أسباب "متلازمة رائحة السمك" وكيفية الوقاية والعلاج

تخيّل أن تنبعث رائحة شبيهة بالأسماك من شخصٍ ما!
علميًا لا يبدو هذا الأمر مستحيلًا، فهناك متلازمة نادرة تُعرَف بـ"متلازمة رائحة السمك"؛ حيث تزداد مستويات بعض المركبات الكيميائية في الجسم، بسبب طفرة جينية، ما يؤدي إلى رائحة قوية شبيهة برائحة الأسماك، قد تزداد مع التعرّق والتوتر، فما سبب معاناة بعض الناس من تلك الرائحة؟ وهل يمكن علاجها؟
ماهية متلازمة رائحة السمك
تؤدي "متلازمة رائحة السمك" إلى انبعاث رائحة قويّة شبيهة برائحة السمك من الجسم، نتيجة خلل التمثيل الغذائي فيه؛ إذ لا يكون الجسم قادرًا على تكسير المُركّب الكيميائي "ثلاثي ميثيل أمين"، ما يؤدي إلى تراكُمه في الجسم، ومن ثم انبعاث رائحة قوية من الجسم تشبه رائحة الأسماك.
وتنقسم "متلازمة رائحة السمك" إلى نوعَين رئيسَين:
- أوّلية: يرث المُصابُون بهذا النوع الطفرات الجينية المرتبطة بالمتلازمة من الأبوين.
- ثانوية: قد تُسبِّب بعض المشكلات الصحية أو المكملات الغذائية متلازمة رائحة السمك، وليس الخلل الجيني.
وتشِير إحدى الدراسات، حسب "Cleveland Clinic"، إلى أنّ هذه المتلازمة تُصِيب ما بين 1 من كل 200,00 إلى 1 من كل مليون إنسان، مع زيادة نسبة إصابة الإناث بها عن الذكور.
ويعتقد بعض الباحثين أنّ هذه المتلازمة أكثر شيوعًا من هذه الأرقام؛ إذ يظنّ البعض أنّ إهمال النظافة الشخصية هو سبب الرائحة، لذا لا يطلبون رعاية صحية، ومن ثم لا يتلقّون تشخيصًا لمتلازمة رائحة السمك.
أسباب متلازمة رائحة السمك
تحدث "متلازمة رائحة السمك "نتيجة طفرات في جين "FMO3"، وهو المسؤول عن إنتاج إنزيمٍ يكسّر "ثلاثي ميثيل الأمين" إلى جُزيء عديم الرائحة، وعندما لا يُنتَج هذا الإنزيم أو يضعف نشاطه، يتراكم "ثلاثي ميثيل الأمين" في الجسم، وتُفرَز الكمية الزائدة منه عبر سوائل الجسم، مثل العرق والبول.
ويكفي أن يحمل كلا الوالدين على الأقل نسخة واحدة من طفرة جين "FMO3"، كي تنتقل إلى الأبناء، كما قد لا يُعانِي المصابون بالمتلازمة أي أعراضٍ، أو قد تكون الأعراض طفيفة بما يجعل رصدها صعبًا.
وبشكل عام، ليست الطفرة الجينية هي السبب الوحيد المسؤول هنا، بل قد يزداد "ثلاثي ميثيل الأمين" في الجسم لأسبابٍ أخرى، منها:
- الإصابة بأمراض الكبد، مثل قصور الكبد أو التهاب الكبد الفيروسي، إذ تمنع الإنزيمات من تكسير "ثلاثي ميثيل الأمين".
- اختلال توازن ميكروبيوم الأمعاء، ما قد يزيد مستويات "ثلاثي ميثيل الأمين" في الجسم.
- تناول مكملات الكولين أو الكارنيتين، بما لها من دور في إنتاج "ثلاثي ميثيل الأمين".
اقرأ أيضًا:متلازمة الميزوفونيا.. لماذا قد تزعجك أصوات مضغ الطعام؟
العلامات المميزة لمتلازمة رائحة السمك

تُعدّ الرائحة القوية الشبيهة بالسمك العلامة المميزة والأكثر شيوعًا لمتلازمة رائحة السمك، وقد تظهر هذه الرائحة مع العرق أو التنفّس أو البول أو السوائل التناسلية.
وقد تختلف الرائحة في شدّتها، فقد تكون قويّة أو غير ذلك، كما قد تتفاقم عند ممارسة التمارين الرياضية أو التوتر، لأنّ هذا يزيد إنتاج العرق.
ورغم عدم وجود علامات جسدية أخرى لمتلازمة رائحة السمك، فإنّ المُصابِين بها قد ينعزلون عن الآخرين، وربّما يعانون الاكتئاب.
هل لمتلازمة رائحة السمك مخاطر صحية؟
ليس لمتلازمة رائحة السمك مخاطر جسدية تُذكَر، لكنّها قد تكون شديدة الخطورة على الصحة النفسية للمرء، فغالبًا ما يتجنّب الأشخاص المصابون بمتلازمة رائحة السمك العلاقات والوظائف والأنشطة؛ حرصًا منهم على عدم ملاحظة الآخرين لرائحتهم، ما قد يزيد خطر إصابتهم بمشكلات الصحة النفسية، بما في ذلك:
- الاكتئاب.
- القلق.
- جنون الارتياب (البارانويا).
كيف تُشخَّص متلازمة رائحة السمك؟
قد تُشخَّص متلازمة رائحة السمك بمجرّد سؤال الطبيب المريض عن الأعراض، ثُمّ إجراء بعض الاختبارات، مثل:
- اختبار البول: الذي قد يكشف عن وجود مستويات مرتفعة من "ثلاثي ميثيل الأمين" في البول.
- اختبار جيني: للكشف عن وجود طفرة في جين "FMO3" أم لا.
هل يمكن علاج متلازمة رائحة السمك؟
قد لا تكون هناك وسيلة للتغلّب على الطفرات الجينية الموروثة، لكن هناك طرق مختلفة يمكن من خلالها تقليل شِدّة رائحة السمك، ومنها:
1. تجنّب بعض الأطعمة:
قد يُوصِي الطبيب بتجنّب بعض الأطعمة التي تزيد إنتاج "ثلاثي ميثيل الأمين"، مثل:
- بعض الأطعمة الغنية بالبروتين: البيض، الكبد، المأكولات البحرية، منتجات الصويا، الحليب من الأبقار التي تتغذّى على القمح.
- بعض الخضراوات: البروكلي، الملفوف، القرنبيط، براعم البروكسل، البازلاء، الفاصوليا.
- بعض المكملات: زيت السمك (أوميجا 3)، الكولين، الكارنيتين.
اقرأ أيضًا:متلازمة الأذن الموسيقية.. عندما تصبح الألحان ضيفًا ثقيلاً عليك!
2. الأدوية المساعدة:

قد تُوصَف بعض الأدوية للمساعدة على تخفيف أعراض متلازمة رائحة السمك، مثل:
- المضادات الحيوية: تساعد على تقليل البكتيريا في الأمعاء، ما قد يُقلِّل إنتاج "ثلاثي ميثيل الأمين"، الذي يُسبِّب الرائحة الشبيهة بالسمك.
- الفحم المنشط: يرتبط بالمركّب الكيميائي المُسبِّب لمتلازمة رائحة السمك، للتخلص منه.
- المليّنات: تقلّل الوقت الذي يستغرقه الطعام في المرور عبر الجهاز الهضمي، ما قد يقلّل الكمية التي ينتِجها الجهاز الهضمي من مركّب "ثلاثي ميثيل الأمين".
- مكملات فيتامين ب2: قد تساعد على زيادة نشاط الإنزيمات التي تكسّر مركّب "ثلاثي ميثيل الأمين"، ما يُسهِم في تخفيف رائحة السمك.
- مضادات الاكتئاب وأدوية القلق: قد يصفها الطبيب حال معاناة المريض من اضطرابات نفسية بسبب متلازمة رائحة السمك.
3. مستحضرات العناية الشخصية:
يُنصَح المُصابون بمتلازمة رائحة السمك بتجنّب استخدام الصابون القلوي ومستحضرات الجسم القلوية، ويُفضّل، حسب "Medicalnewstoday"، استخدام صابون حمضي قليلًا، وكذلك مستحضرات الجسم بدرجة "أُسٍ هيدروجيني" تتراوح بين 5.5 - 6.5، فقد تساعد على التخلّص من "ثلاثي ميثيل الأمين" بسهولة أكبر من الجلد.
4. نصائح عامة:
قد تساعد بعض النصائح أيضًا على تخفيف أعراض متلازمة رائحة السمك، مثل:
- تجنّب الأنشطة البدنية الشاقة، والاكتفاء بممارسة نشاطٍ بدني لا يجعلك تعرق كثيرًا.
- تقليل التوتر قدر الإمكان، لأنّه قد يزيد الرائحة، وذلك بممارسة هواية تحبّها أو التنزّه أو تمارين التنفّس أو غير ذلك.
- استخدام مضادات التعرّق.
- غسل الملابس بانتظام.