هل تنقذ شجرة الخروب مستقبل الشوكولاتة؟ اكتشاف علمي واعد
لم تعد الشوكولاتة مجرد متعة يومية، بل تحولت إلى إحدى ضحايا التغير المناخي، فخلال السنوات الأخيرة، تراجعت محاصيل الكاكاو بشكل حاد بسبب الجفاف، واضطراب الأمطار، وانتشار أمراض المحاصيل، خصوصاً في القارة الأفريقية، التي توفر النسبة الأكبر من إنتاج الكاكاو عالمياً.
ومع تقلص المعروض، قفزت الأسعار إلى مستويات قياسية، ما دفع شركات الشوكولاتة إلى تعديل وصفاتها، غالباً على حساب الطعم والقوام.
علماء يصنعون شوكولاتة من الخروب!
أمام هذه الأزمة المتفاقمة، اتجه العلماء للبحث عن بدائل لا تكتفي بسد النقص، بل تحافظ أيضاً على تجربة الشوكولاتة المألوفة، وهنا برزت شجرة الخروب كحل غير متوقع، بعد سنوات من إهمالها كمجرد منتج ثانوي في الصناعات الغذائية.
فريق بحثي من جامعة سنغافورة الوطنية توصل إلى طريقة مبتكرة لتحويل لبّ قرون الخروب، وهو ناتج ثانوي بعد استخراج صمغ الخروب، إلى مكوّن يشبه الكاكاو في الرائحة والطعم والسلوك أثناء التصنيع.
وأوضح الباحث الرئيسي مانفريد كو أن الاعتماد على محاصيل قوية وقادرة على تحمل الظروف المناخية القاسية، مثل الخروب، قد يساعد صناعة الشوكولاتة على التكيف مع التحديات البيئية دون التضحية برضا المستهلك.
واعتمدت الدراسة على عمليتين إنزيميتين لمعالجة أبرز نقاط ضعف الخروب من حيث النكهة، في المرحلة الأولى، عالج الباحثون بروتين الصويا بإنزيم غذائي خاص، ثم خلطوه مع لبّ الخروب قبل التحميص.
وخلال التحميص، تفاعلت مكونات البروتين مع السكريات الطبيعية في الخروب، منتجة مركبات عطرية قريبة جداً من رائحة الكاكاو المحمص، مع زيادة خفيفة في المرارة وتقليل النكهة الفاكهية التي تميز الخروب عادة.
أما المرحلة الثانية، فركزت على تحسين الحلاوة والنعومة، حيث استُخدم إنزيم آخر لتحفيز تكوين سكريات بسيطة أثناء التسخين.
ومع التحميص، تحولت هذه السكريات إلى مركبات كراميلية منحت المنتج طعماً أكثر توازناً وقرباً من الشوكولاتة الداكنة.
وبعد ذلك، جرى طحن الخروب ومعالجته بطرق مشابهة لتصنيع الشوكولاتة التقليدية، ما أثبت إمكانية دمجه في خطوط الإنتاج الحالية.
الاحتباس الحراري يهدد الشوكولاتة
تأتي هذه النتائج في توقيت حرج، إذ شهد مزارعو الكاكاو أحد أسوأ المواسم خلال عامي 2023 و2024، ما انعكس مباشرة على أسعار المنتجات وجودتها.
في المقابل، يتمتع الخروب بعدة مزايا، فهو خالٍ من الكافيين، أقل مرارة، غني بمركبات مفيدة مثل "دي-بينيتول” المرتبط بتنظيم السكر في الدم، والأهم أنه ينمو في البيئات الجافة ويتحمل الجفاف، بعكس شجرة الكاكاو الحساسة للمناخ.
ويرى الباحث ليو شاو-كوان، الأستاذ المساعد في جامعة سنغافورة الوطنية، أن هذا الابتكار يستهدف سوقاً واعدة لا تزال في بداياتها، وقد يشكل مستقبلاً أحد أعمدة صناعة الشوكولاتة البديلة.
كما أن استخدام لبّ الخروب، باعتباره منتجاً ثانوياً، يقلل الهدر ويخفض التكاليف، ما يجعله خياراً اقتصادياً وبيئياً في آن واحد.
ويخطط الفريق البحثي مستقبلاً لتحسين النكهة بشكل أكبر، واختبار تقبّل المستهلكين، ودراسة إمكانيات التوسع الصناعي.
