دراسة: النساء أكثر عدوانية مع الإخوة مقارنة بالرجال
أظهرت دراسة عالمية حديثة أن النساء غالبًا ما يكنَّ أكثر عدوانية تجاه إخواتهن مقارنة بالرجال، في مفاجأة تناقض الصورة النمطية السائدة التي تعتبر الذكور أكثر ميلًا للعنف.
الدراسة، التي أجراها Co-Laboratory بجامعة ولاية أريزونا الأمريكية ونُشرت نتائجها في مجلة PNAS Nexus، شملت أكثر من 4,100 مشارك من 24 دولة تمثل مختلف القارات والبيئات الاقتصادية.
العدوانية في نطاق الأسرة تختلف عن المجتمع
لطالما أثبتت الأبحاث السابقة أن الرجال أكثر ميلاً إلى العنف المباشر خارج نطاق الأسرة، سواء في المشاجرات أو الجرائم. لكن الدراسة الجديدة أوضحت أن الصورة تتغير داخل الأسرة، حيث يتضح أن النساء يملن أكثر إلى السلوك العدواني تجاه إخواتهن، سواء عبر الضرب أو الصراخ أو استخدام أساليب غير مباشرة مثل النميمة أو إبلاغ الوالدين بسلوك الإخوة.
المثير أن هذه النتائج لم تقتصر على بيئة معينة، بل ظهرت بوضوح في دول متنوعة مثل الولايات المتحدة والسويد وتشيلي وباكستان.
ووجد الباحثون أن النساء كن أكثر ميلًا من الرجال إلى ضرب أو الصراخ في وجه الإخوة خلال فترة الطفولة، وأن هذا النمط استمر حتى في مرحلة البلوغ، وإن كان الفارق أقل وضوحًا مع التقدم في العمر.
أما فيما يخص العدوانية غير المباشرة، فقد أظهرت النساء مستويات مساوية أو أعلى من الرجال، خاصة في سلوكيات مثل إبلاغ أفراد الأسرة عن تصرفات الإخوة.
الباحث مايكل إي. دبليو. فارنوم، أحد مؤلفي الدراسة، أوضح أن هذه النتائج تكشف أن الاختلافات بين الجنسين في السلوك العدواني ليست سمات ثابتة، بل تعتمد بشكل كبير على طبيعة العلاقة.
وقال فارنوم: "نجد أن الرجال أكثر عدوانية تجاه الغرباء، لكن في نطاق الأسرة تتساوى الصورة أو تنقلب لصالح النساء".
من جانبه، أشار دوغلاس كينريك، أستاذ علم النفس المشارك في الدراسة، إلى أن النتائج تفند اعتقادين شائعين: أن الذكور هم الأكثر عدوانية دائمًا، وأن الناس أكثر لطفًا مع أقاربهم. وأضاف: "المثير أن الإخوة يواجهون عدوانية أكبر من أخواتهم مقارنة بالأصدقاء أو المعارف".
اقرأ أيضًا: هل يتحول الأرق المزمن إلى قاتل صامت؟ دراسة تجيب
الدراسة تطرح تحديًا أمام النظريات التطورية والاجتماعية التي ربطت السلوك العدواني بالرجال فقط، إذ تُظهر أن الأسرة بيئة خاصة يعاد فيها تشكيل السلوكيات. فالإخوة يتنافسون على اهتمام الوالدين وموارد المنزل، وهو ما قد يفسر ارتفاع العدوانية بين الأخوات.
كما يُحتمل أن يكون للعوامل التربوية دور، حيث قد يتعرض الأولاد لعقوبات أشد عند إظهار سلوك عدواني، مما يدفع البنات للتعبير عن عدوانيتهن بشكل أوضح داخل نطاق الأسرة.
ورغم قوة النتائج، يشير الباحثون إلى أن الاعتماد على تقارير المشاركين الذاتية قد يترك مجالًا لتحيزات الذاكرة أو اختلاف تعريف السلوك العدواني بين الجنسين. ومع ذلك، فإن اتساق النتائج عبر ثقافات متعددة يجعلها أكثر مصداقية.
ويؤكد الفريق البحثي أنه بصدد إجراء دراسات مستقبلية تعتمد على الملاحظة المباشرة وشهادات أفراد الأسرة، لاستكمال الصورة وفهم العوامل التي تتحكم في طبيعة العدوانية بين الإخوة.
