الجاذبية الجسدية ليست دائمًا ورقة رابحة في سوق العمل!
أظهرت دراسة علمية حديثة أن الجاذبية الجسدية لمقدمي الخدمات ليست بالضرورة ميزة تنافسية دائمة، بل يمكن أن تتحول إلى عبء في بعض الحالات.
فقد جمع الباحثان جولدار لينجيو شيفور من جامعة ميسيسيبي وإيليس شيفور من جامعة ولاية كينيساو نتائج أكثر من 50 عامًا من الأبحاث شملت 41 ألف مشارك، لتقديم تحليل شامل حول العلاقة بين مظهر الموظفين وتقييم العملاء في قطاعات الخدمات المختلفة.
ورغم أن التحليل أكد وجود تأثير إيجابي "معتدل" للجاذبية على رضا العملاء، إلا أن نتائجه أظهرت أيضًا تباينًا كبيرًا، حيث قد يتحول الجمال إلى عامل سلبي عندما يفشل التفاعل أو تتراجع جودة الخدمة. تقول جولدار شيفور: “كنا نحاول فهم مدى عمومية تأثير الجاذبية، ليس على الأداء الفعلي، بل على طريقة تقييم الناس للموظف”.
هل الموظفون الجذابون دائمًا الأفضل؟
كشفت الدراسة أن العملاء يميلون إلى افتراض أن الأشخاص الجذابين أكثر كفاءة وجديرين بالثقة، مما يرفع تقييماتهم عند نجاح التجربة، لكنه يؤدي إلى خيبة أمل أكبر عند حدوث خطأ، نظرًا لتوقعاتهم العالية.
وأوضحت شيفور أن هذا “العقاب الجمالي” قد يجعل الموظفين الجذابين يدفعون ثمن التوقعات المبالغ فيها.

وأظهرت النتائج أيضًا أن شكل الجسم والمظهر العام كان له تأثير أقوى من ملامح الوجه في تحديد الانطباع عن الجاذبية. كما تبين أن الرجال يتأثر تقييمهم بالجمال أكثر من النساء، في مفاجأة تخالف الافتراض الشائع بأن النساء أكثر تعرضًا للأحكام القائمة على المظهر. تقول إليس شيفور: “توقعنا أن تكون النساء أكثر عرضة للتحيز، لكن وجدنا أن تقييمات الرجال تعتمد بدرجة أكبر على جاذبيتهم الجسدية”.
وبيّن البحث أن التفاعل وجهًا لوجه يعزز تأثير المظهر أكثر من التفاعلات الافتراضية، وأن الثقافات الشرقية أكثر حساسية للجمال مقارنة بالغربية. كما تضعف هذه التحيزات عند التعامل مع روبوتات أو وكلاء ذكاء اصطناعي، مما يُشير إلى أن التحول الرقمي قد يُقلل من أثر “التحيز للجمال”.
هل الجاذبية تُحسن الاستجابات العاطفية للعملاء؟
ورغم أن الجاذبية تُحسن الاستجابات العاطفية للعملاء، فإنها لا تُترجم بالضرورة إلى أداء مبيعاتٍ أعلى أو ولاءٍ أكبر. بل وجدت الدراسة أن الجمال قد يفاقم التقييمات السلبية في حال فشل الخدمة.
اقرأ أيضا: المؤثرون الافتراضيون.. بين وهم الجمال وخطر الاكتئاب والوحدة
ويحذر الباحثان من أن الاعتماد على المظهر في قرارات التوظيف أو الترقيات قد يُسهم في تمييز غير مقصود يصعب قياسه أو إثباته قانونيًا. ومع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في تقييم أداء الموظفين، يقترح الباحثون الاستفادة من التقنيات الحديثة لتقليل هذه الانحيازات.
وفي ختام الدراسة، دعا الباحثان المؤسسات إلى إعادة تعريف مفهوم الكفاءة بعيدًا عن المظهر، والتركيز على المهارات والسلوكيات المهنية التي تُعزز ثقة العملاء واستدامة الخدمة.
