هل تعود إنفلونزا الطيور مرة أخرى؟ خبيرة تحذر
حذّرت خبيرة في شؤون الأمن الصحي من أن العالم يتعامل باستخفاف مع خطر إنفلونزا الطيور، رغم المؤشرات المتزايدة على توسع انتشار الفيروس وانتقاله إلى أنواع جديدة من الثدييات، في وقت تعاني فيه أنظمة المراقبة الصحية العالمية من ضعف التمويل وتراجع الجاهزية، ما يهدد بتكرار أخطاء ما قبل جائحة «كوفيد-19».
وأشارت الباحثة نيكي إيكاني، الأستاذة المساعدة في الاستخبارات والأمن بجامعة لايدن وكلية كينغز لندن، والتي تتناول أبحاثها الإنذارات التي تسبق الكوارث الطبيعية، والحوادث الصناعية، إلى أن البشرية تميل إلى طي صفحة الجائحة السابقة دون استخلاص دروسها كاملة، محذّرة من أن هذا التجاهل قد يمهّد الطريق لكارثة صحية جديدة.
تصاعد انتشار إنفلونزا الطيور عالميًا
وقالت إيكاني إنه رغم أن احتمالات انتقال إنفلونزا الطيور بين البشر لا تزال منخفضة، فإن الفيروس لم يعد خطرًا نظريًا، إذ تُعد سلالات H5 شديدة الفتك بالطيور، حيث نفق نحو 9 ملايين طائر، فيما جرى إعدام مئات الملايين للحد من تفشي العدوى.
وأضافت "الأكثر إثارة للقلق هو توسع نطاق الإصابة ليشمل الثدييات، مع تسجيل حالات نفوق في ما لا يقل عن 74 نوعًا، من فقمات الفيل إلى الدببة القطبية".
وتابعت إيكاني "تُسهم مزارع الدواجن المكتظة في زيادة فرص تحوّر الفيروس وانتقاله بين الأنواع، إذ سُجلت إصابة أكثر من ألف قطيع من الأبقار الحلوب في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، كما رُصدت آثار وراثية للفيروس في الحليب، ما يفتح بابًا مقلقًا لانتقال العدوى".
أنظمة المراقبة على الإنفلونزا
وذكرت إيكاني أنه "شهدت أوروبا بدورها تصاعدًا ملحوظًا في انتشار إنفلونزا الطيور، حيث عُثر على 1,444 طائرًا بريًا مصابًا في 26 دولة خلال الفترة من سبتمبر إلى منتصف نوفمبر 2025، أي أربعة أضعاف العدد المسجل في العام السابق".
واستطردت "رغم ندرة الإصابات البشرية، إذ سُجل 992 إصابة مؤكدة بفيروس H5N1 عالميًا منذ عام 2003، إلا أن معدل الوفيات المرتفع، الذي يقترب من 50%، يثير مخاوف متزايدة، خاصة مع تسجيل 75 حالة في الأميركيتين منذ 2022، بينها أول وفاة بسلالة H5N5 في الولايات المتحدة خلال نوفمبر الماضي".
تحذّر إيكاني من أن المشكلة لا تكمن فقط في الفيروس، بل في تآكل أنظمة الإنذار المبكر، حيث جرى تقليص ميزانيات هيئات المراقبة الصحية، ما أدى إلى نقص الكوادر وتراجع كفاءة الاستجابة.
وفي الولايات المتحدة، واجهت مراكز السيطرة على الأمراض صعوبات بعد تباطؤ تبادل البيانات الجينية من وزارة الزراعة، ما أعاق تتبع تطور الفيروس وانتشاره. أما في بريطانيا، فقد أسهم نقص الأطباء البيطريين وتراجع التعاون الاستخباراتي الصحي الأوروبي في إضعاف قدرات الكشف المبكر.
ورغم تأكيد السلطات الصحية أن خطر تفشي إنفلونزا الطيور بين البشر لا يزال منخفضًا، فإن الخبراء يشددون على أن انخفاض الاحتمال لا يعني انعدامه.
ويكمن الخطر في أن البشر يفتقرون إلى مناعة مسبقة ضد سلالات H5، بخلاف الإنفلونزا الموسمية، إضافة إلى أن أوبئة الإنفلونزا تاريخيًا لم تقتصر على الفئات الضعيفة، بل حصدت أرواح البالغين الأصحاء أيضًا.
وتختتم الباحثة تحذيرها بالقول إن تجاهل إنفلونزا الطيور، في ظل أنظمة مراقبة ضعيفة وغير ممولة بشكل كافٍ، قد يعيد إنتاج نمط التحذيرات المتأخرة، حيث يأتي الإنذار بعد فوات الأوان، في وقت لا يستطيع فيه أحد الادعاء بأنه لم يكن على علم بالخطر.
