هل يسعى الجميع وراء السعادة؟ إجابة العلم قد تفاجئك
كشفت دراسة علمية حديثة أن السعي وراء أقصى قدر من "السعادة الشخصية" ليس طموحًا عالميًا للبشر، بل يُعد تفضيلاً ثقافيًا مميزًا للمجتمعات الغربية المتعلمة والصناعية والغنية والديمقراطية، والمعروفة اختصارًا باسم WEIRD.
أسباب السعي وراء السعادة
ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Perspectives on Psychological Science، لتعيد النظر في افتراضات علم النفس التقليدي التي تعتبر السعادة هدفًا عالميًا للجميع.
وقاد البحث كوبا كريس من الأكاديمية البولندية للعلوم بالتعاون مع فريق دولي ضم عشرات الباحثين حول العالم، في محاولة لمعالجة الانحياز السابق للأبحاث التي ركزت على مجتمعات أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية.
وجُمعت بيانات الدراسة من 13,546 مشاركًا في 61 دولة، شملت أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والشمالية.
واستخدم الباحثون استبيانات معيارية لتقييم مدى تقدير المشاركين للسعي وراء السعادة، حيث قيّموا موافقتهم على فكرة أن السعادة الهدف الأساسي في الحياة، ودرجة اعتقادهم بضرورة السعي لتحقيق المشاعر الإيجابية في كل لحظة.
كما حسب الباحثون مؤشر WEIRD لكل دولة، الذي يقيس مدى التشابه الثقافي مع الولايات المتحدة، من حيث الفردية والقيم الدينية والخبرة الديمقراطية.
وأظهرت النتائج نمطًا واضحًا أن الدول الأكثر تشابهًا مع الثقافة الغربية تمنح قيمة أعلى لتعظيم السعادة، حيث يُنظر إلى السعي وراء المشاعر الإيجابية كغاية أساسية للوجود.
في المقابل، أظهرت بيانات المشاركين من دول بعيدة ثقافيًا عن النموذج الغربي اهتمامًا أقل بتحقيق أقصى درجات السعادة، مع تفضيل قيم أخرى مثل الانسجام الاجتماعي، والواجب العائلي، والقدرة على تحمل المشاق.
ووفق الدراسة، يرى البعض في هذه الثقافات السعي المستمر وراء السعادة على أنه نوع من الأنانية أو تهديد للعلاقات الاجتماعية، بينما يُقدّر التوازن والسلام الداخلي أكثر من الإثارة الشخصية المستمرة.
وأكد الباحثون أن العلاقة بين السعي لتعظيم السعادة ومؤشر WEIRD ظلت قوية حتى بعد ضبط المتغيرات الأخرى مثل العمر والجنس، مما يشير إلى أن هذا التفضيل السلوكي ليس عالميًا، بل مرتبط بالتحديث الغربي.
وتسلط الدراسة الضوء على حدود تطبيق نماذج علم النفس الإيجابي الغربية على مجتمعات غير غربية، حيث قد يؤدي التركيز المفرط على السعادة إلى شعور الأفراد بالفشل الشخصي أو انخفاض الرفاهية.
كما تشير النتائج إلى أن تعريف "الحياة الطيبة" يختلف بشكل كبير بين الثقافات، داعية الباحثين إلى اعتماد منظور أكثر شمولية لفهم رفاهية الإنسان.
