الذهب في القاع والنزاع في السطح.. من يملك كنز الكاريبي؟

عُثر على حطام سفينة سان خوسيه San José الإسبانية على عمق يُقارب ألفي قدم تحت سطح البحر الكاريبي، وذلك بعد أكثر من ثلاثة قرون على غرقها خلال معركة بحرية مع الأسطول البريطاني في 8 يونيو من عام 1708.
وكانت السفينة تحمل شحنة ضخمة من الذهب والفضة والزمرد تُقدَّر قيمتها الحالية بنحو 16 مليار جنيه إسترليني، أي ما يُعادل نحو 21 مليار دولار أمريكي، ما أشعل نزاعًا دوليًا جديدًا حول ملكية هذا الكنز التاريخي بين حكومات وشركات وجهات متعددة.
الكنز المؤكد.. والهوية المثبتة
أكدت دراسة أثرية نُشرت في 10 يونيو الجاري في مجلة Antiquity المتخصصة أن الحطام الذي تم اكتشافه قبالة سواحل كولومبيا يعود بالفعل إلى سفينة سان خوسيه الإسبانية الغارقة.
وجاء هذا التأكيد استنادًا إلى صور التقطتها طائرات غوص مسيّرة أظهرت وجود عملات معدنية ومدافع وخزف صيني يعود إلى الفترة نفسها التي غرقت فيها السفينة، ما وفر للباحثين أدلة حاسمة تثبت هوية الحطام.
اقرأ أيضًا: كنز من عالم "ستار وورز".. دمية واحدة تتجاوز الـ100 ألف دولار
يشهد ملف حطام سفينة سان خوسيه نزاعًا قانونيًا ودبلوماسيًا معقدًا، إذ تطالب إسبانيا بملكية السفينة بوصفها كانت تابعة للدولة الإسبانية عند غرقها، بينما تتمسك كولومبيا بحقها في الكنز استنادًا إلى وقوع الحطام داخل مياهها الإقليمية.
كما تدخل بيرو في النزاع باعتبار أن الشحنة الثمينة نُقلت من أراضيها، في حين تطالب مجتمعات السكان الأصليين بحصتها من الكنز، بدعوى أن أسلافهم هم من عملوا في استخراج الذهب والفضة من المناجم.
وتزيد القضية تعقيدًا مع دخول شركة الإنقاذ الأمريكية Sea Search Armada، التي تزعم أنها اكتشفت موقع الحطام في ثمانينيات القرن الماضي، وتخوض حاليًّا دعوى قضائية ضد الحكومة الكولومبية بتهمة الإخلال باتفاق سابق يقضي بحصولها على نسبة من قيمة الاكتشاف.
قضية بلا محكمة دولية
اقرأ أيضًا: اكتشاف كنز مُخبأ في جدار تاريخي خلال أعمال ترميم بفرنسا
يرى خبراء القانون الدولي أن النزاع حول السفينة يواجه مأزقًا قانونيًّا معقدًا، نظرًا لغياب مرجع قضائي دولي ملزم يمكنه البت في القضية. فالمحاكم الدولية لا تملك صلاحية إلزام الدول بالمثول أمامها دون موافقتها، في وقت لم توقّع فيه كولومبيا على اتفاقيتي الأمم المتحدة لقانون البحار واليونسكو لحماية التراث الثقافي المغمور، على عكس إسبانيا التي تُعد طرفًا في كليهما.
حتى في حال توصّلت مدريد وبوغوتا إلى تسوية ثنائية، فإن مطالب بيرو ومجتمعات السكان الأصليين ستبقى خارج الإطار القانوني الدولي، إذ لا تملك هذه الجهات صفة الدول التي تخوّلها اللجوء إلى القضاء الدولي.
ويُنظر إلى كنز سان خوسيه باعتباره أكثر من مجرد ثروة مادية، بل شاهدًا على صراعات الحقبة الاستعمارية وتنافس الإمبراطوريات.
وبينما يرى البعض أن مكانه الطبيعي هو المتاحف، تشير كل المؤشرات إلى أنه سيظل محور نزاع طويل الأمد، يفتقر لأي اتفاق دولي واضح أو آلية تنفيذ مُلزمة، في تكرار لحالة حطام تايتانيك، ولكن ضمن ظروف أكثر غموضًا وتعقيدًا.