بفضل "حلقة أينشتاين": اكتشاف النجوم التي أنارت الكون للمرة الأولى
ربما يكون تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) قد حقق أحد أهم إنجازاته منذ إطلاقه، إذ رصد ما يُعتقد أنه الجيل الثالث من النجوم، وهي أول نجومٍ وُلدت بعد الانفجار العظيم قبل نحو 13.8 مليار سنة.
وبحسب دراسة نُشرت في مجلة The Astrophysical Journal Letters، اكتشف العلماء باستخدام التلسكوب عنقودًا نجميًا بعيدًا يُسمى LAP1-B، يبعد عن الأرض حوالي 13 مليار سنة ضوئية، وتشير التحليلات إلى أن هذا العنقود قد يضم نجوم الجيل الثالث، التي طال انتظار اكتشافها منذ عقود.
اقرأ أيضا: تلسكوب جيمس ويب يكشف وجود حياة في مجرة أخرى
تقول النظرية إن هذه النجوم، المعروفة أحيانًا باسم النجوم المظلمة، تشكلت من الهيدروجين والهيليوم والمادة المظلمة فقط، دون أي معادن أثقل، مما جعلها عملاقة وساطعة للغاية، بكتلة تصل إلى مليون ضعف كتلة الشمس، وسطوعٍ يفوقها بمليار مرة.
قاد الدراسة البروفيسور إيلي فيسبال من جامعة توليدو في أوهايو، الذي أوضح أن الفريق استخدم بيانات الأطياف لرصد الفوتونات عالية الطاقة الصادرة عن هذه النجوم، وهي علامة مميزة لنجوم الجيل الأول.
كما أظهرت التحليلات أن النجوم المكتشفة ضخمة، تُقدر كتلة كل منها بحوالي 100 كتلة شمسية، وتتوافق خصائصها مع النماذج النظرية لنجوم الجيل الثالث.
وقال فيسبال: "إذا تأكدت نتائجنا، فقد يكون هذا أول اكتشاف فعلي للنجوم البدائية التي وُلدت في فجر الكون".

كيف ساعدت "حلقة أينشتاين" في الكشف؟
ما جعل هذا الاكتشاف ممكنًا هو ظاهرة عدسة الجاذبية، التي تنبأ بها ألبرت أينشتاين قبل أكثر من قرن، فعندما يمر ضوء مجرة بعيدة خلف جسم ضخم مثل عنقود مجري، ينحني الضوء بفعل جاذبية الكتلة الأمامية، مما يُضخّم صورة الجسم البعيد.
في هذه الحالة، أصبح عنقود LAP1-B مرئيًا بفضل مرور عنقود مجرات أقرب يُعرف باسم MACS J0416 أمامه، ما أدى إلى تضخيم ضوئه في ما يُعرف بـ"حلقة أينشتاين".
يُتيح هذا الاكتشاف للعلماء لمحةً نادرة عن المراحل الأولى لتشكّل المجرات الأولى، إذ يُعتقد أن نجوم الجيل الثالث وُلدت داخل هياكل صغيرة من المادة المظلمة، كانت بمثابة اللبنات الأولى لتكوين المجرات الأكبر التي نراها اليوم.
وقال فيسبال: "هذه النجوم تُخبرنا كيف بدأت المجرات في التكوّن وكيف لوّثت المعادن الأولى الغاز البدائي النقي المكوّن من الهيدروجين والهيليوم".
يُذكر أن تلسكوب جيمس ويب كان قد رصد في دراسات سابقة نجومًا يُحتمل أن تكون من الجيل الثالث في مجرة GN-z11، التي تشكلت بعد 430 مليون سنة فقط من نشأة الكون، إلا أن الاكتشاف الجديد يُعدّ الأول الذي يستوفي كل الشروط النظرية لنجوم الجيل الثالث من حيث البيئة منخفضة المعادن، وتوزيع الكتل، وطبيعة التجمع النجمي.
ومع استمرار تحليل البيانات، يأمل العلماء أن يُقدّم تلسكوب جيمس ويب نظرة أوضح إلى فجر الكون، عندما أضاءت النجوم الأولى ظلام الفضاء للمرة الأولى.
