علماء يرصدون تسارعًا مدهشًا في دوران الأرض.. فهل سيتغير طول اليوم؟
حذّر علماء فلك من تسارع غير مسبوق في دوران الأرض، قد يؤدي إلى تسجيل أقصر يوم في التاريخ الحديث خلال الأسابيع المقبلة، في تطور قد ينعكس على دقة أنظمة التوقيت العالمي والملاحة والاتصالات.
وتوقّع غراهام جونز، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة لندن، أن يشهد دوران الأرض ذروته في التسارع خلال أحد التواريخ الثلاثة القريبة: 9 يوليو، 22 يوليو، أو 5 أغسطس، ووفقًا لتقديراته، قد ينقص طول اليوم في هذه التواريخ بما يتراوح بين 1.30 و1.51 ميلي ثانية عن المدة المعتادة.
وأوضح جونز أن هذه التغيرات الطفيفة، رغم صغرها، قد تؤثر على أنظمة الملاحة بالأقمار الاصطناعية، وتحديد المواقع الجغرافية GPS، فضلًا عن دقة أنظمة التوقيت العالمي الموحد (UTC).
اقرأ أيضًا: دراسة: 99 % من ذهب الأرض في هذا المكان!
فيما أكد ليونيد زوتوف، الباحث في جامعة موسكو الحكومية، أن هذا التسارع لا يزال لغزًا، إذ لم يتوقعه العلماء، ولا تفسيرات دقيقة له حتى الآن.
وأشارت البيانات إلى أن الأرض بدأت بالدوران بسرعة ملحوظة منذ عام 2020، في مفارقة مثيرة بعد عقود كانت تشهد تباطؤًا تدريجيًا بفعل الجاذبية القمرية، التي ساهمت تاريخيًا في إطالة أيام الأرض إلى ما نعرفه حاليًا: 24 ساعة، أو 86,400 ثانية.
من الغلاف الجوي إلى اللبّ المنصهر
سجّل العلماء تسارعًا غير متوقع في دوران الأرض، ما تسبب في أقصر يوم مُقاس في التاريخ بتاريخ 5 يوليو 2024، حين أكملت الأرض دورتها اليومية أسرع بـ1.66 ميلي ثانية من المدة القياسية البالغة 86,400 ثانية. و
جاء هذا التسارع ضمن سلسلة من الأيام القصيرة المسجلة منذ عام 2020، شملت أيضًا تواريخ مثل 19 يوليو 2020، و9 يوليو 2021، و30 يونيو 2022، ما جعل عام 2024 العام الأكثر ازدحامًا بهذه الظاهرة منذ بدء تسجيل البيانات.
وعزت الأبحاث هذا التغيّر إلى مجموعة من العوامل الطبيعية، شملت الزلازل، وحركة التيارات البحرية، وذوبان الجليد، إضافة إلى اضطرابات في نواة الأرض المنصهرة، والتيارات الهوائية السريعة في الطبقات العليا للغلاف الجوي، مثل التيارات النفاثة.
ويُشبّه العلماء تأثير هذه العوامل بما يحدث في دوران المتزلج، الذي تزداد سرعته عند ضمّ ذراعيه إلى جسده.
اقرأ أيضًا: علماء يريدون نقل البكتيريا الأرضية إلى الفضاء!
واعتمدت القياسات على ساعات ذرية فائقة الدقة تديرها مؤسسات دولية بالتعاون مع مرصد البحرية الأمريكية، ضمن ما يُعرف بمؤشر "طول اليوم" (LOD)، وتُعد هذه الساعات معيارًا أساسيًا لضبط التوقيت العالمي المنسّق (UTC)، الذي يُعدّل عادة عبر إضافة "ثانية كبيسة" لمواكبة تباطؤ الأرض الطبيعي.
لكن في حال استمرار هذا التسارع، حذر الخبراء من أن العالم قد يُضطر، ولأول مرة، إلى طرح ثانية من التوقيت الرسمي، في ما يُعرف بـ"الثانية الكبيسة السالبة"، وهو إجراء لم يُسجل من قبل.
وأكد الباحث الروسي ليونيد زوتوف أن تسارع دوران الأرض ما يزال لغزًا علميًا، إذ لم تتمكن النماذج المناخية أو الجيولوجية الحالية من تفسيره، مضيفًا: "عاجلًا أم آجلًا، ستتباطأ الأرض مجددًا، لكن حتى ذلك الحين، تستمر الأسئلة في التزايد مع كل دورة زمنية جديدة".
