دوران الأرض يتسارع.. والعلماء يدرسون حذف "ثانية" من الزمن
في تحوّل فلكي غير مسبوق، بدأت الأرض هذا الصيف بالدوران بوتيرة أسرع، ما أدى إلى تقليص طفيف في طول اليوم، وأثار موجة قلق عالمية في الأوساط العلمية والتقنية. ففي العاشر من يوليو 2025، سجّل الكوكب أقصر يوم له خلال العام، أقصر بـ 1.36 ميلي ثانية من اليوم المعتاد، وفقًا لبيانات "خدمة دوران الأرض الدولية" و"المرصد البحري الأميركي".
ورغم ضآلة هذه الفروقات على المستوى اليومي، فإن تراكمها على مدى السنوات قد يسبب اضطرابات واسعة النطاق في أنظمة الاتصالات والأقمار الصناعية والمعاملات المالية، وفق ما نقلته شبكة CNN.
منذ منتصف القرن الماضي، تعتمد البشرية على ما يُعرف بـ"الساعة الذرية" لضبط الوقت بدقة شديدة، استنادًا إلى اهتزازات الذرات في فراغ معزول. هذا النظام، المعروف باسم "التوقيت العالمي المنسق" (UTC)، يتكوّن من شبكة تضم 450 ساعة ذرية حول العالم، ويُعد المرجع الرئيس لكل الأنظمة الرقمية بدءًا من الهواتف والحواسيب وصولًا إلى البنوك والملاحة الجوية.
اقرأ أيضًا: خريطة تحت الأرض تكشف كتلًا غامضة قد تكون وراء انقراض الديناصورات
ما هي الثانية الكبيسة في التوقيت العالمي؟
حتى الآن، لم يُسبق أن حُذفت ثانية واحدة من التوقيت العالمي. فمنذ عام 1972، أُضيفت 27 "ثانية كبيسة" لتعويض بطء دوران الأرض. غير أن ما يحدث اليوم قد يُجبر العلماء على حذف ثانية واحدة، تُعرف باسم "الثانية السلبية"، بحلول عام 2035، وهو إجراء لم يُختبر قط، ويُنذر بخلل محتمل في العديد من الأنظمة التقنية الحساسة.
في هذا السياق، صوّت المؤتمر العام للأوزان والمقاييس (CGPM) عام 2022 لصالح إلغاء الثواني الكبيسة ابتداءً من 2035. إلا أن تسارع دوران الأرض قد يُعيد فتح النقاش بشأن حذف ثانية واحدة، وهو ما أكده دنكان أغنيو، الأستاذ الفخري للجيوفيزياء في معهد سكريبس، قائلًا إن استمرار التسارع لفترة طويلة قد يفرض هذا التعديل الزمني.
في مفارقة علمية لافتة، يبدو أن التغير المناخي يعرقل هذا التسارع بطريقة غير مباشرة. إذ أظهرت الدراسات أن ذوبان الجليد في غرينلاند والقطب الجنوبي يُبطئ من دوران الأرض، نتيجة لتوزّع الكتلة حول الكوكب على نحو يُشبه المتزلج الذي يمد ذراعيه ليُخفف من سرعته.
ومع دخول متغيّرات جديدة على المشهد مثل تأثير القمر، وحركة الغلاف الجوي، ونشاط نواة الأرض السائلة، يحذّر العلماء من فترة دقيقة قد تمتد لسنوات، يُحتمل فيها حذف ثانية من الزمن بنسبة 40% خلال العقد المقبل.
ويختتم الفيزيائي الأميركي جودا ليفين تحذيراته بالقول: "إذا كانت الأنظمة لا تزال تخطئ في التعامل مع الثانية الكبيسة، فكيف سيكون الحال مع ثانية لم تُجرّب قط؟"
