دراسة تكشف علاقة الصدمات النفسية بأنماط العلاقات بين الشريكين
كشفت دراسة جديدة أن أنماط التعلق غير الآمن في العلاقات العاطفية تؤثر بشكل مباشر على طريقة إدارة الخلافات بين الشريكين. وتشير النتائج إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الارتباط غير الآمن أقل ميلًا للبحث عن حلول وسط في نزاعاتهم، وأكثر عرضة للجوء إلى سلوكيات سلبية مثل العدوانية، محاولة السيطرة، الخضوع المفرط، أو حتى الانفصال.
العلاقات العاطفية، مثلها مثل العلاقات الأسرية، تعد من أهم الروابط الإنسانية في حياة الفرد. إلا أن هذه العلاقات لا تخلو من خلافات تنشأ بسبب تباين الاحتياجات أو القيم أو السلوكيات.
بعض هذه الخلافات يكون بسيطًا مثل تقاسم الأدوار المنزلية، بينما يتصل بعضها الآخر بقضايا أعمق كالثقة أو الأهداف المستقبلية. والطريقة التي تُدار بها هذه الخلافات قد تحدد مدى قوة العلاقة واستمرارها.
الباحثان أهفا راشين موزافاري وشياومينغ شو من جامعة في شمال غرب الولايات المتحدة، حاولا استكشاف الروابط بين الصدمات النفسية السابقة وأنماط التعلق العاطفي، وكيفية تأثيرها على استراتيجيات إدارة الصراع بين الأزواج.
اقرأ أيضًا:ما علاقة النظام الغذائي الغني بالدهون والفركتوز بزيادة القلق؟ دراسة تجيب
شارك في الدراسة المنشورة دورية Sexual and Relationship Therapy عدد 365 طالبًا وطالبة في الجامعة، تراوحت أعمارهم بين 18 و70 عامًا بمتوسط 23 عامًا، 65% منهم من النساء. اشترط على المشاركين أن يكونوا في علاقة عاطفية مستمرة منذ ستة أشهر على الأقل. فيما أقر 85% منهم بأنهم تعرضوا لشكل من أشكال الصدمات أو الإساءة في حياتهم.
27% أقروا بتعرضهم للإساءة الجسدية في الطفولة، و26% خلال مرحلة البلوغ.
27% كشفوا عن تعرضهم لإساءات من أنواع أخر في الطفولة، و28% في الكبر.
63% ذكروا أنهم مروا بتجارب إساءة عاطفية.
هذه الخلفيات ارتبطت بمستويات أعلى من التعلق غير الآمن، سواء كان ذلك على شكل قلق مفرط من الهجران (التعلق القَلِق) أو نفور من القرب والحميمية (التعلق التجنّبي). وخلص الباحثون إلى أن هذه الأنماط تجعل الأفراد أقل ميلاً للتسوية وأكثر ميلًا لردود أفعال متطرفة في الخلافات.
ماذا يعني الارتباط غير الآمن؟
التعلق غير الآمن يتمثل في بعدين أساسيين:
القلق: حيث يعيش الفرد في خوف دائم من فقدان شريكه، فيبالغ في البحث عن الطمأنينة.
التجنب: حيث ينفر الفرد من القرب العاطفي، ويفضل الاعتماد على نفسه أكثر من الآخر.
الأشخاص الذين يندرجون ضمن هذين البعدين هم الأقل قدرة على إدارة الخلافات بطريقة بنّاءة، ما ينعكس سلبًا على استمرارية العلاقة.
الباحثون أكدوا أن الدراسة تسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الصدمات الحياتية المبكرة وطبيعة إدارة النزاعات العاطفية لاحقًا. ورغم أن الاعتماد كان على استبيانات ذاتية قد تتأثر بالذاكرة أو الانحياز الشخصي، فإن النتائج تقدم دليلًا مهمًا على أن خلفية الفرد وتجارب الطفولة قد تؤثر في سلوكه داخل علاقاته المستقبلية.
خلصت الدراسة إلى أن الأشخاص ذوي التعلق غير الآمن، خاصة من تعرضوا لصدمات نفسية أو عاطفية، أكثر عرضة لفشل إدارة الخلافات العاطفية بشكل صحي. هذه النتائج قد تساعد المعالجين النفسيين والأزواج في فهم جذور الخلافات وتطوير استراتيجيات أفضل للحوار وبناء علاقات أكثر استقرارًا.
