هل يمكن للدماغ مقاومة الشيخوخة؟ دراسة تقدم طرقًا للحفاظ على الذاكرة طوال الحياة
كشفت دراسة علمية حديثة أن الحفاظ على قوة الذاكرة مع التقدم في العمر ليس حلمًا بعيد المنال، بل يمكن تحقيقه من خلال بناء ما يُعرف بالاحتياطي المعرفي، وهو قدرة الدماغ على مقاومة آثار الشيخوخة أو الأمراض العصبية من دون أن يفقد كفاءته.
وتشير الدراسة المنشورة في مجلة Lancet، إلى أن نحو 45% من حالات الخرف يمكن الوقاية منها أو تأخيرها عبر معالجة 14 عامل خطر، من أبرزها قلة النشاط البدني، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية، إضافة إلى انخفاض مستوى التعليم.
ويُعد التعليم والانخراط في أنشطة فكرية محفزة من أهم الوسائل لبناء هذا الاحتياطي، لأنه يُسهم في تطوير شبكات عصبية فعالة في الدماغ.
ومع ذلك، لم يعد العلماء يرون أن الاحتياطي المعرفي يقتصر على سنوات الدراسة المبكرة، بل يمكن بناؤه وتعزيزه في أي عمر من خلال التعلم المستمر، والتفاعل الاجتماعي ، وممارسة أنشطة معرفية متنوعة مثل العزف على آلة موسيقية، أو لعب الشطرنج، أو التطوع في مهام تتطلب التفكير وحل المشكلات.
وتؤكد الدراسات الحديثة أن الدماغ يحتفظ بقدرته على التكيّف طيلة الحياة، ففي أبحاث أُجريت في جامعة كيبيك، تبين أن تعلم استراتيجيات الذاكرة مثل "نظرية الأماكن” التي تربط المعلومات بأماكن مألوفة، و"التصوّر الذهني" الذي يحول الأفكار إلى صور لتثبيتها، يؤدي إلى تغييرات فعلية في نشاط الدماغ.
اقرأ أيضًا: احذر.. أطعمة شائعة قد تسرع الشيخوخة البيولوجية
كما أظهرت النتائج أن الأشخاص ذوي التعليم الأعلى ينشطون مناطق دماغية محددة بفاعلية أكبر أثناء التعلم والاستذكار، ما يشير إلى أن الدماغ يُطوّر أساليب أكثر كفاءة لمعالجة المعلومات بمرور الوقت.
ويؤكد العلماء أن الاحتياطي المعرفي ليس صفة يولد بها الإنسان، بل يُبنى بمرور الوقت عبر التجارب والتعلم والتفاعل الاجتماعي، فكل نشاط معرفي جديد مهما بدا بسيطًا يساهم في تقوية شبكات الدماغ ويمنحه مرونة أكبر لمواجهة آثار الشيخوخة.
وبفضل التقدم العلمي، أصبح بالإمكان تبني استراتيجيات واقعية للحفاظ على صحة الدماغ، أبرزها التعليم المستمر، التواصل الاجتماعي، والانخراط في أنشطة ممتعة ومحفزة للذهن، لتصبح الشيخوخة مرحلة نضج ذهني لا انحدار إدراكي.
