الأثرياء يودّعون "رولكس" واليخوت.. الصحة هي الثروة الجديدة
باتت مظاهر الثراء التقليدية، مثل الساعات الفاخرة واليخوت، غير كافية للتعبير عن المكانة الاجتماعية في العصر الحديث، حيث يتجه الأثرياء بشكل متزايد نحو الاستثمار في صحتهم الجسدية والعقلية، من خلال إنفاق مبالغ طائلة على خدمات طبية وقائية وعلاجات متقدّمة. هذا ما أظهرته دراسة حديثة نشرت على منصة Dazed.
اقرأ أيضًا: دراسة: أوميغا 3 تعزز نتائج التمارين وتحسن صحة القلب والدماغ
تتضمّن هذه الخدمات الطبية الوقائية اختبارات وراثية باهظة، أجهزة تتبّع النوم والخطوات، وموجة لا تنتهي من العلاجات المضادة للشيخوخة، ما جعل الصحة رمزًا اجتماعيًا جديدًا يرتبط بمكانة الفرد وثروته.
وبحسب التقديرات، يُتوقع أن يبلغ حجم سوق الاختبارات التي تُجرى على الحمض النووي (DNA) الخاص بالشخص عالميًا نحو 49.72 مليار دولار بحلول عام 2033، مقارنة بـ 21.47 مليار دولار في 2024، في مؤشر واضح على تنامي هذا التوجّه عالميًا.
تقول الكاتبة والمحللة في اتجاهات السوق جِنَي فيليبس (J'Nai Phillips) إن "ظهور أجهزة مثل Oura Ring وWHOOP، ونظم مراقبة الغلوكوز المستمرة، سمح للأثرياء بمشاركة مؤشراتهم الصحية كمظهر للهوية الاجتماعية، ووسيلة لتحسين الذات". وقد أسهمت جائحة كوفيد-19 في تسريع هذا التحوّل، بعدما أصبحت مسائل مثل قوة التنفس، والمناعة، والالتهاب، من قضايا فردية إلى مواضيع رأي عام.
تأثير العلاجات المضادة للشيخوخة
وفي حين يُعد تأثير العلاجات المضادة للشيخوخة محدودًا علميًا، فإن أدنى تحسّن في المؤشرات الصحية يُعتبر إنجازًا في أوساط الأغنياء. وقد شهدت هذه السوق تحديدًا إقبالًا هائلًا على ما يُعرف بالحقن الوريدية الفاخرة، رغم أنها بعيدة عن متناول الطبقة المتوسطة.
وتُسمّى "فاخرة" لأنها تُقدَّم في عيادات خاصة ذات طابع فاخر، وغالبًا ما تكون مخصصة للمشاهير والأثرياء، بتكلفة قد تصل إلى مئات أو حتى آلاف الدولارات للجلسة الواحدة، وتتجاوز الاستخدامات الطبية التقليدية لتدخل في نطاق "العناية النخبوية بالجسم".
مؤشرات الرفاهية العالمية
تشير بيانات Global Wellness Institute إلى أن حجم سوق خدمات التعافي عالميًا بلغ نحو 6.3 تريليون دولار بنهاية عام 2024، وما يزال يشهد نموًا مطّردًا، رغم الانخفاض العام في مؤشرات الرفاهية العالمية.
هذا التناقض الصارخ، بحسب الخبراء، يُنتج فجوة صحية خطيرة بين الأغنياء والفئات ذات الدخل المنخفض، إذ لا تملك الأخيرة الموارد اللازمة لمواكبة هذا السباق، حتى في حدوده الأساسية مثل الفحوص الوقائية أو الرعاية الصحية المنتظمة.
ويُظهِر الواقع أن 20% من سكان العالم الأكثر ثراءً يتمتعون بتحسن مستمر في مؤشرات الصحة، فيما تتراجع هذه المؤشرات لدى الـ80% الآخرين. ورغم أن تغيّر هذا التوجّه يبدو بعيد المنال في المستقبل القريب، يؤكد الخبراء أن التخلّي عن العادات الضارة، وممارسة الرياضة، كفيلان بتحقيق نتائج صحية ملحوظة حتى لأصحاب الموارد المحدودة.
