الحياة خارج الأرض: هل نرصد إشارات حضارات فضائية دون أن نعلم؟
قدّمت دراسة علمية جديدة تصورًا مختلفًا للبحث عن الحياة الذكية في الكون، حيث اقترح عالم الفلك براين لاكي من مشروع Breakthrough Listen التابع لمبادرة SETI أن إشارات الحضارات الفضائية المتقدمة ربما تكون موجودة بالفعل ضمن الموجات الراديوية التي تسجلها التلسكوبات، لكنها تُفسَّر خطأ على أنها ظواهر طبيعية.
ونشر لاكي ثلاث دراسات متتالية في موقع arXiv العلمي، قدّم فيها فرضية جديدة تشير إلى أن المجرات الساطعة راديويًا — التي تُصدر مستويات مرتفعة من الإشعاع الراديوي — قد تكون في الواقع دليلًا على وجود حضارات ذكية تمتلك تقنيات بث واسعة النطاق تعمل منذ آلاف أو حتى ملايين السنين.
ويُوضح لاكي أن الإشعاعات الراديوية الكونية التي تُسجَّل عادة على أنها ناتجة عن ثقوب سوداء فائقة الكتلة أو انفجارات نجمية هائلة قد تحمل تفسيرًا آخر أكثر إثارة، إذ يُرجّح أن يكون بعض هذا الوميض نتيجة تراكب ملايين الإشارات الاصطناعية المنبعثة من عوالم مأهولة داخل تلك المجرات، ما يجعلها تبدو للوهلة الأولى كظواهر طبيعية تمامًا.
اقرأ أيضا: وداعًا لاحتكار ناسا.. المليارديرات يؤسسون عصر المحطات الفضائية الخاصة
وأوضح الباحث في مقابلة مع Universe Today أن التحدي الرئيس يتمثل في التمييز بين الإشارات الطبيعية وتلك الصناعية، مؤكدًا أن إشارات الحضارات المتقدمة "قد تبدو جزءًا من الخلفية الراديوية نفسها، بحيث لا يمكن تمييزها إلا من خلال تحليل طيفي دقيق للغاية".
هل تصلنا إشارات من حضارات فضائية؟
يرى لاكي أن مشروع Breakthrough Listen، الذي انطلق عام 2016 لإجراء أوسع مسح راديوي للكون في التاريخ، بحاجة إلى توسيع نطاق تحليله ليشمل المجرات الساطعة بأكملها بدلًا من التركيز على النجوم القريبة فقط، موضحًا أن مؤشرات وجود حضارة متقدمة قد لا تكون محصورة في كوكب واحد، بل تظهر كنشاط جماعي على مستوى مجرة كاملة.
وتقترح دراساته أن واحدة من كل مئة مجرة كبيرة قد تحتوي على نشاط تكنولوجي متطور بما يكفي ليضيف نحو 0.3% من السطوع الراديوي الإجمالي للمجرة، وهو مقدار كفيل بجعلها غير قابلة للتمييز عن الخلفية الكونية دون أدوات تحليل متقدمة.
ويستند هذا المنهج إلى فرضية أن إشارات الحضارات القديمة قد تلاشت قوتها بمرور الزمن حتى اندمجت في «ضوضاء» الكون التي نسجلها اليوم، ما يجعلها مرئية دائمًا لكن غير مفهومة.
ويعتبر العلماء أن هذه الدراسة تشكّل منعطفًا مهمًا في أساليب البحث عن الذكاء خارج الأرض، إذ تدعو إلى إعادة تقييم الظواهر الكونية التي طالما صُنّفت بوصفها طبيعية أو عشوائية، والنظر إليها كـ احتمالات حضارية محتملة تستوجب إجراء تحليل طيفي متعمق ودقيق للكشف عن طبيعتها الحقيقية.
وتشير النتائج إلى ضرورة دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تحليل البيانات الراديوية لاستخلاص الأنماط التي لا يمكن للبشر اكتشافها يدويًا، خصوصًا في ظل الكم الهائل من الإشارات التي ترصدها التلسكوبات الحديثة يوميًا.
وتقول كيت هاولز من جمعية الكواكب (Planetary Society) إن الدراسة تطرح منظورًا علميًا جريئًا يعيد تعريف مفهوم الصمت الكوني، موضحةً أن "عدم سماعنا لإشارات لا يعني أنها غير موجودة، بل ربما كنا نغرق فيها منذ زمن دون أن ندرك".
وتتوقع هاولز أن تُغيّر هذه الفرضية طريقة توجيه الأبحاث الفلكية خلال العقد المقبل، بحيث تُركّز على تحليل الضجيج الراديوي الكوني بدلًا من البحث عن إشارات منفصلة أو متقطعة.
