دراسة: الاحتراق الوظيفي قد يقود إلى السلوك العنيف
كشفت دراسة حديثة، عن علاقة مقلقة بين الاحتراق الوظيفي (هو حالة نفسية وجسدية مزمنة ناتجة عن التعرض المستمر لضغوط العمل، وتتميز بالشعور بالإرهاق، فقدان الحافز) وازدياد التعاطف مع الأفكار العنيفة، مما يسلط الضوء على تأثير بيئة العمل على الاستقرار النفسي والاجتماعي.
بدأت الدراسة المنشورة في مجلة Psychology of Violence، بتحليل ردود الفعل على حادثة مقتل الرئيس التنفيذي لشركة UnitedHealthcare في ديسمبر 2024.
المفاجأة كانت أن 41% من الشباب اعتبروا الجريمة "مقبولة"، ما دفع الباحثين للتساؤل: كيف يمكن أن يبرر الإنسان العادي العنف؟.
الاحتراق الوظيفي كمحفز نفسي للعنف
اعتمدت الدراسة على تحليل يومي لحالة أكثر من 600 موظف، حيث سجل المشاركون أعراض الاحتراق، مشاعرهم، ومواقفهم تجاه العنف.
وُجد أن الأيام التي شعر فيها الموظفون بإرهاق أكبر، شهدت ارتفاعًا في التعاطف مع أفكار عنيفة، مثل تبرير العنف ضد الظلم أو الفساد.
اقرأ أيضًا: دراسة حديثة: الذكاء الاصطناعي يوفر ساعة يوميًا للموظفين
يرى الباحثون أن الاحتراق يولد مشاعر سلبية مثل الخوف، الحزن، والذنب، ما يدفع البعض للبحث عن معنى جديد لحياتهم، وقد يجدونه في أيديولوجيات عنيفة.
تؤكد الدراسة أن الاحتراق لا يعني بالضرورة اللجوء إلى العنف، لكنه قد يؤدي إلى تطبيع الأفكار العنيفة، وهو ما يشكل تهديدًا للديمقراطية والتماسك الاجتماعي.
ويبرز هنا "نموذج الهرمين"، الذي يفرق بين العنف في الرأي والعنف في الفعل، مع التأكيد على خطورة الأول حتى دون تنفيذ.
أظهرت النتائج أن الموظفين الذين شعروا بأن مؤسساتهم تقدرهم وتدعمهم، كانوا أقل ميلاً لتبني الأفكار عنيفة، حتى عند وجود أعراض الاحتراق. لكن هذا الدعم يكون فعالًا فقط إذا تم تقديمه قبل تفاقم المشاعر السلبية.
تدعو الدراسة المؤسسات إلى الاستثمار في الوقاية من الاحتراق، ليس فقط كإجراء صحي، بل كاستراتيجية للحفاظ على الاستقرار.
ويشمل ذلك تعزيز العدالة والشفافية، تدريب المدراء على اكتشاف علامات الإرهاق، وفتح قنوات تواصل آمنة مع الموظفين.
تحذر الدراسة من أن الاحتراق لا يقتصر على انخفاض الإنتاجية، بل قد يشكل أرضًا خصبة للعنف الأيديولوجي، خاصة في ظل تصاعد مشاعر الظلم المجتمعي.
لذا، فإن دعم الموظفين لا يجب أن يقتصر على تحسين الأداء، بل يجب أن يشمل الحفاظ على المعنى والاستقرار النفسي.
