"غوادا-نيغاتيف".. فصيلة دم فريدة لا يملكها سوى إنسان واحد في العالم
في اكتشاف علمي فريد من نوعه، أعلن باحثون فرنسيون عن تحديد فصيلة دم جديدة تُعد الأندر على وجه الأرض، أُطلق عليها اسم "غوادا-نيغاتيف" (Gwada-negative). ولم تُرصد هذه الفصيلة لدى أي إنسان آخر سوى امرأة واحدة من جزيرة غوادلوب في الكاريبي، بعد فشل جميع المحاولات للعثور على متبرع متطابق، بما في ذلك من أقرب أفراد أسرتها.
بدأت القصة حينما أظهرت بلازما دم المرأة رد فعل سلبيًا تجاه جميع عينات الدم التي اختُبرت، حتى تلك المأخوذة من أشقائها. هذا التفاعل غير المألوف دفع العلماء إلى استخدام تقنيات تحليل الجينوم لفحص حالتها، ليتبين أن السبب يعود إلى طفرة نادرة في الجين المعروف باسم PIGZ، وهي طفرة غيّرت طبيعة فصيلة دمها بشكل كامل.
اقرأ أيضًا:دراسة جديدة: حمية الكيتو تعزز تدفّق الدم وصحة الدماغ
يلعب الجين PIGZ دورًا مهمًا في إنتاج إنزيم يُضيف نوعًا من السكريات إلى سطح خلايا الدم الحمراء، ما يسهم في تكوين ما يُعرف بمولد الضد (antigen) الذي يحدد الفصيلة. في حالة المرأة، غابت هذه الإضافة السكرية، ما خلق فصيلة جديدة تمامًا: الأشخاص الذين لديهم هذا المولد يُصنّفون "غوادا-بوزيتيف"، أما من يفتقرون إليه، مثل هذه المرأة، فيُعدّون "غوادا-نيغاتيف".
وللتأكد من صحة الاكتشاف، قام العلماء بإعادة إنشاء الطفرة مخبريًا باستخدام تقنية التعديل الجيني، وأثبتوا أن جميع المتبرعين حتى اليوم ينتمون إلى الفئة "غوادا-بوزيتيف"، ما يجعل من هذه المرأة الوحيدة في العالم التي تنتمي إلى "غوادا-نيغاتيف".
مضاعفات صحية محتملة
لم تتوقف نتائج الطفرة عند صعوبة نقل الدم فقط، إذ تعاني السيدة من إعاقة ذهنية طفيفة، وقد فقدت طفلين عند الولادة. ويرجّح العلماء وجود صلة بين هذه النتائج المأساوية والطفرة الجينية المكتشفة، خصوصًا أن إنزيم PIGZ يشارك في مراحل إنتاج جزيء معقد يُعرف بـ GPI، وسبق أن رُبطت الطفرات في هذا المسار بأعراض عصبية خطيرة وحالات ولادة ميتة.
اقرأ أيضًا: اكتشاف جيني نادر يغيّر خريطة فصائل الدم البشرية
بسبب استحالة العثور على متبرع متطابق، يأمل الباحثون بأن يحمل المستقبل حلًا مبتكرًا من خلال الدم المصنع مخبريًا. إذ تعمل عدة فرق علمية على إنتاج خلايا دم حمراء من الخلايا الجذعية، يمكن تعديلها جينيًا لتتطابق مع فصائل نادرة مثل "غوادا-نيغاتيف".
انضمّت "غوادا" إلى قائمة تضم 48 نظامًا لفصائل الدم معترفًا بها عالميًا. وقد استُلهم الاسم من لقب شائع يطلقه سكان غوادلوب على أنفسهم، ما يمنح الفصيلة الجديدة بُعدًا ثقافيًا إلى جانب أهميتها الطبية.
ومع تطور تقنيات تحليل الجينات، يتوقع العلماء أن يكشفوا عن مزيد من الفصائل النادرة، ما يُثري فهمنا للتنوع البشري ويطرح تحديات جديدة أمام الطب الحديث، خاصة في مجال نقل الدم والعلاجات المصممة وراثيًا.
