راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : القواعد الأربع
في إحدى ورش العمل التدريبية التي قمت بها العام الماضي، جاءني سؤال من الحضور عن الخطوط الحمراء التي لا يُمكن تجاوزها أو التغاضي عنها في أماكن العمل وخصوصًا عند العمل ضمن فريق متكامل، حيث العمل الفردي نجاحه مرتبط بعمل الفريق والعكس صحيح.
وبطبيعة الحال ذكّرت الجميع بأول وأهم مرجعية نحو العمل المؤسسي المتكامل، ألا وهي اتباع وثيقة قواعد السلوك المهني، أو Code of Conduct التي تصدر عادة من إدارة الموارد البشرية في المنظومة. ومن ثم ذكرت للحضور كتابًا جميلًا أستأنس به دائمًا مرجعًا عامًّا لكثير من جوانب العمل، وكذلك الحياة الشخصية. الكتاب هو "القواعد الأربع" للكاتب المكسيكي دون ميغيل رويز، حيث يجمع الكتاب كثيرًا من القوانين والقواعد الحياتية تحت أربع قواعد رئيسة، التي وجد الكاتب أنها تحكمنا جميعًا، بغض النظر عن خلفياتنا العرقية أو الجغرافيا أو الدينية أو غيرها.
فقمت بأخذ القواعد الأربعة من الكتاب واستخلصت من كل قاعدة، فكرة لقانون أو قاعدة لمكان العمل، تكون بمثابة خط أحمر لا يجب تغافله، لضمان نجاح العمل. وسأذكر لكم القواعد الأربع وكيفية تطبيقها في أماكن عملكم، وربما في حياتكم الشخصية أيضًا.
1. زن كلماتك. كن واعيًا لكل لفظ تنطقه، فالكلمات تبني حضارات أو تهدمها. لا تتكلم إلا بما تقصده حقًّا، أو فلتصمت بحكمة، لأنك مسؤول عما يترتب على كلامك. وبناء على ذلك فالاحترام خط أحمر لا يمكن تجاوزه. لنا أن نختلف في وجهات النظر وأحيانًا قد يحتد النقاش بما يخص العمل ومصلحته، ولكن لا يسمح بتجاوز أدبيات الاختلاف في الرأي. (القاعدة الأولى – الاحترام خط أحمر).
2. لا تأخذ الأمور على محمل شخصي. ما يقوله الآخرون يمثلهم ولا يمثلك. لا تجعل رأي الغير مصدرًا لهويتك أو لقيمتك الذاتية، فأنت من يقرر ذلك، وليس أحد سواك. وكثيرًا ما نعتقد أن الخلاف على مسألة في مكان العمل تعكس خلافًا شخصيًّا، وهذا خطأ، ومجرد الاعتقاد بذلك يعكس في معظم الأحيان مشكلة ثقة في النفس لديك، فعليك دائما ترك المشاعر الشخصية خارج مكان العمل ونقاشاته (القاعدة الثانية – المسألة ليست شخصية).
اقرأ أيضًا: راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : الذكاء العاطفي
3. لا تُجرِ افتراضات. لا تحكم على النيات أو تسكن في الظنون. التواصل الواضح يرفع الغموض، ويمنحك راحة داخلية لا تأتي من تصديق الافتراضات بل من مواجهتها بالحوار الصادق. وعليه فتذكر أنه من واجبك أن تسأل إن لم تفهم مسألة ما، ومن حق العمل عليك أن تستشير من هم أعلم منك، وأن تقول لا أعلم عندما لا تعلم (القاعدة الثالثة – لا تفترض دون علم).
4. ابذل أقصى ما في وسعك. سواء كنت ناجحًا أم لا، بذل الجهد الكامل يمنحك الطمأنينة والرضا. افعل ما تستطيع بإتقان، واترك النتائج لما كُتب لك، فالإتقان عبادة. فاعلم أن العمل بإتقان وبذل الجهد الحقيقي المخلص هو سر النجاح والتوفيق، بغض النظر عن النتائج، وعليه فعلينا دائمًا احترام مواعيد تسليم المشاريع والالتزام بها. يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" (القاعدة الرابعة – احترام المواعيد).
وبالنظر في هذه القواعد الأربع التي هي بمنزلة اتفاقيات تبرمها مع نفسك أولًا وقبل كل شيء، ستجد أنها تمنحك الرضا والقناعة وراحة البال، وتجعلك عضوًا فاعلًا ومنتجًا وإيجابيًّا في مكان العمل، ما يدفعك قدمًا ويجعلك مصدر إيجابية وإلهام بين زملائك.
"لا أحد يستطيع أن يجعلك تشعر بالنقص دون موافقتك". - إليانور روزفلت
