هل يخفف الإنترنت قلق الموت؟
كشفت دراسة حديثة أن القلق المرتبط بالعلاقات والعزلة والخوف من الموت، جميعها عوامل مترابطة تسهم في الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، ما ينعكس على الصحة النفسية والعلاقات الإنسانية.
وأوضح فريق بحثي بقيادة أليساندرو موسيتي من إحدى الجامعات الإيطالية أن القلق الارتباطي، الناتج عن الخوف من الرفض والحاجة الدائمة للقرب العاطفي، يدفع الأفراد إلى البحث عن أشكال بديلة من الطمأنينة عبر العالم الرقمي.
وكشفت النتائج التي نُشرت في مجلة "دِث ستاديز" أن الخوف من الهجر أو تراجع مشاعر الحب يجعلهم أكثر اعتمادًا على التفاعل وردود الأفعال في منصات التواصل الاجتماعي.
ويشرح علماء النفس أن هذا النوع من القلق يتشكل منذ الطفولة نتيجة الرعاية غير المستقرة أو المتناقضة من الوالدين، مما يولد خوفًا مزمنًا من الفقد ويؤدي لاحقًا إلى علاقات مرهقة وغير مستقرة في مرحلة البلوغ.
تأثير العزلة على السلوك الرقمي

اعتمدت الدراسة على استبيانات شارك فيها 799 بالغًا بمتوسط عمر 32 عامًا، تناولت مستويات القلق الارتباطي، والشعور بالوحدة، والقلق من الموت، ومدى انغماس المشاركين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وأظهرت النتائج أن الأفراد الذين يعانون من قلق أعلى في العلاقات، يميلون أيضًا إلى الشعور بوحدة أكبر وخوف أعمق من الموت، ما يزيد من احتمالية استخدامهم المفرط للمواقع الرقمية.
ويشير الباحثون إلى أن "نظرية إدارة الرعب" تفسر هذا السلوك، إذ يلجأ البعض إلى بناء حضور رقمي دائم بحثًا عن ما يشبه "الخلود الرمزي"، أي الشعور بالاستمرارية من خلال العالم الرقمي بعد موتهم.
وأظهرت النماذج الإحصائية للدراسة أن شكلي الوحدة، الانعزال الاجتماعي وتفكك العلاقات، يلعبان دور الوسيط بين القلق الارتباطي والإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
فالأفراد الذين يعانون ضعف الارتباط العاطفي يشعرون بخوف أشد من الموت، ما يدفعهم إلى الغرق في العالم الرقمي بحثًا عن تعويض نفسي وشعور بالانتماء.
واختتم الباحثون بأن هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية التدخلات النفسية التي تستهدف معالجة القلق المرتبط بالعلاقات، وتقوية الروابط الاجتماعية الواقعية، والحد من المخاوف الوجودية، لمواجهة الاستخدام المفرط وغير الصحي لوسائل التواصل الاجتماعي.
