من أمريكا إلى إفريقيا: كيف يختلف الفارق العمري في العلاقات حول العالم؟
شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بدراسة العلاقات ذات الفارق العمري بين الشركاء، حيث أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الأكبر سنًا يميلون إلى اختيار شريك أصغر سنًا عند بدء علاقة جديدة، ويبدو أن هذه الظاهرة أكثر وضوحًا عند الرجال مقارنة بالنساء. كما أظهرت الدراسات أن الشريك الأكبر غالبًا ما يكون أكثر رضا وسعادة داخل العلاقة مقارنة بالشريك الأصغر، خصوصًا إذا كان الرجل هو الأكبر سنًا، ما يشير إلى تأثير نفسي اجتماعي يعزز شعور الاستقرار والثقة بالنفس عند الشريك الأكبر.
اقرأ أيضًا: دراسة جديدة تعيد رسم معايير الاختيار العاطفي بين الرجل والمرأة
أجاب على سؤال متوسط الفارق العمري دراسة دولية واسعة نشرت في مجلة Population Studies عام 2022، بعنوان “Measuring age differences among different-sex couples: Across religions and 130 countries, men are older than their female partners”. استخدمت الدراسة بيانات من 130 دولة حول العالم لتحليل الفروق العمرية في العلاقات بين الجنسين، مع التركيز على التأثيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
متوسط الفارق العمري بين الشركاء
أظهرت النتائج أن الرجال أكبر سنًا من شريكاتهم بشكل عام، حيث بلغ متوسط الفارق العمري العالمي 4.2 سنوات. إلا أن الدراسة أظهرت وجود اختلافات واضحة حسب المنطقة:
أمريكا الشمالية: 2.2 سنة
أوروبا: 2.7 سنة
أمريكا اللاتينية والكاريبي: 3.6 سنة
آسيا والمحيط الهادئ: 4 سنوات
شرق وجنوب إفريقيا: 8.7 سنة
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: 6.1 سنة
اقرأ أيضًا: دراسة تُظهر كيف تؤثر تجارب المرأة في تغيير نظرة الرجل
على المستوى الفردي، سجلت الولايات المتحدة و الصين 2.2 سنة، وجمهورية التشيك 2 سنة، بينما كانت أكبر الفوارق في غامبيا 14.8 سنة، نيجيريا 11.8 سنة، و بنغلاديش 8.7 سنة. وتشير هذه البيانات إلى أن العوامل الثقافية والدينية تلعب دورًا واضحًا في تحديد الفارق العمري المقبول اجتماعياً لكل مجتمع.
العوامل المؤثرة على الفارق العمري
حللت الدراسة أيضًا العوامل التي تؤثر على حجم الفارق العمري، وأظهرت النتائج وجود تأثيرات إحصائية هامة للدخل القومي ومستوى المساواة بين الجنسين. بشكل عام، البلدان ذات متوسط دخل وتعليم مرتفع تتميز بفوارق عمرية أصغر، في حين أن الدول التي تعاني من تفاوت كبير بين الرجال والنساء تسجل فارقًا عمريًا أعلى. وتشمل هذه العوامل أيضًا تأثيرات اقتصادية مثل فرص العمل، وارتفاع مستوى التعليم النسائي، الذي يميل إلى تقليص الفجوة العمرية بين الشركاء.
التأثيرات النفسية والاجتماعية
تؤكد الدراسة أن الفارق العمري لا يؤثر فقط على الجوانب الاقتصادية أو الاجتماعية، بل له انعكاسات على رضا الشريكين والتوازن العاطفي داخل العلاقة. الأشخاص الأكبر سنًا غالبًا ما يشعرون بمسؤولية أكبر تجاه الشريك الأصغر، فيما يمكن للشريك الأصغر أن يستفيد من خبرة وتجربة الشريك الأكبر. هذا التوازن يختلف بين المجتمعات التقليدية والحديثة، حيث قد يكون الفارق العمري الأكبر مقبولًا أكثر في بعض الدول ذات القيم المحافظة.
توضح الدراسة أن الفارق العمري في العلاقات يتأثر بمجموعة من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية، وأن متوسط الفارق العالمي يبلغ 4.2 سنوات مع تفاوت كبير بين القارات والدول. وتقدم هذه النتائج فهمًا أوسع للعوامل التي تشكل ديناميكيات العلاقات العاطفية حول العالم، مؤكدة أن العمر ليس مجرد رقم، بل جزء من سياق أوسع من الهيكل الاجتماعي والنفسي لكل مجتمع.
