حادثة غريبة في متحف تايواني: تنظيف قطعة فنية يُثير جدلاً ثقافيًا معقدًا
شهد متحف كيلونغ للفنون (Keelung Museum of Art) في تايوان حادثة غير متوقعة، أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الثقافية، بعدما أقدم متطوع على تنظيف عمل فني معاصر، ظنًا منه أنه مرآة مغبّرة، ليسبب بذلك تلفًا دائمًا في القطعة الفنية التي تحمل رمزية عميقة.
اقرأ أيضًا: لوحة فهود هندية كلاسيكية تُباع بمزاد عالمي بـ13.6 مليون دولار
العمل المتضرر من إبداع الفنان التايواني "تشن سونغ تشيه"، وكان جزءًا من معرض We Are Me، الذي يضم أعمالًا فنية مصنوعة من مواد بناء وأدوات منزلية، تعكس تجربة الإنسان في تلاقي الذاكرة والتحول الزمني.
القطعة عبارة عن لوحة خشبية تتوسطها مرآة مغطاة بطبقة غبار تراكمت على مدى أربعة عقود، واحتوت على لطخة في المنتصف ترمز إلى الوعي الثقافي للطبقة الوسطى في المجتمع التايواني.
تأثير سوء الفهم على الأعمال الفنية
المتطوع، وهو من المشاركين في إدارة قاعة العرض، رأى أن المرآة متسخة وغير مناسبة للعرض، فقرر مسحها مستخدمًا ورق الحمام دون أن يدرك أنها عمل فني.
وخلال دقائق، كانت طبقة الغبار الرمزية التي كوّنت جزءًا أساسيًا من التكوين الفني قد أزيلت بالكامل تقريبًا، إلى أن تدخّل موظفو المتحف لإيقافه.
ومع أن فريق الصيانة حاول استعادة الحالة الأصلية للعمل، فإن الضرر الذي لحق بالسطح انعكس على فكرة العمل التي ترتبط بمفهوم الزمن والزوال.
وأصدرت إدارة الثقافة والسياحة في مدينة كيلونغ بيانًا رسميًا اعتذرت فيه للفنان تشن سونغ تشيه، مؤكدة أن ما حدث كان نتيجة "سوء فهم غير مقصود" من جانب المتطوع، وأنها ستراجع آلية إشرافها على المتعاونين داخل المتحف لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث.
الفنان تشن سونغ تشيه أعرب عن حزنه الشديد لما وقع من تلف، موضحًا أن القطعة لم تكن مجرد "مرآة مغطاة بالغبار"، بل تمثل جزءًا من سلسلة فنية تبحث في مفهوم الذاكرة، حيث يجسد الغبار رمزًا للزمن واستمرارية التفاصيل في الحياة اليومية.
واعتبر تشيه أن الخطأ أدى إلى "طمس قسري" للبعد الزمني الذي سعى إلى تجسيده بصريًا عبر العمل الفني.
وعلى الرغم من الأسف الذي أبداه الفنان، اعتبر عدد من النقاد أن ما حدث يشكل امتدادًا رمزيًا جديدًا للمفهوم الأصلي للعمل، إذ تحولت عملية التنظيف غير المقصودة إلى تعبير فني قائم بذاته، يجسد التفاعل المعقد بين الإنسان والزمن ومفهوم الطهارة والتلف، مما جعل الواقعة مادة جاذبة للنقاش الفني والثقافي على نطاق واسع.
أما قانونيًا، فأوضح المحامي تساي شيا هاو أن مسح الغبار عن قطعة فنية لا يُعد في القانون التايواني "تلفًا ماديًا مباشرًا"، ما قد يقيّد قدرة الفنان على المطالبة بتعويض مالي.
وأضاف أن هذه الحالة تفتح بابًا قانونيًا حول ضرورة تعريف الأضرار الفنية بشكل أكثر دقة في التشريعات الثقافية.
