بكتيريا مبرمجة وراثيًا تعيد تعريف مستقبل مكافحة السرطان
كشف باحثون من معهد جنوب أستراليا للبحوث الصحية والطبية (SAHMRI)، بقيادة جوزفين رايت وسوزان وودز، عن مشروع بحثي يسعى إلى توظيف البكتيريا المعدلة وراثيًا كأداة مبتكرة في علاج السرطان.
الدراسة، التي نُشرت في موقع The Conversation في 9 نوفمبر 2025، توضح كيف يمكن إعادة برمجة بعض أنواع البكتيريا لتهاجم الخلايا السرطانية بدقة، ثم تُدمّر نفسها تلقائيًا بعد أداء مهمتها دون ترك أي أثر داخل الجسم.
ويهدف هذا التوجه العلمي إلى تجاوز القيود التي تواجهها العلاجات التقليدية، مثل العلاج الكيميائي والمناعي، والتي قد تفشل في الوصول إلى الأورام الصلبة، أو تواجه مقاومة من الخلايا السرطانية.
ويرى الباحثون أن بعض أنواع البكتيريا، مثل الليستيريا المستوحدة (Listeria monocytogenes)، تمتلك قدرة طبيعية على النمو داخل الأورام الصلبة، بفضل بيئتها منخفضة الأكسجين، مما يجعلها وسيلة مثالية لتوصيل الدواء مباشرة إلى الخلايا المصابة.
اقرأ أيضًا: تأثير مفاجئ قد يعزز فرص النجاة.. هل يحارب لقاح كورونا السرطان؟
ولم تكن هذه الفكرة وليدة اللحظة؛ فقبل أكثر من قرن لاحظ الأطباء أن بعض مرضى السرطان الذين أُصيبوا بعدوى بكتيرية شهدوا تراجعًا مفاجئًا في حجم الأورام.
واليوم، يسعى العلماء لفهم هذه الظاهرة وتطبيقها عبر تقنيات الهندسة الوراثية، لتحويل البكتيريا إلى ما يُعرف بـ"الأدوية الحية”.
وتشير البيانات الحديثة إلى أن أكثر من 500 ورقة بحثية و70 تجربة سريرية و24 شركة ناشئة حول العالم، تعمل على تطوير علاجات قائمة على البكتيريا.
وتستهدف معظم هذه الأبحاث سرطانات البنكرياس والرئة والرأس والعنق، وهي أنواع تُعرف بمقاومتها العالية للعلاج، كما تُستخدم بكتيريا مثل المتفطرة البقرية بالفعل في علاج سرطان المثانة بنجاح، ما يعزز الأمل في فعالية هذا النهج الجديد.
اقرأ أيضَا: لماذا ترتفع وفيات السرطان بين الرجال؟دراسة تجيب
ويأمل الفريق البحثي أن تمهد هذه الجهود الطريق نحو جيل جديد من العلاجات الموجهة، القادرة على اكتشاف الورم، تدميره من الداخل، ثم الاختفاء دون ضرر، لتفتح آفاقًا واعدة أمام طب المستقبل في مكافحة السرطان.
