رائدة الأعمال السعودية نادين عطار: والدي شريك نجاحي.. وتصاميمي لمن يقدّر الاختلاف
من شغف الطفولة إلى ريادة الجواهر الراقية، نسجت نادين صديق عطار حكايتها بإتقان وجمال. تركت عالم الأرقام والمصارف لتلتحق بعالم الأحجار الكريمة والتصاميم الفريدة، فأسست علامتها الخاصة التي حملت بصمتها وروحها.
بين الفن والدقة، وبين البساطة والفخامة، صنعت رائدة الأعمال عطار لنفسها مسارًا مميزًا في مجال الجواهر، لتصبح اليوم من أبرز الأسماء السعودية في هذا المجال، وتواصل رحلتها بشغف لا يعرف حدودًا، التفاصيل الكاملة في هذا الحوار الخاص مع "الرجل".
شغف وقرار مصيري
في البداية حدثينا عن رحلتك في عشق الجواهر؟
منذ نعومة أظفاري، كنت شغوفة بعالم الجواهر، وقد ورثت هذا الشغف عن والدي "رحمه الله"، وبدأت الرحلة كهواية، حيث كنت أصمّم قطعًا خاصة لزملائي خلال عملي في القطاع المصرفي، إلى أن قررت تحويل هذه الهواية إلى مهنة. وفي 2015، اتخذت قرارًا جريئًا بترك العمل المصرفي، وبدأت دراسة علم الأحجار الكريمة لأتعمق أكثر في هذا المجال. وبدأت في تأسيس البراند الخاص بي في 2017.
هل واجهتك صعوبة بعد ترك القطاع المصرفي والتوجه إلى عالم الجواهر؟ وما القطعة الأولى التي صممتِها؟
لم أواجه صعوبة في فهم السوق، فهو مجال تنتمي إليه عائلتي وأعرف تفاصيله جيدًا، ولكن التحدي الحقيقي بالنسبة لي كان في تحديد ما أريد تقديمه بشكل مختلف وغير تقليدي، لأنني كنت أبحث عن بصمة خاصة تميزني وتُعبر عن رؤيتي الفنية، وهذا ما تطلب مني وقتًا وجهدًا لأصوغ هوية فريدة في عالم الجواهر، والقطعة الأولى من تصميمي كانت عبارة عن بروش على شكل وجه أسد، وكان اسم العميلة محفورًا ضمن شكل الوجه، وقدمته مرصعًا بالسافير والروبي.
كيف تستوحين تصاميم الجواهر الخاصة بك؟
الإلهام لا يأتي من مصدر واحد محدد، بل قد ينبع من أشياء كثيرة حولي، أحيانًا أستوحي من الطبيعة، وأحيانًا من حاجة معينة أشعر بها أو ألاحظها، بالنسبة لي الوحي مفتوح وغير مقيد بإطار ثابت، وهذا ما يجعل كل تصميم يحمل قصة مختلفة.
أبي شريك الحلم والتفاصيل
كمصممة سعودية شقت طريقها نحو العالمية، كيف ترين دور الرجل في دعم مسيرتك الإبداعية؟
كان لوالدي دور كبير ومؤثر في دعمي ومساندتي خلال مسيرتي الإبداعية، لم يقتصر دعمه على الجانب المعنوي فقط، بل ساعدني بخبرته الواسعة، وعلاقاته، وحتى في تحديد آليات التسعير. كان حاضرًا في كل التفاصيل الخاصة بالبراند، وتوجيهاته كانت أساسية في تخطي الكثير من التحديات فأنا في البداية، كنت أفكر في تقديم تصاميم خفيفة وبسيطة تناسب الاستخدام اليومي، لكن وجود والدي وتشجيعه دفعني للتوجه نحو تقديم جواهر ثمينة.
متى قررتِ أن تصاميم الجواهر لم تعد حكرًا على المرأة فقط؟ وكيف استقبل الرجل الخليجي هذا التوجه؟
المصادفة أدت دورًا مهمًّا في تصاميم جواهر للرجال، جاءت عن طريق المصنع الذي أتعامل معه وقدم لي بعض الأفكار التي تبنيتها ووجدت فيها فرصة جديدة ومميزة، وأهم قطعة عملنا عليها كانت المحبس الرجالي - الدبلة-، لذا وقع اختياري على معادن مثل الألومنيوم والتيتانيوم، نظرًا لسهولة استخدامها ومتانتها بعيدًا عن الفضة، والحمدلله لم أخف من هذه الخطوة وكنت واثقة من نجاحها، خصوصًا أن أسعارها معقولة.
تحوّل الإلهام إلى واقع
قدّمتِ مجموعة "روح" الموجهة للرجال، ما الذي استندتِ إليه في تصميم جواهر تخاطب ذوق الرجل العربي؟
بدأت فكرة مجموعة "روح" بطلب خاص من أم أرادت تصميم قطعة مميزة لابنتها، ومن هذه اللحظة استوحيت فكرة المجموعة، حيث حملت بداخلها بعدًا شخصيًا وعاطفيًا، ومن هنا انطلقت الفكرة وتطورت تدريجيًّا حتى أصبحت مجموعة متكاملة تجمع بين البساطة والعملية في آن واحد.
ما هي المراحل التي تمر بها تصميم الجواهر الخاصة بك؟
الفكرة والرسم الأولي –الاسكتش- ثم مرحلة CAD FILE وهو تصميم ثلاثي الأبعاد على الشاشة لرؤية شكل القطعة، وبعد التأكد من أنه التصميم الصحيح، تتم طباعتها بشكل 3D Print خاصة للقطع الفنية المعقدة والجواهر الفاخرة، بعد ذلك تأتي مرحلة الإنتاج والمصنعية.
اقرأ أيضًا: الفنانة السعودية العنود بنت عبد الحكيم: أنا ممثلة بالفطرة.. وأحب اقتناص الأدوار الصعبة
تصاميم تحاكي ذوق الرجل
ما الرسالة التي تودين إيصالها من خلال تصميم جواهر للرجل؟
هدفنا هو تقديم قطع جواهر عملية وبسيطة، تتميز بخفة الوزن ولا يتغير لونها مع مرور الوقت، مع الحرص على أن تعكس شخصية الرجل بأسلوب أنيق وواضح، لذا أولي اهتمامًا كبيرًا لكل قطعة أصممها، حيث أركز على أدق التفاصيل من حيث الراحة والمقاس، والعملية لضمان تجربة متكاملة تليق بذوق الرجل.
ما الذي يميز الرجل الذي يرتدي تصاميم نادين عطار؟ وكيف تصفين شخصيته؟
"الاختلاف".. أعتقد أن الزبائن الخاصة بي يتمتعون بذوق خاص ومميز، فهم لا يبحثون عن التصاميم التقليدية أو أحدث الصيحات المنتشرة، بل ينجذبون نحو القطع المختلفة والمبتكرة، فهم أشخاص يفكرون خارج الصندوق، ويقدرون الإبداع والتفرد في كل تفصيلة.
ما هو الحجر الأقرب لشخصية نادين عطار؟
الأقرب لقلبي وشخصيتي حجر الأوبال "Opal"، ويوجد منه لونان: الأبيض والأسود بالإضافة إلى اللون الفسفوري الطبيعي.
ما هو المعدن أو الحجر الكريم الذي ترينه الأقرب إلى شخصية الرجل؟
أوْمن بأن شخصية الرجل متعددة الأوجه، بل إن الرجل الواحد قد يحمل بداخله أكثر من جانب، ولهذا يمكنه ارتداء أكثر من حجر كريم بحسب ما يعكسه كل منها، فالرجل العصري ينجذب غالبًا إلى الأحجار ذات الألوان الداكنة كالأسود والرمادي، بينما يميل الرجل ذو الحس الفني إلى حجر "عين النمر-tiger eye" لما فيه من عمق وبُعد بصري، أما حجر الملكيت بلونه الأخضر، فهو يعكس شخصية الرجل الذي يعبر عن هويته بثقة، في حين يناسب اللازولي الرجل الكلاسيكي الباحث عن الرقي والتميز.
تصاميم تدوم
هل تصاميم جواهر الرجال سهلة، وما أصعب المواقف التي مرت عليكِ؟
بالعكس فهي صعبة للغاية، لذا أحاول أن أكون أكثر إبداعًا في الخامات وليس في التصميم، وأصعب المواقف التي مرت عليّ وفاة والدي فهو كان يمثل لي دورًا مهمًا في مشواري فهو شريك في رحلة نجاحي، ولم أستطع حتى الآن أنا أجزم نجاحي 100%، بل أعتبر نفسي ما زلت أسير في طريقي، أتعلم وأنمو مع كل تجربة.
لماذا تعتمدين على ترك مسافة بين المجموعة والأخرى؟
أطلقت عدة مجموعات مثل "أبجد" و"روح" وغيرها، لكنني أحرص دائمًا على ترك مسافة زمنية بين كل مجموعة وأخرى، لمنح كل تصميم حقه من الاهتمام والظهور. هذا التوجه نابع من قناعتي بأهمية الجودة والتفاصيل، خصوصًا أن تكلفة إنتاج الجواهر عالية، على عكس دور الأزياء التي تطلق مجموعات بشكل متكرر. ونهدف إلى تقديم قطع تحمل قيمة فنية تدوم، وليس مجرد صيحات مؤقتة.
من أبرز المشاهير الذين ارتدوا جواهرك.. وهل ذلك يضع عليكِ مسؤولية أكبر تجاه البراند؟
شكل ارتداء العديد من النجمات العالميات والعربيات لتصاميمي دفعة قوية لمسيرتي، إذ عكس ذلك انطباعًا واضحًا بأن العلامة تتمتع بمستوى راقٍ يليق بالظهور في المهرجانات وعلى السجادة الحمراء، ويتميّز بأسلوب يجذب الأنظار ويثير الإعجاب، كما أن هناك عددًا من الشخصيات الرجالية البارزة اقتنت تصاميمي، لكنني أحرص على احترام خصوصيتهم، لذلك لا يمكنني الإفصاح عن أسمائهم. أكبر مسؤولية تعني لي تقديم أشياء مختلفة ذات معنى بعيدًا عن التقليدية بسعر عادل لي وللعميل.
الجواهر السعودية تبهر
كيف ترين مجال صناعة الجواهر في السعودية؟
أرى أن مجال صناعة الجواهر في السعودية يشهد تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، وهو أمر مبشّر، فهذه الحرفة تعتمد بشكل أساسي على الإبداع والتميز.
من وجهة نظرك.. ما هي أهم نصيحة للنجاح؟
الاستمرارية بالنسبة لي تعني النجاح.
ما هي أحلامك وخططك المستقبلية.. وهل هناك تصاميم جديدة قريبًا؟
خطتي المقبلة العمل على مجموعة جواهر ثمينة، ولدي مجموعة بسيطة تناسب الذوق اليومي وسوف يجري إطلاقها في سبتمبر المقبل واسمها مفاجأة، لأني عادة أستوحي أفكار أسماء المجموعات الخاصة بي من خلال "البحث الكثير.. كل اسم يحمل قصة".
البطاقة التعريفية
الاسم: نادين صديق عطار
مكان الميلاد: جدة بالمملكة العربية السعودية
الهوايات: التلوين- الطبخ- القراءة
المهنة: رائدة أعمال سعودية ومصممة جواهر
أبرز المناصب:
- العمل في البنك الوطني السعودي جدة من 2010 إلى 2015
- الرئيس التنفيذي/ المدير الإبداعي لجواهر نادين بجدة من 2018 إلى الآن
- عضو مجلس إدارة في شركة عطار المتحدة
- رئيس مجلس إدارة في شركة سهم المستقبل لتقنية المعلومات
الإنجازات:
- حصلت على جائزة "أفضل مصمم محلي" من جوائز غراتسيا ستايل 2018 لمساهماتها في قطاع الجواهر الفاخرة السعودي
