التعدين في أعماق البحار يهدد كنزعمره مليار عام
تهدد عمليات التعدين في أعماق البحار كنزًا جيولوجيًا نادرًا عمره أكثر من مليار عام، يقع في منطقة كلاريون–كليبرتون (Clarion–Clipperton Zone) بين هاواي والمكسيك، ويمتد على مساحة تزيد عن 500 ألف ميل مربع. هذا الكنز ليس ذهبًا ولا ماسًا، بل عقيدات معدنية مستديرة تُعرف باسم "العقيدات متعددة المعادن"، تحتوي على مزيج ثمين من الكوبالت والنيكل والنحاس والمنغنيز — وهي عناصر أساسية لتشغيل البطاريات والسيارات الكهربائية وشبكات الطاقة النظيفة.
وتشير التقديرات إلى أن قاع هذه المنطقة يضم نحو 21 مليار طن من هذه العقيدات، التي تتكوّن ببطء شديد على مدى ملايين السنين حول نواة صغيرة مثل سن سمكة قرش أو صخرة دقيقة، ما يجعلها موردًا استراتيجيًا قد يُغيّر مستقبل الطاقة العالمي.
اقرأ أيضًا: في يوم الأوزون العالمي.. المملكة تعزز الاستدامة البيئية
التعدين البحري يهدد الحياة في قاع المحيط
ورغم القيمة الاقتصادية الهائلة لهذه المعادن، يحذر العلماء من أن آلات التعدين العملاقة قد تُطلق كوارث بيئية لا يمكن عكسها، إذ تمثل هذه العقيدات أساس الحياة في قاع المحيط، وتلتصق بها شعاب أعماق البحار، والإسفنج، وشقائق النعمان. ووفق دراسة نُشرت في مجلة Frontiers in Marine Science، فإن نحو 90% من الكائنات المكتشفة في منطقة كلاريون–كليبرتون جديدة تمامًا على العلم، ما يزيد من أهمية حماية هذه الأنظمة البيئية.
ويخشى الباحثون من أن عمليات الجرف ستُطلق سحبًا من الرواسب تمتد عبر مئات الأميال، تخنق الحياة البحرية وتُدمر أنظمة تطورت على مدى ملايين السنين.
في المقابل، يزداد الضغط العالمي للتنقيب، إذ تشير بيانات البنك الدولي إلى أن الطلب على معادن البطاريات سيزداد بنسبة 500% بحلول عام 2050، لدعم التحول نحو الطاقة المتجددة. ومع محدودية الموارد الأرضية وتزايد النزاعات حولها، ترى بعض الدول والشركات في قاع البحر فرصة استراتيجية لتأمين إمدادات المعادن المستقبلية.
اقرأ أيضًا: تطور مذهل في الأيدي الروبوتية يفتح آفاقًا جديدة للجراحة والفضاء والصناعة (فيديو)
لكن المعضلة القانونية لا تقل تعقيدًا، فالهيئة الدولية لقاع البحار (ISA)، الجهة الأممية المسؤولة عن تنظيم التعدين في المياه الدولية، لم تضع بعد قانونًا نهائيًا يوازن بين الاستغلال والحماية. ومع ذلك، تسعى دول صغيرة مثل ناورو إلى تسريع الإجراءات، مما أثار مخاوف من اندفاع غير منضبط نحو التعدين قبل اكتمال الدراسات البيئية.
يسعى العلماء لتوثيق الحياة المجهولة في أعماق تلك المناطق قبل فوات الأوان، مؤكدين أن الكائنات الدقيقة في تلك البيئات قد تحمل أسرارًا وتكنولوجية لا تُقدّر بثمن، وفقًا للباحث لي رافي.
