جولة في أرقى متاحف ومصانع الساعات الفاخرة حول العالم

عالم الساعات الفاخرة، هو عالم ساحر يجمع بين الفن والتقنية والتقاليد العريقة، فوراء كل ساعة فاخرة قصة من الحرفية العالية والابتكار المستمر والتراث الذي يمتد لقرون.
ومتاحف وورش ومصانع الساعات ليست مجرد أماكن للصنع أو للعرض، بل بوابات تسمح لعشاق الساعات الفاخرة بالعبور إلى ذلك العالم السحري، حيث تأخذهم في رحلة عبر الزمن، يكتشفون خلالها أسرار هذه الصناعة وتطورها، حيث يمكنهم أن يشهدوا، عن كثب، المهارات اليدوية والتقنيات التي تجعل من كل ساعة قطعة فريدة لا تشبه غيرها.
متاحف الساعات الفاخرة
هذا العالم الحصري يفتح أبوابه فقط لمن يملكون شغفاً حقيقاً به، فهل تملك هذا الشغف؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنت مدعو لتصحب منصة "الرجل" في السطور التالية، للاستمتاع بجولة في هذا العالم.
متحف باتيك فيليب: الزمن المرصع بالجواهر
في قلب حي "بلينبالاي" النابض بالحياة، يقع متحف "باتيك فيليب Patek Philippe"، الذي يجذب عشاق الساعات وفنونها.
متحف يقع في مبنى آرت ديكو، تم ترميه بعناية للمحافظة على روحية المكان، إذ كان في السابق موطناً لأجيال من صانعي الساعات والحرفيين.
وقد تأسس على يد "فيليب ستيرن" عام 2011، الذي يملك شغفاً عميقاً بالساعات، ويسعى للمساهمة بالمحافظة على تراث "جنيف" العريق في هذا المجال.
وبينما تحتل إبداعات "باتيك فيليب" مكانة خاصة في قلب المتحف، إلا أن المجموعات تتجاوز ذلك لتحتفي بتاريخ صناعة الساعات الأوروبية والسويسرية بشكل عام.
المتحف يوفر رحلة آسرة عبر خمسة قرون من البراعة والدقة، بمجموعات تضم أكثر من 2،500 قطعة من الساعات والآلات والأعمال الفنية الدقيقة، التي تعود للقرنين السادس عشر وحتى أوائل القرن التاسع عشر، من خلال كنوز تروي قصص تطور قياس الزمن، وتبرز روعة الفنون الزخرفية من المينا والنقش وتطعيم الأحجار الكريمة.
مجموعة Patek Philippe، التي تعود إلى أكثر من 180عاماً توفر إستعراضاً يخطف الأنفاس لرحلة مذهلة، من ساعات الجيب الأولى إلى ساعات اليد العصرية المتطورة، تبرز هذه المجموعة أكثر القطع شهرة وتعقيداً، حيث تروي كل ساعة قصة خاصة حافلة بالحرفية والعبقرية والإبداع والعمل الجاد.
وبالإضافة إلى الساعات، يضم المتحف مكتبة متخصصة تحتوي على أكثر من 8,000 كتاب حول علم وفن الساعات.
متحف ورشة أوديمار بيجيه: رحلة إلى قلب صناعة الساعات الراقية
في قرية "لو براسوس" الهادئة في "وادي جوا" السويسري، مهد صناعة الساعات الفاخرة، يقع متحف ورشة "أوديمار بيجيه Audemars Piguet"، الذي يوفر رحلة استثنائية إلى قلب وروح صناعة الساعات الراقية.
المتحف الذي تم افتتاحه عام 2020، يمثل مزيجاً مذهلاً من العمارة المعاصرة والتقاليد الخالدة، حيث صممه فريق "بي ياركي إنجلز BIG"، ليكون معلماً ثقافياً وورشة حية، تجسد روح الابتكار والإبداع التي تميزت بها "أوديمار بيجيه Audemars Piguet" منذ تأسيسها عام 1875.
داخل الهيكل الحلزوني الأنيق، يعرض المتحف حوالى 300 قطعة استثنائية، تروي حكايات 200 عام من براعة صناعة الساعات في "وادي جوا".
ويمكن للزوار الاطلاع على تشكيلة مذهلة من الساعات التي تعرض التعقيدات التقنية، وإبداعات التصغير، والابتكارات التصميمية الرائدة.
ومن أبرز المعروضات ساعة "Universal"، التي تعد الساعة الأكثر تعقيداً التي صنعتها Audemars Piguet عام 1900، بالإضافة إلى مجموعات أيقونية مثل Royal Oak وRoyal Oak Offshore وغيرها.
ولعل ما يميز المتحف، هو كونه يدمج بين المعرض وورشة العمل، حيث تسمح الورش -بجدرانها الشفافة في قلب المتحف- للزوار مشاهدة صانعي الساعات والمجوهرات والنقاشين ومثبتي الأحجار الكريمة أثناء عملهم.
وللذين يملكون رغبة بالتعمق أكثر في تاريخ هذا العالم الجميل، يقدم المتحف دروساً تفاعلية، تتيح للمشاركين التحول إلى صناع ساعات، حيث يمارسون تقنيات الزخرفة والتجميع تحت إشراف خبراء.
ولحجز جولة خاصة يجب القيام بحجز مسبق، وذلك لأن جميع الزيارات خاصة أو غير خاصة تتم عن طريق المواعيد المسبقة.
وتستغرق الجولة 120 دقيقة، وتقام لمجموعات صغيرة تصل إلى 8 أشخاص باللغات: الإنجليزية، الفرنسية أو الألمانية.
ورغم أن الموقع لا يوفر خيار الجولات الخاصة لفرد واحد، إلا أنه يمكن تنسيق ذلك من خلال التواصل مع الجهات المعنية في المعرض، وشرح طلبكم والاستفسار عن إمكانية القيام بجولة فردية، والتكاليف المحتملة والمواعيد المتاحة.
متاحف نادرة لا يعرفها إلا هواة الساعات الفاخرة
لعشاق وهواة جمع الساعات الفاخرة، الباحثين عن متاحف نادرة وحصرية في هذا العالم الحصري، هناك تجارب استثنائية أقل شهرة، بعيداً عن المتاحف الكبرى والمعروفة، ومنها:
متحف باير للساعات، زيوريخ: كهف علاء الدين المخفي
يقع متحف "باير للساعات" في الطابق السلفي لمتجر باير "Beyer Chronometrie AG"، في شارع "باهونف شتراسه" في زيوريخ، وهو واحد من أسرار عالم صناعة الساعات المحفوظة بعناية بين عشاقه.
هذه المجموعة الخاصة التي جمعتها عائلة "باير" من منتصف القرن الثامن عشر، تضم حوالي 500 قطعة متنوعة ومختلفة من الساعات الشمسية القديمة، والساعات الزيتية، وساعات الجيب، والساعات الحديثة.
موقع المتحف الخفي ولافتته البسيطة لا يعبران عن الكنوز المخفية في الداخل، حيث القطع النادرة والساعات المصنوعة من الخشب أو العاج، بالإضافة إلى ساعة الكرة الدوارة الأصلية، كما يضم المتحف أدوات فلكية وجغرافية، توفر نظرة على سعي الإنسان لقياس الزمن.
ويصف الزوار المتحف بأنه "كهف علاء الدين المخفي"، حيث حافظت أجيال عائلة "باير" على هذه المجموعة ووسعتها، مضيفة إليها المزيد من الساعات الخلابة والفريدة.
رسم الدخول إلى المتحف رمزي، وهو مفتوح أمام الزائرين طوال أيام الأسبوع، ولكن بسبب مساحته الصغيرة وقلة الوعي العام حول وجوده، فإن الأعداد التي تزوره قليلة جداً، وطبعاً الجولات متاحة فقط مع مرشدين.
اقرأ أيضًا: رحلة عبر الزمن: مطاعم ملكية توفر تجارب مستوحاة من التاريخ
مصنع أيه لانجيه آند صونه: امتياز نادر وحصري
العلامة التجارية الألمانية العريقة "أيه لانجيه آند صونه A. Lange & Sohne" لا تملك متحفاً خاصاً بها، ولكن يمكن الاطلاع على بعض من قطعها في "متحف الساعات الألمانية" في بلدة "جلاشوتيه"، وهي البلدة نفسها التي يقع فيها مصنع العلامة.
ورغم أن العلامة التجارية هذه معروفة بترحيبها بالزوار، ولكن الدخول إلى المصنع الشهير هو امتياز نادر وحصري، ومخصص لمن يملكون شغفاً حقيقياً بهذه الماركة من الساعات.
وعلى عكس بعض صانعي الساعات الآخرين، فان ترتيب جولة في المصنع ليس بالأمر السهل، فعدد الجولات محدود للغاية، كما لا يتم الإعلان عن مواعيدها.
وعادة ما يتم تنسيقها عبر الوكلاء المعتمدين، وغالباً ما تكون من نصيب جامعي الساعات الذين يمكلون عدة قطع من العلامة التجارية.
ولكن الفئة القليلة المحظوظة ستختبر تجربة استثنائية، إذ إن المصنع هو مزيج متناغم من التقاليد والابتكار، حيث يعمل صناع الساعات على كل مكون بدقة متناهية، مستخدمين أحدث التقنيات، جنباً الى جنب مع تقنيات التزيين اليدوي التقليدية.
مصنع رولكس: للقلة من المحظوظين!
رغم شهرة "رولكس Rolex" العالمية، وكونها واحدة من أكبر وأهم شركات صناعة الساعات في العالم، فإن الدخول إلى مصانعها في سويسرا هو أمر نادر للغاية، ومحصور بعدد قليل جداً من الأشخاص.
إذ لا تتيح "رولكس Rolex" للجمهور زيارة مصانعها، كما لا يوجد متحف رسمي للعلامة، ولكن الفئة المحظوظة التي زارت المصانع، والتي كشفت عن تفاصيلها، هي عادة من الصحفيين الذين يقدمون للعالم لمحة عن ذلك العالم السري والسحري.
ومن هؤلاء القلة المحظوظة "بنجامين كلايمر"، الذي زار متاحف رولكس الأربعة، وقدم لنا لمحات عن عالم رولكس السري.
المقر الرئيس في "أكاسيا"، وهو مبنى حديث مجهز بأحدث التقنيات، يضم مكاتب الشركة وأقسام التصميم والبحث والتطوير، بالإضافة إلى ذلك تتم عملية التجميع النهائية هناك، حيث تركب العقارب والأساور، ويتم إجراء كل الفحوصات النهائية لضمان التزامها بمعايير الجودة والدقة.
مصنع "بلان ليه وات"، هو قلب تصنيع العلب والأساور المعدنية لرولكس، ويتم إنتاج المعادن في هذا المصنع من خلال مسبك خاص، كما يتم إنتاج سبائك الذهب الثلاث الخاصة بها، وهي الأصفر والأبيض والوردي، بالإضافة إلى الفولاذ الفريد "فولاذ اويستر"، ومادة السيراميك الخاصة برولكس "سيراكروم" في هذا المصنع، كما يضم مختبراً لاختبار المعادن، وللكشف عن أدق العيوب، بالإضافة إلى نظام تخزين يضم حوالى 60 ألف خلية تخزين.
مصنع "شين بورج"، هو المكان الذي تنتج فيه مينا الساعات، وتلتقي فيه التكنولوجيا الحديث مع الحرفية اليدوية الدقيقة، حيث تصنع المينا من النحاس الأصفر، الذهب أو البلاتين، وتزخرف من خلال تقنيات مختلفة كالطلاء الكهربائي، أو الترصيع بالأحجار الكريمة أو أحجار النيازك.
وأخيراً "مصنع بينين" وهو قلب صناعة الحركة الميكيانيكية لرولكس، حيث يصنع ويجمع كل جزء من الحركة بدقة متناهية، وكل حركة تتكون من 200 إلى 400 قطعة، تخضع لعمليات تصنيع دقيقة، تشمل أكثر من 350 نقطة قياس على اللوحة الرئيسة فقط.