هل يُصِيب سرطان الرئة غير المُدخِّنين؟

إذا كُنتَ تظنّ أنَّ سرطان الرئة بعيد عنك لأنَّك لا تُدخِّن، فقد تُغيِّر وجهة نظرك؛ إذ يُصاب 20,000 - 40,000 إنسان كل عام مِمَّن لا يُدخِّنون البتة بسرطان الرئة، وهو ما يُمثِّل 10 - 20% من كل حالات سرطان الرئة، وهذا في دولة واحدة كالولايات المُتحدة الأمريكية، فما الذي يجعل غير المُدخّنين عُرضةً لسرطان الرئة؟ وما سبل الوقاية منه؟

أسباب سرطان الرئة عند غير المُدخّنين

التدخين من أسباب سرطان الرئة بكل وضوح، لكن ثمّة أسبابًا أخرى سوى التدخين، قد تُؤدِّي إلى سرطان الرئة أيضًا، فليس السرطان مُقتصرًا على المُدخِّنين وحدهم - وإن كانوا أكثر عُرضةً بالطبع -.

قد يأتي سرطان الرئة عند غير المُدخّنين في سن أصغر مقارنةً بالمُدخّنين، وعادةً ما ينشأ ذلك السرطان لأي من العوامل الآتية:

1- أسباب بيئية

التعرُّض لبعض المواد البيئية مِمّا يزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة، مثل:

• الرادون: هو غاز مشع ينتج عن تحلُّل اليورانيوم بصورة طبيعية في التربة، كما يُمكِن أن يكون الرادون موجودًا في منزلك دون أن تدري عنه شيئًا، ويُعدّ التعرض لغاز الرادون السبب الرئيس لسرطان الرئة لدى غير المُدخّنين.
• التدخين السلبي: أو مخالطة المُدخّنين، ويُطلَق على الدخان المنبعث من طرف السيجارة أو الذي يفوح من فم المُدخّن، ويتسبَّب التدخين السلبي في حواليّ 7,300 حالة وفاة من سرطان الرئة كل عام.
• الأسبستوس: مادة طبيعية تُستخدَم في العزل المنزلي، وتصنيع السيارات وبلاط السقف والأرضيات، وبعض المواد الأخرى، لكن إذا أُطلقت البلورات الليفية الطويلة التي تُشكِّل الأسبستوس في الهواء، واستنشقها الإنسان، فقد تضر الرئة بشدة، وربّما تُسبِّب ورم الظّهارة المتوسطة "mesothelioma"؛ أحد أنواع سرطان الرئة.
• تلوُّث الهواء: كشفت دراسةٌ أُجريت على 17 دولة أوروبية عن وجود علاقة مباشرة بين تلوث الهواء وسرطان الرئة، وقدَّر الباحثون أنَّه مسؤول عن 15% من وفيات سرطان الرئة حول العالم.

2- أسباب مهنية

يتعرَّض بعض الناس في وظائفهم لمواد كيميائية سرطانية، قد تُسبِّب لاحقًا سرطان الرئة، مثل الزرنيخ، مُركّبات النيكل، والهيدروكربونات العطرية مُتعدِّدة الحلقات. 

ومن الوظائف التي قد يتعرَّض خلالها الإنسان لبعض المواد الكيميائية السرطانية:

• قيادة الشاحنات.
• الطباعة.
• تصنيع المعادن.
• صناعة السيراميك.
• تصنيع الزجاج.

وفي الولايات المتحدة، تُسهِم الأعمال المهنية في 13 - 29% من سرطانات الرئة لدى الرجال، وما يقرب من 5% لدى النساء.

3- أسباب جينية

من الأسباب غير الشائعة لسرطان الرئة، لكنّه جدير بالانتباه، فقد يكون سرطان الرئة منتشرًا في بعض العائلات دون غيرها، وقد يزداد خطر إصابة الإنسان به مع سبق معاناة أحد الأقارب من نفس السرطان من قبل.

4- فيروس الورم الحليمي البشري "HPV"

فيروس الورم الحليمي البشري أحد الأمراض المنقولة جنسيًا، والذي يزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة بين غير المُدخّنين، خاصةً السيدات، لكن ما زالت هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث لتأكيد ارتباط الفيروس بخطر الإصابة بسرطان الرئة.

5- أمراض الرئة

أشار موقع "news-medical" إلى أنَّ الإصابة ببعض أمراض الرئة، قد تزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة لاحقًا، وذلك مثل: مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو، مرض السل، وانتفاخ الرئة.

أنواع سرطان الرئة عند غير المُدخّنين

تشمل أنواع سرطان الرئة عند غير المُدخّنين ما يلي:

1- السرطان الغُدّي "Adenocarcinoma"

أكثر أنواع سرطان الرئة شيوعًا بين غير المُدخّنين، ويُمثِّل 50 - 60% من حالات سرطان الرئة عند غير المُدخّنين، وعادةً ما ينمو ذلك الورم في المناطق الخارجية من الرئتين، وربّما يظل موجودًا فترة طويلة قبل أن تظهر أي أعراضٍ على الإنسان.

اقرأ أيضًا:مزايا عديدة وآثار جانبية قليلة.. علاج واعد لسرطان البروستاتا بالتبريد

2- سرطان حرشفي الخلايا "Squamous cell carcinoma"

هو النوع الأكثر شيوعًا عند المُدخّنين، ومع ذلك فهو قد يُصِيب غير المُدخّنين لكن بدرجةٍ أقل، وتبلغ نسبته 10 - 20% من حالات سرطان الرئة عند غير المُدخّنين، وعادةً ما ينمو ذلك الورم في مركز الرئتين؛ وغالبًا في الشعب الهوائية الكبرى التي تصل القصبة الهوائية بالرئتين.

3- سرطان الخلايا الصغيرة الرئوي "Small cell lung cancer"

نادرًا ما يُصِيب غير المُدخّنين، وتبلغ نسبة الإصابة به 6 - 8% من إجمالي حالات سرطان الرئة.

4- ورم المُتوسّطة "Mesothelioma"

ينشأ ذلك السرطان من التعرُّض للأسبستوس، ما يُؤدِّي إلى نشوء أورامٍ خبيثة في الأغشية التي تُبطِّن وتحمي الرئتين والقلب وتجويف البطن، وإصابة الغشاء المُحِيط بالرئتين هو الأكثر شيوعًا "غشاء الجنب".

أعراض سرطان الرئة

قد تختلف أعراض سرطان الرئة عند غير المُدخّنين عن المُدخّنين، وتشمل أعراض السرطان الغُدّي الباكرة - الأكثر شيوعًا عند غير المُدخّنين - ما يلي:

• التعب والإرهاق.
• ألم أعلى الظهر أو في الصدر.
• ضيق طفيف في التنفُّس.

ومع تقدُّم السرطان، لا تختلف أعراضه عن أعراض باقي أنواع سرطان الرئة، التي تضمُّ ما يلي:

• السُّعال المزمن.
• سُّعال مصحوب بمخاط أو دم.
• أزيز الصدر.
• ارتفاع درجة الحرارة.
• بحة الصوت.
• خسارة الوزن.
• فقدان الشهية.

اقرأ أيضًا:إليك 7 هدايا.. هكذا يحميك الصيام من السرطان

وفي حالة ورم المُتوسّطة، فقد يصحب ضيق التنفُّس وألم الصدر الأعراض الآتية:

• تورُّم الوجه والذراعين.
• صعوبة البلع "أو الشعور بأنَّ الطعام عالق".
• عدم انتظام ضربات القلب.
• ألم الكتف أو أسفل الظهر.

علاج سرطان الرئة

تختلف سُبل علاج سرطان الرئة، حسب بعض العوامل، مثل:

• المرحلة التي وصل إليها السرطان.
• الصحة العامة للمُصاب بالسرطان.
• قيام الرئة بوظيفتها.
• سمات السرطان.

وقد يتضمَّن علاج سرطان الرئة واحدًا أو أكثر من الطرق الآتية بحسب العوامل المذكورة بالأعلى:

• الجراحة: يستأصل الجرَّاح فص الرئة المُصاب بالسرطان، أو ربّما جزء أصغر من الفص، وعادةً ما تكون الجراحة كافية في علاج السرطان إذا كان في مراحله المبكرة.
• العلاج الكيميائي: يتضمَّن تناول أدوية تهدف إلى تدمير الخلايا السرطانية، وهو مُناسب للمراحل المتوسطة والمتأخرة، أو حتى بعد الجراحة للقضاء على أي خلايا سرطانية مُتبقّية.
• العلاج الإشعاعي: تُسلَّط الأشعة على الخلايا السرطانية لتدميرها، وهو كذلك مُلائم للمراحل المتأخرة من السرطان.
• الاستئصال بالترددات الراديوية: يُستخدَم مسبار رقيق لإرسال موجات راديو عالية الطاقة إلى مكان الورم لتسخين وتدمير الخلايا السرطانية.
• العلاج المناعي: يتلقّى المريض أدوية مُعيَّنة تهدف إلى رفع كفاءة الجهاز المناعي في التعامل مع الخلايا السرطانية.
• العلاج المُوجَّه: يعتمد على التغيُّرات الجينية في الخلايا السرطانية الموجودة في جسم الإنسان، وهو علاج واعد للسرطانات.

مصير سرطان الرئة عند غير المُدخّنين

عادةً يُشخَّص سرطان الرئة عند غير المُدخّنين في المراحل المُتأخرة، فقد تُعزَى الأعراض الظاهرة في البداية إلى التهاب الجهاز التنفسي أو الحساسية، ومع ذلك تُشِير بعض الدراسات إلى أنَّ فرص البقاء على قيد الحياة أفضل عند غير المُدخّنين عمومًا.

أيضًا السيدات غير المُدخِّنات فرص نجاتهن إثر الإصابة بسرطان الرئة أفضل من الرجال غير المُدخّنين.

طرق الوقاية من سرطان الرئة

يُفضَّل اتّباع النصائح الآتية للوقاية من سرطان الرئة، خاصةً إذا لم تكن مُدخّنًا:

• فحص محتويات المنزل والتأكُّد من خلوها من الرادون.
• تجنُّب مُخالطة المُدخّنين، فهذه من أهم النصائح للوقاية من سرطان الرئة.
• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
• استخدام مُعدّات وقائية شخصية في أماكن العمل التي تحتوي على مواد سرطانية، وزيارة الطبيب دوريًا من أجل الفحص لرصد السرطان مبكرًا قبل أن يتفاقم إن أُصِيب به العامل.
• أشارت الجمعية الأمريكية للسرطان إلى أنَّ الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات يُساعِد على الوقاية من سرطان الرئة.