دراسة حديثة تغيّر المفاهيم السابقة حول لحظة الوقوع في النوم
أشارت الأبحاث العلمية السابقة إلى أن الدماغ يمر بمرحلة انتقال تدريجي من اليقظة إلى النوم، تتخللها تغييرات جسدية مثل انخفاض ضربات القلب، وبطء التنفس، وارتخاء العضلات، وانخفاض درجة حرارة الجسم.
لكنّ دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Neuroscience كشفت أن هذا التصور لم يكن دقيقًا؛ إذ بيّنت أن الدخول في النوم يحدث بطريقة مختلفة تمامًا، تقلب الفهم التقليدي لهذه العملية رأسًا على عقب.
ووجد الباحثون أن النوم لا يحدث بشكل تدريجي، بل عند "نقطة تحول" مفاجئة، أشبه بالقفز من على حافة جرف؛ إذ تمثّل هذه اللحظة وقوع الدماغ في مرحلة النوم بشكل كامل، ما يتيح للعلماء التنبؤ بدقة بالوقت الذي ينام فيه الشخص.
واعتمد الباحثون على تسجيلات EEG من أكثر من 1,000 متطوع، وحولوا النشاط الكهربائي للدماغ إلى نموذج هندسي يوضح "المسافة إلى النوم".
وأظهرت النتائج أن النشاط الدماغي يبقى مستقرًا بعد إغلاق العينين، ثم يبدأ في الانخفاض تدريجيًا.
لكن قبل النوم مباشرة، يحدث هبوط حاد ومفاجئ في النشاط، وهو ما أطلق عليه العلماء "نقطة التحول".
وقدّر الفريق أن متوسط الوقت بين هذه النقطة والدخول في النوم يبلغ نحو أربع دقائق ونصف.
ويوضّح هذا الاكتشاف أن النوم ليس رحلة بطيئة، بل انتقال سريع بمجرد تجاوز الدماغ هذه العتبة.
اقرأ أيضًا: هل ممارسة الرياضة قبل النوم مضرة حقًا؟ خبراء يوضحون الحقيقة
التنبؤ بالنوم بدقة عالية
ولاختبار النموذج عمليًا؛ دعا الباحثون 36 شخصًا للنوم في المختبر لعدة ليالٍ؛ وبناءً على بيانات ليلة واحدة فقط، تمكنوا من التنبؤ بلحظة نوم كل فرد في الليالي التالية بدقة وصلت إلى 95%.
وكان متوسط الفارق الزمني بين نقطة التحول والنوم نحو أربع دقائق ونصف، مع هامش خطأ لا يتجاوز 49 ثانية.
وقد تغيّر هذه القدرة على التنبؤ طريقة عمل تطبيقات تتبع النوم، التي غالبًا ما تخطئ في تحديد اللحظة الدقيقة للانتقال من اليقظة إلى النوم.
وأوضح الباحثون أن هذا النموذج الجديد يمكن أن يساعد في تطوير تقنيات للكشف عن النعاس أثناء القيادة، أو في ابتكار استراتيجيات علاجية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم مثل الأرق أو النوم القهري.
وكما أن تحديد "نقطة التحول" بدقة قد يؤدي إلى إعادة تعريف بعض اضطرابات النوم التي تعتمد حاليًا على معايير أقل دقة في التشخيص؛ إلا أنّ الفريق البحثي أشار إلى أن المنطقة المسؤولة عن معالجة المعلومات البصرية في الدماغ، وهي القشرة القذالية، قد تكون عاملاً رئيسيًا في تحديد توقيت هذه النقطة، حيث تنطفئ أنشطتها قبل مناطق أخرى مثل القشرة الأمامية المسؤولة عن الحركة واتخاذ القرار.
