دراسة: خلايا الدهون تحتفظ بذاكرة سمنة تعيق ثبات الوزن
نشر الدكتور بيتر أتيّا، الطبيب المتخصص في طب الأمراض المزمنة وتحسين الأداء الأيضي، تدوينة عبر موقعه الإلكتروني، أشار فيها إلى دراسة علمية نُشرت في ديسمبر الماضى في مجلة Nature.
وأوضح أن هذه الدراسة كشفت عن وجود "ذاكرة سمنة" في خلايا الدهون، وهي بصمة جزيئية طويلة الأمد تبقى نشطة حتى بعد فقدان الوزن، ما قد يُفسر سبب استعادة الوزن بسرعة ويُشير إلى أن المشكلة لا تتعلق بالعوامل النفسية فقط، بل بآلية بيولوجية كامنة داخل الجسم.
تحليل متقدم يكشف أسرار الخلايا الدهنية
اعتمد الباحثون في الدراسة على تقنيات تحليل متقدمة مثل تسلسل الحمض النووي الريبي في نواة الخلية (single-nucleus RNA sequencing) وتحليل البصمة الجينية (epigenomic profiling)، لتتبع نشاط الجينات في الأنسجة الدهنية. ووجدوا أن خلايا الدهون – لدى البشر والفئران – تستمر في إظهار أنماط من النشاط الجيني المرتبط بالسمنة حتى بعد خسارة الوزن.
نتائج واضحة بعد جراحات السمنة
شملت الدراسة أفرادًا خضعوا لجراحات السمنة وتمكنوا من الحفاظ على فقدان ما لا يقل عن 25% من وزنهم لمدة عامين.
وعند مقارنة خلاياهم الدهنية بأشخاص لم يسبق لهم أن كانوا بدناء، وُجد أن خلايا الفئة الأولى ما زالت تُظهر نشاطًا غير طبيعي في الجينات، خاصة تلك المرتبطة بالالتهاب وموت الخلايا، في حين كانت المسارات المسؤولة عن الوظائف الطبيعية للخلايا الدهنية لا تزال مثبّطة.
التفسير: تغييرات جينية طويلة الأمد
أرجع العلماء هذا الأثر إلى تغيّرات فوق جينية (Epigenetic Changes) مستقرة، أي تغييرات تؤثر على كيفية استجابة الخلايا دون أن تُغير في الشيفرة الوراثية ذاتها.
وهذه التعديلات تجعل الخلايا الدهنية أقل قدرة على التفاعل مع الإشارات الأيضية بطريقة صحية، ما يُصعّب الحفاظ على الوزن الجديد.
اقرأ أيضًا: الصيام المتقطع قد يؤدي لفقدان ملحوظ في الوزن خلال فترة قصيرة.. دراسة حديثة
نحو فهم أعمق لحلول السمنة طويلة الأمد
تُسلّط هذه النتائج الضوء على الحاجة إلى تبني استراتيجيات جديدة في علاج السمنة، لا تقتصر فقط على تقليل السعرات أو تعزيز النشاط البدني، بل تمتد إلى استهداف الذاكرة الخلوية للسمنة.
ويؤكد الباحثون أن من فقدوا وزنًا كبيرًا ليسوا عاجزين عن الحفاظ عليه، ولكن أجسامهم ببساطة تواجه مقاومة بيولوجية حقيقية.
الفوائد تبقى قائمة رغم التحديات
ورغم هذا التحدي، يظل فقدان الوزن مصحوبًا بفوائد مؤكدة على مستويات التمثيل الغذائي، وصحة القلب، والصحة النفسية. ويوضح الدكتور أتيّا أن هذه المكاسب تبرر الاستمرار في السعي نحو وزن صحي، مع ضرورة إدراك أن الجسم قد يحتاج إلى دعم إضافي للحفاظ على التغيرات طويلة الأمد.
