فجوات الصحة النفسية في العمل.. كبار السن والنساء في مرمى الإهمال
كشف تقرير حديث أعدّه المدير العام لمنصة Calm Health، كريس كاري، عن وجود ثغرات بارزة في برامج الصحة النفسية المعتمدة في أماكن العمل، رغم التقدم الملحوظ في تبنّي هذه المبادرات خلال السنوات الأخيرة.
وأكد التقرير أن تلك البرامج لا تزال تُهمل فئات أساسية من الموظفين، أبرزها كبار السن، والنساء خلال المراحل الانتقالية الصحية، فضلًا عن مقدمي الرعاية الذين يواجهون ضغوطًا مزدوجة ضمن ما يُعرف بجيل "السندويتش"، الذي يتحمّل مسؤولية الأبناء والآباء في آن واحد.
اقرأ أيضًا: من الجيل إكس إلى جيل زد: كيف يتأثر كل جيل بالقلق؟
أكثر من 20% من القوة العاملة في الولايات المتحدة اليوم تتجاوز أعمارهم 55 عامًا، ومع ذلك، لا تزال البرامج النفسية في أماكن العمل تركّز على الشباب، متجاهلة التحديات الخاصة بهذه الفئة مثل الألم المزمن، فقدان الأحبة، والمسؤوليات العائلية.
وبحسب دراسة حديثة، فإن العمال بين 50 و59 عامًا يعانون تأثيرات نفسية تقطع عليهم 5 أيام عمل شهريًا في المتوسط، وهو رقم مقلق مقارنة بالمعدلات السابقة.
المفارقة أن أكثر من 80% من الموظفين من كافة الأعمار أبدوا استعدادهم لاستخدام أدوات رقمية للصحة النفسية إذا توفرت، بشرط أن تكون سهلة وموثوقة وملائمة لاحتياجاتهم. لكن المشكلة تكمن في ضعف الوعي، إذ لا يعلم بوجود هذه الأدوات سوى 23% فقط من الموظفين.
الفئات المنسية في برامج الصحة النفسية
تشير البيانات إلى أن ثلث الموظفين تعرّضوا خلال العام الماضي لحالة تتطلب رعاية عائلية، سواء لآباء مسنين أو أطفال أو شركاء مرضى، ما انعكس سلبًا على إنتاجيتهم وقدرتهم على التركيز، واضطر كثير منهم لأخذ إجازات متكررة.
ورغم أن فوائد دعم مقدمي الرعاية تُصنّف من بين الأكثر فاعلية، إلا أنها لا تزال نادرة في برامج الشركات.
أما النساء، فتواجهن تحديات مضاعفة. فالمراحل الصحية المهمة مثل الحمل غالبًا ما تكون غائبة عن برامج الدعم النفسي، رغم تأثيرها العميق على الأداء.
ففي المملكة المتحدة مثلًا، قالت 56% من النساء إن مشاكل الصحة الإنجابية أثّرت سلبًا على قدرتهن في العمل، مقارنة بـ37% فقط في الولايات المتحدة.
الدراسة نفسها تشير إلى أن 78% من الموظفين واجهوا حدثًا كبيرًا في حياتهم خلال عام واحد، مثل مرض عائلي أو خسارة مفاجئة، لكن 30% منهم فقط وجدوا برامج نفسية متاحة للتعامل مع هذه الأحداث. وهذا يعكس الفجوة الحقيقية بين ما يحتاجه الموظفون وما تقدمه المؤسسات.
ويختتم التقرير بتوصية واضحة: إذا أرادت الشركات أن تبني فرقًا مرنة ومهيأة للمستقبل، فعليها أن تتجاوز برامج العافية التقليدية، وأن تضع استراتيجيات مخصصة لكل فئة عمرية، وكل حالة نفسية، مدعومة بقيادة متعاطفة وأدوات تلبي احتياجات الموظف في موقعه الحقيقي—ليس فقط في ملفه الوظيفي.
