رحلة إلى الرفاهية الصحيّة: أفضل منتجعات العلاج في ألمانيا وسويسرا
أشهر المنتجعات العلاجية في ألمانيا وسويسرا
بادن-بادن.. عاصمة المنتجعات الصحية الأوروبية
تُعدّ بادن بادن واحدة من أعرق المدن الأوروبيّة في مجال السياحة العلاجية والرفاهية، إذ تأسّست قبل نحو ألفي عام على فكرةٍ نبيلة: خدمة الإنسان من خلال قوة الطبيعة. فمن أعماق الأرض، تتدفق المياه الحرارية بدرجة حرارة تصل إلى 68 درجة مئوية عبر 12 ينبوعًا طبيعيًا، مانحة المدينة سحرها الأبدي ومكانتها كوجهةٍ للاستشفاء منذ العصور الرومانية.
وعند سفوح الغابة السوداء، ما تزال بادن بادن تُجسّد روح المنتجعات الأوروبية الأصيلة، بحيث يمكن للزائر أن يعيش تجربة علاجية متكاملة بين التاريخ والفخامة. في قلب المدينة، يبرز منتجع كاراكالا الحراري (Caracalla Therme) كأشهر مراكز العلاج بالمياه في ألمانيا، إذ يضم مسابح داخلية وخارجية تغمر الجسد بالدفء، إضافة إلى غرف بخار وساونا متعددة تؤمّن للزائر رحلة عميقة نحو الاسترخاء والتوازن.
أما منتجع فريدريشباد التاريخي، فيحافظ على إرثٍ معماري ومعنوي عريق يجمع بين الطقوس الرومانية والتقاليد الأوروبية في العناية بالجسم والروح.
تحيط بالمدينة كروم العنب الذهبية في منطقة ريبلاند الشهيرة بإنتاج النبيذ، وتحتضنها الغابة السوداء الكثيفة التي تفيض بالحياة والسكينة. أما شارع ليشتنتالر ألي (Lichtentaler Allee)، فيمتد كشريط أخضر نابض بالألوان، بحيث تتراقص الزهور وتنساب المياه في مشهد طبيعي يخطف الأنفاس.
ولا تقتصر جاذبية بادن بادن على العلاج فحسب، بل تتألق أيضًا كمركز ثقافي وسياحي نابض، يحتضن الفعاليات الصيفية المفتوحة، المهرجانات الكبرى، المعارض الفنية الملهمة، وسباقات الخيل الأنيقة التي تجمع بين الأصالة والأناقة.
منتجع باد كيسينجن
يُعد منتجع باد كيسينجن من أبرز وجهات السياحة العلاجية في أوروبا. في أروقته يجتمع الإرث المعماري بالفلسفة الصحية في مشهدٍ من الجمال والسكينة. صمّمه المهندس الألماني المبدع ماكس ليتمان، أحد رواد أسلوب الفن الحديث (آرت نوفو)، الذي أبدع أيضًا في تصميم مسرح كورتيتر وريغينتنباو.
تتوسّط المنتجع قاعة النافورة الشهيرة، بتصميمها المهيب الذي يشبه الكاتدرائية ويمتد على مساحة 90 مترًا، لتكون الأكبر في أوروبا، وتحمل روح المكان العلاجية العريقة.
في أحضان الطبيعة، تحيط به مسارات المشي والدراجات وحديقة كورجارتن التاريخية، التي تعود إلى عام 1738 وتُعد من أقدم الحدائق المخصصة للعلاج بالشرب في أوروبا.
يرفع المنتجع شعار "تعزيز مرونتك العقلية والعاطفية هدفنا الرئيس"، ليمنح زواره تجربة متكاملة تشمل الينابيع المعدنية المهدئة، الرحلات في محمية رون، والعلاجات بالمياه الغنية بالمعادن.
كما يحتضن أحد مراكز الأيورفيدا في ألمانيا، النظام الهندي العريق الذي يقوم على التوازن بين الجسد والعقل والروح، ليجعل من باد كيسينجن ملاذًا للشفاء والتجدّد والصفاء الداخلي.
اقرأ أيضا: حيث تلتقي المغامرة بالترف.. دليل نُزل ومنتجعات الأمازون الاستثنائيّة
منتجع Bad Ragaz سويسرا
يرتكز منتجع باد راغاز (Bad Ragaz) على فلسفة بسيطة وعميقة: عش حياة صحية لتبقى بصحة جيدة. فهو يسعى إلى تمكين زواره من عيش حياة متوازنة وطويلة الأمد، وقد نال لقب أفضل منتجع صحي وعافية في أوروبا لعامي 2021 و2022 تقديرًا لتميزه.
يُقدم المنتجع مجموعة من العلاجات المتطورة أبرزها العلاج بالأوكسجين عالي الضغط (HBOT)، الذي يعزّز وصول الأوكسجين إلى خلايا الجسم بضغط مرتفع يصل إلى 14 ضعفًا، مما يساعد على تقليل الالتهابات وتسريع الشفاء وتحفيز الطاقة.
وتتوزع مرافقه بين منتجع هيلين آباد التاريخي وتامينا ثيرمي الشهير والمنتجع العائلي الصحي، لتوفير تجربة تجمع بين الاسترخاء والفخامة. كما يضم سبا هيلينا وسبا الرياضة العصري ومجموعة واسعة من المسابح الداخلية والخارجية تمتد على أكثر من 7300 متر مربع.
يعتمد المنتجع في علاجاته على نبعه الحراري التاريخي المكتشف عام 1242، بدرجة حرارة تبلغ 36.5 درجة مئوية، بحيث تُسهم مياهه الغنية بالمعادن في تنشيط الجسم واستعادة توازنه الطبيعي، ليمنح الزائر رحلة فريدة للشفاء والتجدد في قلب الطبيعة السويسرية.
اقرأ أيضا: منتجع شيبارة يترشح لجائزة ميشلان العالمية للتصميم
السياحة العلاجية للتخلّص من التوتر والإرهاق
منتجع Le Montreux Palace
يحظى فندق فيرمونت لو مونترو بالاس بإطلالة خلابة لجبال الألب وبحيرة جنيف، مجسّدًا سحر حقبة بيل إيبوك التي وُلد منها منذ عام 1906. يقع الفندق في قلب الريفييرا السويسرية، حيث تمتزج الطبيعة البديعة بروح الفخامة الهادئة.
يحتضن الفندق منتجع فيرمونت سبا الممتد على مساحة 2000 متر مربع، ويضم مسابح داخلية وخارجية بإطلالات آسرة على البحيرة.
كما يقدّم المنتجع مجموعة متكاملة من وسائل الراحة تشمل جلسات تدليك مريحة، ساونا، جاكوزي، وأسِرّة الأشعة تحت الحمراء، إضافة إلى مركز لياقة بدنية مجهّز بأحدث التقنيات. هناك، وسط أجواء الألب النقية، يجد الزائر توازنًا بين الرفاهية والطبيعة وتجربة استرخاء تجدّد صفاء الجسد والروح.
منتجع Leukerbad – Valais
يُعدّ منتجع لوكرباد وجهةً جبليةً آسرة تجمع بين جمال الطبيعة العلاجية وروح الهدوء والانسجام. يستفيد المنتجع من موقعه الفريد وسط جبال الألب ليقدّم تجربة متكاملة تُلائم عشّاق المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات والتسلّق، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالهواء الجبلي النقي والمياه الحرارية الغنية بالمعادن، إلى جانب بانوراما طبيعية أخّاذة ومجموعة شاملة من علاجات الصحة والجمال التي تمنح شعورًا عميقًا بالراحة والتجدد.
كما يُوفّر المنتجع دروس يوغا على جبال الألب وممارسة براناياما، وهي تقنية تنفس هندية قديمة تُساعد على موازنة الطاقة وتهدئة الذهن عبر التحكم في أنماط التنفس. وتكتمل التجربة مع اعتماد مبادئ الأيورفيدا المستوحاة من الفلسفة الهندية القديمة، التي تُركّز على تحقيق التوازن بين الجسد والعقل والروح بأسلوب طبيعي شامل.
لماذا يختار الرجال أوروبا للعلاج والاستجمام؟
تُعدّ أوروبا أكبر وجهة للسياحة العلاجية في العالم، إذ بلغ عدد رحلات هذا النوع من السفر نحو 300 مليون رحلة قبل جائحة كوفيد-19، ويُظهر الاهتمام الأوروبي المتزايد برحلات الصحة والعافية أن القطاع سيواصل نموه بوتيرة متسارعة، مع توقعات بارتفاعه بنسبة 20.9% سنويًا حتى عام 2025.
ومن المرجّح أن يشهد القطاع ازديادًا ملحوظًا في أعداد المسافرين الباحثين عن الراحة الجسدية والتجدد النفسي، فيما سيختار كثير من السياح العاديين دمج جلسات التدليك أو برامج العافية اليومية ضمن عطلاتهم التقليدية.
ويتميّز سياح العافية بأنهم أكثر تطلبًا في الجودة والخدمة، لكنهم أيضًا ينفقون بنسبة 53% أكثر من المسافر العادي، إذ لا يتردد كثير منهم في إنفاق آلاف اليوروهات لقضاء أسبوع من الاستجمام والعلاج الفاخر، يجمع بين الفخامة والرعاية الصحية المتخصصة.
اقرأ أيضًا: السياحة الداخلية في السعودية تشهد إقبالًا متزايدًا على المغامرات والتراث
من المرجح بشكلٍ خاص أن يُنفق روّاد المنتجعات الصحية ومراكز اليوغا واللياقة البدنية مبالغ كبيرة مقابل الحصول على تجارب علاجية شاملة تُراعي التوازن بين الجسد والعقل.
وتتصدّر إيطاليا وبولندا قائمة الدول الأوروبية الرائدة في مجال السياحة العلاجية، بحيث تجمعان بين الخبرة الطبية العريقة والبنية التحتية المتطورة للمنتجعات الصحية. ووفقًا لأحدث تقارير ماستركارد بعنوان "اقتصاد التجربة في أوروبا"، يُعدّ السفر والأنشطة الخارجية وتناول الطعام من أبرز أولويات الإنفاق لدى المسافرين المتوقعين إلى أوروبا عام 2025، ما يعكس بوضوح التحول نحو مفهوم السفر القائم على التجربة والقيم الإنسانية والرفاهية الشخصية.
