اكتشاف بروتين رئيسي يفسر العقم عند الرجال
كشف فريق دولي من الباحثين بقيادة هيروكي شيبويا في مركز RIKEN لأبحاث ديناميات النظم البيولوجية في اليابان عن هيكل حيوي جديد داخل الخلايا الجرثومية للذكور، يلعب دورًا رئيسيًا في تكوين الذيول المنوية (flagella).
وتشير هذه النتائج، التي نُشرت في مجلة Science Advances، تشير إلى أن اضطراب هذا الهيكل يؤدي إلى تشوهات تمنع الحيوانات المنوية من الحركة الطبيعية، وهو ما قد يفسر بعض حالات العقم لدى الرجال.
وتُعرف العملية التي تتشكل فيها الحيوانات المنوية عند الذكور بتكوين الحيوانات المنوية (spermatogenesis)، وهي عملية مستمرة بعد البلوغ طوال حياة الرجل.
ويُعد أي خلل في هذه العملية سببًا رئيسيًا لفشل الإنجاب، سواء كان مرتبطًا بالبويضات أو بالحيوانات المنوية نفسها.
ورغم الدراسات السابقة، ظل الغموض يكتنف التفاصيل الدقيقة لما يحدث داخل الخلايا على المستوى تحت الخلوي، خصوصًا فيما يتعلق بالعقم الذكوري الذي يمثل نحو نصف حالات العقم عالميًا.
تقنية المجهر الموسع
وللتغلّب على هذا التحدي، لجأ الفريق إلى تقنية حديثة تُسمّى المجهر الموسَّع للبنية الدقيقة، والتي تعتمد على تثبيت الخلايا داخل مادة هلامية قابلة للتمدّد، ثم توسيع هذه المادة بحيث يزداد حجم الخلايا عدة مرات.
وبعد ذلك، تُصوَّر الخلايا باستخدام المجهر الفلوري، مما يتيح رؤية البروتينات والهياكل الداخلية بوضوح ودقّة أعلى من الطرق التقليدية.
وتُعدّ هذه الطريقة نقلة نوعية، لأنها تتيح الجمع بين رصد التفاصيل الدقيقة داخل الخلية وتتبع البروتينات الأساسية في الوقت نفسه، وهي ميزة لا تستطيع الطرق التقليدية، مثل المجهر الإلكتروني أو المجهر الفلوري كلٌّ على حدة، توفيرها.
وقد طُبِّقت هذه التقنية على الخلايا الجرثومية الذكرية بعد تثبيتها وتجفيفها بعناية على شرائح زجاجية، مع إزالة الكمية الزائدة من السيتوبلازم، وذلك لتحسين جودة الصور ودقّتها.
وسمحت هذه الخطوات للباحثين بدراسة المريكز (centriole)، وهو تركيب أسطواني دقيق يبلغ طوله نحو 450 نانومتر وقطره 200 نانومتر، يطرأ عليه تغير كبير خلال عملية تكوّن الحيوانات المنوية، حيث يتحول ليسهم في تكوين الذيول اللازمة لحركة الحيوانات المنوية.
دور بروتينات Centrin-POC5 للخصوبة الذكرية
وأظهرت النتائج أن البنية الداخلية للمريكز البعيد تزداد متانة بعد الانقسام الاختزالي، تزامنًا مع ارتفاع مستوى تراكم بروتينات Centrin-POC5.
وللتأكد من الدور الحيوي لهذه البروتينات، عمد الباحثون إلى تعطيل جين POC5 باستخدام تقنية CRISPR.
وكانت النتيجة لافتة؛ إذ وُلدت ذكور سليمة ظاهريًا، لكنها عجزت تمامًا عن إنتاج حيوانات منوية قادرة على الحركة، بسبب تشوّه الذيول المنوية وتفككها، مما أدى إلى عقم كامل.
وتؤكد هذه النتائج أن بروتينات Centrin-POC5 أساسية لتكوّن الذيول المنوية بصورة سليمة، وأن أي خلل فيها قد يكون سببًا مباشرًا للعقم لدى الرجال.
وفي هذا السياق، يوضح شيبويا أن البروتوكول المعدّل قابل للتطبيق على الحيوانات المنوية البشرية، وهو ما يفتح المجال لدراسة أدقّ التشوهات الخلوية المرتبطة بالعقم الذكوري.
وعلى المدى البعيد، قد تسهم هذه النتائج في تطوير وسائل تشخيص جديدة، إلى جانب ابتكار علاجات متقدمة في مجال الطب التناسلي.
ويشير الباحثون إلى أن هذه الاكتشافات تمثل خطوة مهمة نحو فهم أعمق لآليات تكوّن الحيوانات المنوية، والدور الدقيق الذي تؤديه البروتينات في ضمان حركتها السليمة، الأمر الذي قد يساعد مستقبلًا في علاج حالات العقم الذكوري الناتجة عن عيوب بنيوية داخل الخلية.
