يمثلون إضافة حقيقية لمؤسستك.. كيف تكسب "أصحاب الأداء العالي"؟

هناك فئة من الأشخاص في بيئات العمل يُعرفون بذوي الأداء العالي، يمتاز هؤلاء الأشخاص بقدرتهم على تحقيق الأهداف والمهام الموكلة إليهم بأفضل طريقة ممكنة، والتأثير فيمن حولهم بشكلٍ إيجابيّ، فضلًا عن تحمل المسؤولية، والمساهمة في تحسين الأداء العام للشركة أو المؤسسة التي ينتمون إليها. ولهذه المميزات تسعى الشركات جاهدة لضم ذوي الأداء العالي وإرضائهم قدر المستطاع، لأن ذلك سيعود عليها بالنفع في النهاية.
فكيف يبدو هؤلاء، وما هي أبرز صفاتهم؟ وكيف يمكن للشركات أن توفر لهم بيئة العمل التي يستحقونها حتى يخرج الجميع بالاستفادة التي يبحث عنها؟
من هو الشخص ذو الأداء العالي؟

يُعرف الشخص عالي الأداء بأنه ذلك الشخص الذي يبذل مجهودًا إضافيًّا لتحقيق أهدافه ومهامه في العمل، إذ يستطيع هذا النوع من الأشخاص اتخاذ المبادرات، والتركيز على تحسين عاداته وسلوكياته في مكان العمل، بحيث تستفيد الشركة أو الفريق من أعماله أقصى استفادة ممكنة، وعادةً ما يعتمد أصحاب الأعمال على ذوي الأداء العالي بشكلٍ كبير، حيث يوكلون إليهم مهامَّ إضافية ورواتب أعلى من غيرهم.
وفي دراسة استقصائية أجرتها شركة Indeed بالتعاون مع Decipher/Focus Vision في 2016، سُئل أصحاب الأداء العالي أنفسهم عن أبرز السمات التي يجب أن تتوافر في هذه الفئة من الأشخاص، فجاءت السمات الخمس الأولى على النحو التالي:
- حل المشكلات: القدرة على تحديد المشكلة والحل.
- التواصل: القدرة على نقل الأفكار بشكلٍ فعال للآخرين.
- الاستقلالية: وتحديدًا القدرة على التعامل مع التحديات بشكلٍ منفرد.
- الدافع: للنجاح تحديدًا، وبذل أقصى مجهود ممكن.
- المرونة/ التكيف: في مختلف البيئات ومع مختلف المهام.
اقرأ أيضًا| ما الفرق بين دراسة الجدوى وخطة العمل؟
لماذا تسعى الشركات وراء ذوي الأداء العالي؟

إذا لم تكن السطور السابقة قد منحتك الإجابة عن هذا السؤال، فإننا يمكن أن نصيغها كالتالي: الشركات تسعى لتعيين ذوي الأداء العالي ببساطة لأنهم يحققون أكبر تأثير ممكن.
وقد أظهرت دراسة أُجريت في 2012 ونُشرت في مجلة "Personnel Psychology"، أن 10% من الإنتاجية تأتي من أكفأ 1% من الموظفين، وأن 26% من الإنتاج ليس سوى نتيجة لأعلى 5%.
كما وجدت الدراسة نفسها أن الموظفين الأعلى أداءً يميلون إلى أن يكونوا أكثر إنتاجية بمقدار 4 مرات مقارنةً بالموظفين العاديين، بالإضافة إلى ذلك، يؤثر الموظفون ذوو الأداء العالي على ثقافة الشركة بالإيجاب، حيث إنهم يميلون لاختيار الشركات الأطيب سُمعة والأفضل بيئةً، وهذا معيارهم الأول على ما يبدو.
ويمكن ربط نتائج هذه الدراسة بـ"قاعدة باريتو"، أو قاعدة الـ 80/20 الشهيرة، التي تُشير إلى أن 80% من النتائج تأتي من 20% من الجهود، ففي سياق الدراسة نجد أن نسبة صغيرة جدًا من الموظفين هي التي تُنتج غالبية العمل، وهذا يُلخص سبب سعي الشركات وراء ذوي الأداء العالي.
صفات تدل على أنك من ذوي الأداء العالي
بالإضافة إلى السمات المذكورة أعلاه، هناك صفات أخرى تُميز أصحاب الأداء العالي، منها:
1. التركيز على الأهداف: يوفر أصحاب الأداء العالي أوقاتهم وطاقاتهم لتحقيق أهدافهم، حتى عندما يواجهون قرارًا مهمًا، فإنهم يُحددون قرارهم بناءً على ما إذا كان سيساعدهم على الوصول إلى غاياتهم أم لا.
2. التحليّ بالإيجابية: عندما يتعامل ذوو الأداء العالي مع الآخرين، تجدهم يتحلون بمهارات تواصل جيدة، ويحرصون على التحلي بالإيجابية، سواء كانوا يتعاملون مع مشرفيهم أم زملائهم أم مرؤوسيهم، إذ يعرف هؤلاء الأشخاص أن أول خطوة في سبيل تحقيق بيئات العمل السوية هي التعامل بإيجابية.
3. الاجتهاد في العمل: دائمًا ما يُحاول ذو الأداء العالي أن يفعل ما بوسعه في سبيل تحقيق المزيد من الإنجازات، لكن، يجب أن نعرف أن هذا لا يحدث غالبًا في بيئات العمل السامة، أو البيئات التي لا تُشجع موظفيها، ولا يتواصل فيها المديرون مع موظفيهم.
4. قبول النقد البناء: يعشق ذوو الأداء العالي النقد البناء، ويعلمون تمامًا أنه يساعدهم على التحسن، ويُقدر هؤلاء الأشخاص الوقت الذي يُنفَق عليهم في سبيل تقديم النصيحة، لذا تجدهم يعبرون عن امتنانهم دائمًا.
5. امتلاك مهارات قوية: وذلك ابتداءً من المهارات التقنية المتخصصة، وحتى المهارات الشخصية مثل التواصل، والتفكير النقدي، والقدرة على حل المشكلات، والعمل الجماعي، إلخ.
6. البحث عن فرص النمو المهني: يسعى الأشخاص ذوو الأداء العالي دائمًا للتعلم المستمر، ويتدربون على اكتساب مهارات جديدة ليطوروا من أنفسهم، إذ يعرفون أن حضور ورش العمل أو الندوات يمكن أن يساعدهم على صقل مهاراتهم فيفعلون ذلك.
7. الاحترام: يتحلى أصحاب الأداءات العالية بقدرٍ كبير من الاحترام، ويظهرون ذلك لجميع من يعمل معهم بغض النظر عن المسمى الوظيفي أو المنصب، فهُم مهذبون ويراعون مشاعر واحتياجات الآخرين بشكلٍ كبير.
8. الموازنة بين العمل والحياة: أو ما يُعرف بمصطلح الـ"Work-Life Balance"، ويتلخص في أن تعرف كيف توازن بين العمل والحياة، فالأشخاص ذوو الأداء العالي يعرفون أن هذا التوازن ضروري للغاية لتحقيق استدامة الأداء والنتائج، صحيحٌ أنهم يبذلون قصارى جهدهم في العمل كما قلنا، لكنهم أيضًا يحترمون أوقات راحتهم ويعرفون أهميتها.
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل مع الموظف الذي لا يحترم القواعد ويتذمر عليها؟
كيف تُنشئ بيئة العمل المناسبة لذوي الأداء العالي؟

أظهرت العديد من الأبحاث أن الموظفين ذوي الأداء العالي يحتاجون إلى بيئة عمل مُعينة، كي يزدهروا ويحققوا أقصى إمكاناتهم، فما العوامل اللازمة لتحقيق هذه البيئة؟
1. مراجعات الأداء: يرغب ذوو الأداء العالي دائمًا بالحصول على مراجعات الأداء، بهدف التحسين المستمر، ومعرفة ما إذا كانوا يسيرون على النهج الصحيح أم لا، وكصاحب عمل يمكنك أن توفر مراجعات أداء تتماشى مع توقعات هذه الفئة من الأشخاص عن طريق: تحديد توقعات وأهداف الأداء بوضوح، وتدريب المديرين على كيفية تجنب التحيزات، والتأكد من تطبيق المعايير نفسها على جميع الفرق.
2. الدعم المستمر: واحدة من أهم النصائح اللازمة لتوفير بيئة عمل صالحة لذوي الأداء العالي، وبدون الدعم المستمر، سينطفئ وهج هؤلاء الأشخاص، وحينها سيتحولون إلى موظفين عاديين، وربما أقل من العاديين، فمن واجب أصحاب العمل أن يدعموا ذوي الأداء العالي باستمرار، على الأقل تقديرًا لمجهوداتهم الاستثنائية.
3. التوازن بين العمل والحياة: لن يتحقق هذا العنصر المهم لأصحاب الأداءات العالية ما دام صاحب العمل يُغرقهم بالمهام الزائدة، حتى وإن كان يُعوضهم على المستوى المادي، إذ يجب على المديرين أن يوفروا فترات راحة منتظمة، وإجازات دورية، وطبعًا بيئة عمل مرنة تناسب احتياجات هؤلاء المجتهدين.
4. توفير الموارد اللازمة: دون الموارد اللازمة، من أجهزة وأدوات وخلافه، لن يستطيع أصحاب الأداءات العالية أن يُعطوك أفضل ما لديهم، لذا احرص على التأكد من هذا الشرط.
5. توفير فرص للنمو: أخيرًا وليس آخرًا، تتميز البيئة الداعمة لأصحاب الأداءات العالية بتوفيرها لكم متزايد باستمرار من الفرص وورش العمل المهمة للنمو، فاحرص على وجود مسارات واضحة للنمو والترقية داخل شركتك، واستثمر توفير ذلك مع الاستثمار في ذوي الأداء العالي حتى تكون المنفعة متبادلة.
وختامًا، يمكننا القول إن أصحاب الأداءات العالية من أهم الأصول التي يمكن أن تمتلكها أي منظمة، حيث يُسهمون بشكلٍ كبير في تحقيق أهداف ورؤية المؤسسات، ولاستقطاب هؤلاء الموظفين، عليك أن توفر لهم بيئة العمل التي يستحقونها وتدعمهم باستمرار، فافعل ذلك وستحظى بقدرة تنافسية واضحة في السوق.