هدوء أم غضب؟ كيفية التعامل مع الزوجة الصامتة

الحياة الزوجية رحلة طويلة، تحتاج إلى التواصل الفعال، والتفاهم المستمر بين الشريكين، ومع ذلك، قد يجد بعض الأزواج أنفسهم في مواجهة مع زوجة صامتة، لا تعبر كثيرًا عن مشاعرها أو أفكارها، مما قد يثير التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء ذلك، وتأثيره على العلاقة الزوجية، كيفية التعامل مع الزوجة الصامتة.
كيفية التعامل مع الزوجة الصامتة
سؤال يجيب عنه الدكتور "محمد عبد المنعم"، استشاري الطب النفسي، قائلًا: "قد يكون الصمت لدى الزوجة سمة شخصية تعكس هدوء طبعها، أو رغبتها في التأمل بدلًا من الحديث المستمر، وقد يكون نتيجة لضغوط نفسية أو اجتماعية، تجعلها تتجنب التعبير عن نفسها".
وأضاف استشاري الطب النفسي في حديثه لمنصة "الرجل": "الصمت في بعض الأحيان، قد يكون رد فعل على مشكلات في العلاقة، مثل الشعور بعدم التقدير، أو التوترات المتكررة، أو اختلاف أساليب التواصل بين الزوجين".
وأشار إلى أن هناك في بعض الحالات، قد يكون الزواج قد تم دون تعارف حقيقي، كما في حالات الزواج التقليدي "الصالونات"، موضحًا: "يتم اختيار العروس بناءً على معايير الأهل، دون أن يكون للزوج فرصة كافية للتعرف على شخصيتها، وبعد الزواج، يكتشف أنها قليلة الكلام، فيجد نفسه غير متوافق معها، ولكن هنا يجب أن نتساءل: ألم يكن عليه أن يتعرف عليها جيدًا قبل اتخاذ قرار الارتباط والزواج بها؟".
وتابع: "من ناحية أخرى، هناك حالات تكون فيها الزوجة متفاعلة واجتماعية قبل الزواج، لكنها تتحول بعد الزواج إلى شخص صامت، بسبب الضغوط النفسية والمعاملة السلبية التي تتعرض لها، هنا، يكون الزوج هو السبب في هذا التحول، مما يجعل العلاقة غير صحية وتفتقر إلى المودة والرحمة التي تحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: [وجعل بينكم مودة ورحمة]".

أسباب صمت الزوجة
دكتور "عبدالمنعم" يستمر في التوضيح قائلًا: "في حالة إذا فقد الزوجان التواصل بينهما، فقد يكون ذلك نتيجة شعور الزوجة بالإحباط أو الاكتئاب أو فقدانها لأي دور حقيقي في حياتها الزوجية، مما يجعلها تشعر وكأنها مجرد أداة دون قيمة حقيقية، في مثل هذه الحالات، لا يمكن اعتبار الصمت مجرد طبيعة شخصية، بل انعكاس لمشكلة نفسية تحتاج إلى فهم وعلاج".
وأضاف: "في المقابل، إذا كانت الزوجة قليلة الكلام بطبيعتها، فلا يمكن اعتبار ذلك عيبًا، بل مجرد اختلاف في الطباع، وقد يكون مناسبًا لشخص يفضل الهدوء بدوره".
ويكمل: "المشكلة الحقيقية تكمن عندما يكون الزوج محبًا للنقاش والتفاعل، بينما زوجته تفضل الصمت، مما يؤدي إلى صدام بين شخصيتين غير متوافقتين، لذلك بدلاً من تقديم نصائح عامة، يجب أولًا فهم طبيعة العلاقة وأسباب المشكلة، فهناك فرق بين زوجين يعيشان في صمت لأنهما غير متفاهمين، وزوجين هادئين بطبيعتهما لكنهما مرتاحان بهذه الطريقة، والأهم هو أن يكون الطرفان متقبلين لطبيعة العلاقة بالشكل الذي يسعدهما، وليس بناءً على معايير خارجية".
ويختتم حديثه بالقول: "في النهاية، فإن الاختيار الصحيح من البداية هو الأساس لنجاح أي علاقة، ويجب أن يكون هناك وعي بأن ما يعتبر ميزة لدى شخص قد يكون عيبًا لدى آخر، أما إذا أصبحت العلاقة مرهقة للطرفين، وفقدت المودة والرحمة، فلا بد من البحث عن حلول تعيد التوازن إليها، أو إعادة النظر في استمراريتها".
اقرأ أيضًا: عادات بسيطة تسعد الزوجة يتجاهلها معظم الرجال
نصائح للتعامل مع الزوجة الصامتة
من جانبها، قالت الدكتورة "سوسن الفايد" أستاذ علم النفس الاجتماعي: إن "المهم أن يدرك الزوج طبيعة شخصية زوجته وأسباب صمتها، فقد يكون ذلك ناتجًا عن عوامل نفسية عاطفية أو اجتماعية، ولفهم الأمر بشكل أعمق، ينبغي أن يكون لديه معرفة مسبقة باهتماماتها وأهدافها في الحياة، لأن هذه المعرفة تفتح المجال لنقاشات جذابة تسهم في تفاعلها معه".
وأوضحت الفايد لـ"الرجل" أن أسباب صمت الزوجة وطرق التعامل معها قد ترجع إلى الطبيعة الشخصية، فقد تكون الزوجة بطبيعتها هادئة، ما يتطلب من الزوج تقبل شخصيتها والتكيف معها، بدلاً من الضغط عليها للتغيير.
وأضافت: "كما أن مرور الزوجة بحالة نفسية أو مشكلة معينة يصيبها بالصمت، وفي هذه الحالة ينبغي على الزوج دعمها نفسيًا، وتوفير بيئة آمنة للحوار دون إجبارها على التحدث".
وشددت "الفايد" على ضرورة حرص الزوج على خلق جو من الطمأنينة والهدوء، مع تجنب الصوت العالي أو الضغط النفسي، لأن ذلك قد يزيد من انغلاقها، بدلاً من تحفيزها على الكلام.
وأوضحت أن أسباب صمت الزوجة قد ترجع إلى "قلة الثقة بالنفس أو الضغوط الحياتية، أو يمكن أن يكون ناتجًا عن مشكلات متعلقة بتقدير الذات أو ضغوط العمل والحياة الزوجية"، مؤكدة أنه في هذه الحالة يجب أن يعزز الزوج ثقتها بنفسها، ويشاركها اهتماماتها، لمساعدتها على التعبير عن مشاعرها بشكل أفضل.
ونصحت أستاذ الطب النفسي، بضرورة اختيار الوقت المناسب للحوار، ومشاركة الاهتمامات ومعرفة ما تحبه الزوجة، والحديث عن مواضيع تهمها، ما يساعدها على الانخراط في النقاش.
اقرأ أيضًا: فن تغيير طباع الزوجة: استراتيجيات فعالة لتحسين العلاقة الزوجية
مواضيع للنقاش مع الزوجة الصامتة
وتكمل أستاذة الطب النفسي: "من الضروري أن يعتمد الزوج على الذكريات المشتركة، واسترجاع اللحظات الجميلة مثل السفر، والمواقف الطريفة، أو مشاهدة فيلم معًا، قد يكون محفزًا لها للحديث والتفاعل، بالإضافة إلى ضرورة تفهم الخلفيات النفسية، إذا كان الصمت ناتجًا عن مخاوف أو تجارب سابقة، فمن الضروري أن يتعامل الزوج بحكمة وصبر، وربما يكون من المفيد استشارة مختص نفسي إذا لزم الأمر".
وتتابع: "يجب على الزوج أيضًا اختيار المواضيع المناسبة للمناقشة، فيتحدث عن الأشياء التي تهمها مثل هواياتها، والكتب التي تفضلها، والأفلام المفضلة، والطهي، والموضة، أو أي شيء تحبه، أو سؤالها عن يومها، كيف تشعر، وما الذي يضايقها أو يسعدها، بالإضافة إلى ضرورة استخدام أساليب غير مباشرة للحوار، كالرسائل النصية إذا كانت لا تحب التحدث كثيرًا وجهًا لوجه، ويمكن التعبير عن المشاعر برسائل مكتوبة أو مفاجآت بسيطة، أو استخدام الأفلام أو الأغاني كمدخل لنقاش مشترك".

ووجهت "الفايد" عدة نصائح للزوج، منها: عدم الانتقاد أو السخرية، وتعزيز الثقة بين الطرفين، مشيرة إلى أن صمتها قد يكون ناتجًا عن خوفها من رد فعل الزوج أو عدم ثقتها في التفاعل معه. قائلة: "كن مستمعًا جيدًا، ولا تحكم على مشاعرها أو تقلل منها، ويمكن أيضًا ممارسة أنشطة مشتركة كممارسة الرياضة معًا، والطهي، ومشاهدة فيلم، أو حتى المشي في مكان هادئ، فقد يكون هذا مدخلًا لفتح الحوار".
ولكن متى ينبغي اللجوء إلى استشاري نفسي؟
وفقًا لأستاذ الطب النفسي، إذا استمر الصمت لفترة طويلة دون أي تحسن، وكان يؤثر على جودة العلاقة الزوجية، فقد يكون من الضروري استشارة طبيب نفسي، ومن الأفضل أن يحضر الزوج الجلسات أيضًا، ليتمكن الطبيب من تحليل طبيعة العلاقة بين الزوجين، ومن ثم يمكنه تقديم التوجيه المناسب لكليهما.
واختتمت "الفايد" حديثها قائلة: "في النهاية، فإن نجاح العلاقة الزوجية يعتمد على الفهم المتبادل، والصبر، والقدرة على بناء بيئة صحية للزوجين".