإجراءات الروتينية التي نجدها في أي إدارة قائمة على المورد البشري، وعادة ما تكون هذه الاجتماعات دورية أو معدّة لإتخاذ قرارات أو تصحيح أخطاء؛ لكنها تصب جميعها في إطار واحد، وهو زيادة الإنتاجية وزيادة كفاءة المستخدمين.
وكمدير، قد تجد نفسك عالقًا في حزمة اجتماعات لا تثمر، أسبوعًا بعد أسبوع، وشهرًا بعد آخر، حتى يصبح الاجتماع بالنسبة لك مضيعة حقيقية للوقت والمال والجهد، وإجراءً مملاًّ لا يأتي بجديد، في حين كان لا بد أن تقفز هذه الاجتماعات بالتنظيم من وضع سيئ لآخر أفضل منه.
والحقيقة أن الإجتماعات ضرورية للنهضة بالتنظيم، وضبط بوصلة الشركة للسير في الطريق الصواب، نحو تحقيق الاستراتيجية العامة للشركة، وكغيره من الأنشطة الإدارية هناك آليات وأساسيات يجب التّقيّد بها، والالتزام بتنفيذها للحصول على اجتماعات مفيدة للتسيير وتحسين شكل التنظيم وإرضاء الموظفين.
في السطور التالية نقدم إليك نقاط لا تهملها عند عقد الاجتماعات، فالتزم بها وستكون النتائج باهرة.
1. حدد هدفك بوضوح
أنت مُلزمٌ أن تضع هدفاً واضحاً للاجتماع، بمعنى أنه يجب أن تلمس فرقاً بين الحالة العامة أو الخاصة قبل وبعد عقد الاجتماع، ولذلك يجب عليك دائمًا أن تجيب عن هذه الأسئلة:
- هل الإجتماعُ ضروريٌّ لصناعة أفكار جديدة؟
- هل الاجتماع ضروري من أجل جمع معلومات؟
- هل الاجتماع مهمٌ لإتخاذ قرار أو جملة قرارات؟
- هل الاجتماع ضروري لمعالجة حالة؟
فإذا توافرت عندك واحدة من هذه النقاط أو مجموعة منها، فأنت فعلًا في الطريق الصواب لعقد اجتماع من أجل الوصول لنتائج معيّنة تعرف بـ"الأهداف".
وتقنيًا، فإن الاجتماع يبدأ بطرح الهدف النهائي الذي سيحاول المدير رفقة مجموعة المدعوين للحضور الوصول إليه وإدراكه في ختام الجلسة، ويجب أن تعرف أنه كلما تم ضبط الهدف، كلما كان النقاش مركَّزًا ومنصبًا على المشكلة الحقيقية، ما يعني أن الاجتماع سيقترب شيئًا فشيئًا للنجاح، ويكفي أن نقول أن الاجتماع كان ناجحًا بمجرد تحقيقه للأهداف، أو على الأقل طرح النقاط الواجب طرحها ومناقشتها مناقشة واضحة؛ لذلك حدد أهداف إجتماعك، وسيكون اجتماعاً ناجحاّ.
2. كن مستعدّاً جيِّدًا لعقد الاجتماع
التحضير للاجتماع هو أحد العوامل الرئيسة التي تقود لنجاحه، ولا نقصد فقط الجانب المتعلق بالتحضير النّفسي، فكل ما له علاقة بالاجتماع، يجب أن يتم ضبطُه، وفي بعض الأحيان حتى محاكاته، لأن هناك اجتماعات يجري التحضير لها حتى قبل ستة أشهر من موعدها، نظرًا للأهمية البالغة التي تتميز بها.
فالاجتماعات الدّورية في الشركات الكبرى كشركة غوغل أو تيسلا أو أبل، على سبيل المثال، هي اجتماعات شبه مصيرية، لذلك نجد اهتمامًا بالغًا بهذا الجانب الإداري في هذه المؤسسات.
والواقع أن مفتاح إدارة الإجتماعات الناجحة، حسب خبراء الإدارة ومنظِّريها، يكمن بالأساس في التحضير الجيد والعمل المتقن قبل الانعقاد، والخروج بجدول أعمال مضبوط ودقيق، يتضمن لزاماً النقاط التالية:
- قائمة الموضوعات التي سيتم تغطيتها
- وصف موجز لأهداف الاجتماع
- قائمة بالأشخاص الذين سيحضرون الاجتماع
- قائمة المواضيع التي سيتناولها الاجتماع
- هل الاجتماع ضروري لمعالجة حالة
- أي معلومات أساسية يحتاج المشاركون إلى معرفتها حول هذا الاجتماع
ولا يجب أن ننسى أيضًا الاستعداد المادي، من خلال اختيار وقت مناسب قدر الإمكان للجميع، وتوفير كل الأغراض اللازمة لعقد الاجتماع، كالشاشات ولوحات العرض، والأقلام والدفاتر، والأوراق، والميكروفونات، وحتى قنينات الماء التي سيتم وضعها أمام المدعوين.
وفي العادة يتم تكليف مستخدم محدد له تكوين خاص في تنسيق الإجتماعات، وهذا من أجل الحصول على جوًّ مناسب للمناقشة، لأن أي تقصير أو نقص في الاستعداد سيقود لا محالة لقطع جو المناقشة والحوار؛ لذلك تذكر، الاستعداد الجيد يعني اجتماعا جيدًا.
3. دعوة أقل عدد ممكن من الأشخاص
كمدير تنفيذي، يجب عليك أن تعرف بأن الغرض من الاجتماع الإداري ليس مشاركة المعلومات، بل اتخاذ القرارات، لذلك كلما تقلص عدد الحاضرين كانت النتائج أفضل ومدة الاجتماع أقل.
ويقع عديد من المديرين رؤساء المجالس الإدارية في خطأ الدعوة المفتوحة أو الشاملة، فتكون النتائج في العادة سلبية، ومن ثم ينتهي الاجتماع بطرح مشكلات أخرى، لذلك يُوصى دائمًا بدعوة من يهمهم الاجتماع حقًا، فإذا كان موضوع الاجتماع متعلقًا بـ المسائل المالية ووكلاء الإيرادات مثلًا، فإن حضور مسؤول المستخدمين أو المستشار القانوني غير ضروري، ووجوده في القاعة قد لا يأتي بجديد، ونستثني هنا المسائل المتداخلة ما بين المصالح التي تتطلب التنسيق والتشاور.
ولعل حضور أشخاص لاجتماع لا علاقة لهم به سيجعلهم يشعرون بملل كبير، ينعكس على الجو العام، ويؤثر سلبًا على تنفيذك لجدول أعمالك، فليس خطأ أن يتكون اجتماعك من ثلاثة أشخاص بدل ثمانية عشر شخصًا آخرين لا علاقة لهم بموضوع الاجتماع.
4. تقيّد بالوقت ولا تتأخر
أنت مديرٌ تنفيذي والمسؤول الأول عن تسيير اجتماعاتك، لذلك فإن حضورك في الوقت المحدد أمر لا بدّ منه، لأن تأخرك عن موعد مهم كهذا سينعكس سلبًا على مسائل تتعلق بالانضباط والجدّيّة عند الحاضرين.
ومن الجيد أن تحضر قبل الجميع، حتى تكون لك كاريزما وسيطرة على الاجتماع، فأنت ستكون في وضع المراقب، لكنك إن حضرت متأخرًا فستفقد هذه الميزة، وستجد نفسك في وضع معاكس لأن الجميع سيراقبونك، ولن تكون لك إمكانية التحدث عن الانضباط، لأنك ببساطة لم تتقيد بذلك وأنت الرّئيس، فكيف سيتقيد به المرؤوسون؟
نتكلم عن التّأخر لأن الوقت المثالي لعقد الإجتماعات هو الصباح، وهو وقت تسجل فيه التأخرات دائمًا، إما بسبب النقل وحركة السير أو لأسباب أخرى.
اقرأ أيضًا: كيف تكتشف ما لا يُقال؟ دليل القائد لقراءة التغذية الراجعة غير المباشرة
ويجب أن نعلم أن الوقت جزء من مجموعة أجزاء متكاملة لإنجاح الاجتماع، لذلك من الجيد تجاوز هذه المسألة، من خلال ترك هامش زمني بسيط لغلق قائمة الحضور، وذلك بتجاوز الوقت المحدد للافتتاح بعشر دقائق مثلًا، حتى لا تقع مشكلات تؤثر في الهدف الرئيس للاجتماع، ويبقى لك الخيار في أخذ انطباع سلبي بخصوص المتأخرين، وفي جميع الحالات، لا تنسى هذه القاعدة: إياك أن تتأخر عن اجتماع يقع تحت إشرافك.
5. اهتم بمظهرك وإطلالتك
كمدير تنفيذي ومشرف على اجتماع، يجب أن تكون إطلالتك مميزة، فالمظهر العام مهم جدًا، وهو إنعكاس لأمور عدّة: الجدّية في العمل، الرصانة، الاهتمام، الكاريزما، السيطرة.
كما أن الإطلالة الجيدة تمنحك ثقة في نفسك بين الموظفين، عكس ما ستشعر به عند الحضور إلى الاجتماع بثياب لا ترقى لمستواك، أو مستوى المكان الذي تشغلهُ.
والحقيقة أن بعض المديرين يفقدون من مرور الوقت الاهتمام بمظهرهم الخارجي، إما بسبب ازدحام جدول الأعمال، أو بسبب الملل، ولكن الواقع أن هذه النقطة تتطلب دائمًا الاهتمام، وهي لا تقل أهمية عن التّوقيع، لذلك أحرض دائمًا على الحضور إلى الاجتماع وأنت ترتدي بدلة رسمية متناسقة، ولا تنس رابطة العنق، وحاول أن تختار قصة شعر مناسبة، وساعة يد، مع وضع عطر خفيف... وسيكون حضورك لافتًا، وسيصغي لك الجميع وأنت تتكلم.
6. لا تفقد التركيز
لستَ الحاضر الوحيد في الإجتماع، لذلك فإنك قد تنساق أنت وبعض الحضور لحديث خارج عن الإطار المحدد لجدول الأعمال، وهذا يمثل فقدان التركيز، فلسبب ما وفي أغلب الاجتماعات نجد هناك شخصًا يسرد قصة أو يتناول حديثًا خارجًا تمامًا عن ما تم إعداده، والواقع أن كثرة الأحاديث الخارجية من شأنها أن تجر الجلسة وتبعدها عن الأهداف الرئيسية، وهذا ما يجعلك تفقد الوقت ويقطع حبل أفكارك.
لا نقول أن تناول حديث جانبي أمر ممنوع تمامًا في الاجتماع، ولكن يجب الحرص على عدم التعمق في الأحاديث الجانبية، ومسؤوليتك تكمن إما في منع حدوث ذلك أو الانتباه للحفاظ على الزخم الذي يسير عليه الاجتماع، والسبيل إلى ذلك يجب ألا يكون هجوميًا أو حادًا، بل يجب عليك أن تكون ذكيًا في كيفية استعادة جو الاجتماع، من خلال تناول الحديث عندما يتعمق المتكلم الآخر في سرده لقصة مثلًا، أو من خلال نقل الكلمة لشخص آخر ثم طرح سؤال يعيد الجميع للموضوع، لذلك احرص دائمًا على المحافظة على حبل الاجتماع سليمًا، لأنه إذا قُطع ستخسر أهدافك.
اقرأ أيضًا: فن التفويض الذكي: كيف تقود فريقك وتواجه أعباء العمل بفعالية؟
7. اجعل اجتماعاتك قصيرة
مما لا شك فيه أنه وبعد مرور نصف ساعة عن بداية الاجتماع ستلمس أن الانتباه قد بدأ في التّناقص عما كان عليه في البداية، إنه عامل الزّمن، فالحضور سيأخذون في فقدان التركيز شيئًا فشيئا، وهذا الأمر ليس له علاقة بتحقيق الأهداف من عدمه، إذ يحدث هذا التشتت بسبب معالجة كمية كبيرة من المعلومات في وقت واحد، لذلك من الطبيعي أن يحدث تشتت وفقدان للدقة بعد فترة معينة من الزمن.
وعليه فإن إجتماعك من الجيد أن يكون قصيرًا، لا نقول ربع ساعة، ولكن لا تجعله يتجاوز الساعة في أقصى الحالات، وإن طال على ذلك فبرمج خلاله استراحة قهوة مثلًا، وحاول قدر استطاعتك أن تدير الوقت بدقة حتى لا يتأثر اجتماعك بضيق الوقت.
اجعل منه شبه امتحان، فالامتحان يشبه الاجتماع في كونه مقيدًا بوقت ومنحصرًا في الإجابة عن أسئلة محددة، فإن فاتك الوقت أثر ذلك على نتيجتك بالسلب، وإن انتهيت قبل الوقت، فربما تكون إجابتك ناقصة؛ مدة الاجتماع مهمة للغاية، لذلك اهتم بهذه النقطة جيدًا.
8. المتابعة والرّقابة
عندما ينتهي الاجتماع فإنه لا يكون كذلك بالنّسبة لك، لأنك ستكون مجبرًا على متابعة ورقابة تنفيذ القرارات التي تم أخذها، والبتُّ في تطبيقها، ولا يكون الاجتماع ناجحًا عندما لا يتم تطبيق مخرجاته على أرض الواقع.
ويشكل بعض المديرين في المؤسسات الكبيرة لجان متابعة ومراقبة تسهر على تتبع تنفيذ القرارات الخاصة بالإجتماعات الدورية أو الخاصة، لأن الأهم ليس في كثرة الإجتماعات، وإنما في تنفيذ ما جاء فيها.
ومن ثم ستكون مضطرًا إذن لصياغة محضر اجتماعك وجعله علنيًا، حتى يكون الجميع في الصورة، لأنه لا يمكن للموظف أن يطبق قرارات لا يعلمها.
وتيقن أن نجاح اجتماعك مرهون بما تم إقراره والتوقيع عليه على تلك الطاولة، وأنه حتى عندما يكون الاجتماع قد مر بشكل ممتاز، فلن يكون كذلك بمجرد إسقاط نقطة واحدة مما تم الاتفاق عليه، فعنصر الرقابة والمتابعة، ضروري جدًا لتنفيذ أي عمل يتم التخطيط لتطبيقه.
