خبراء: مخاوف فقدان وظائف البنوك بسبب الذكاء الاصطناعي "مبالغ فيها"
كشفت تقرير صادر عن مجلة "فورتشن" الأمريكية أن الذكاء الاصطناعي لم يتسبب فعليًا في إنهاء الوظائف داخل القطاع المصرفي الأمريكي حتى الآن، رغم الجدل الواسع حول تأثيره على سوق العمل في وول ستريت. وأوضح خبراء اقتصاديون أن ما يحدث هو إعادة هيكلة مؤقتة تهدف إلى رفع كفاءة الأعمال وليس إلى استبدال البشر بالأنظمة الذكية.
وأشار روبرت سيمونز، مدير مركز "مستقبل الإدارة" في جامعة نيويورك، إلى أن الشركات المالية الكبرى تميل إلى "استخدام الذكاء الاصطناعي كشمّاعة" لتبرير قرارات تقليص التوظيف، مضيفًا أن الأسباب الحقيقية ترتبط بتراجع الطلب وضعف النمو الاقتصادي وسوء التخطيط للتوظيف خلال فترة ما بعد الجائحة.
أظهرت بيانات التقرير أن أعداد العاملين في أكبر المؤسسات المصرفية الأمريكية ظلت مستقرة أو حتى ارتفعت قليلًا خلال عام 2025، رغم الحديث عن موجات تسريح جماعي. فبنك "أوف أمريكا" خسر أربعة موظفين فقط في الربع الثالث من العام، بينما رفع بنك "جي بي مورغان" عدد موظفيه بنحو 2000 شخص خلال الفترة ذاتها، أغلبهم في أقسام العمليات الإدارية. كما حافظ "غولدمان ساكس" على قوة عاملة تقارب 48 ألف موظف، بزيادة 1800 موظف عن العام الماضي.
وأوضح التقرير أن البنوك تُركز حاليًا على خفض وتيرة التوسع في التوظيف، مستفيدة من الطفرة التكنولوجية في الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية دون اللجوء إلى تسريحات شاملة. وقال مايكل أبوت، من مجموعة "أكسنتشر" للاستشارات، إن الهدف الأساسي للمصارف هو تحقيق المزيد من الأرباح بكادر بشري أقل، مضيفًا: "المديرون اليوم يفضلون تأجيل التوظيف لعامين بدلًا من تنفيذ موجات تسريح واسعة".
وفي موازاة ذلك، بيّن التقرير أن خريجي كليات إدارة الأعمال في الولايات المتحدة لا يزالون يحصلون على فرص عمل مميزة، ولكن بمعدلات أقل من الأعوام السابقة. إذ حصل 92% من خريجي جامعة كولومبيا لعام 2025 على عروض عمل، مقابل 86% في جامعة نيويورك و93% في جامعة وارتون.
وظائف مهددة بسبب الذكاء الاصطناعي
وأشار التقرير إلى أن وظائف المحاسبة والتسويق تواجه التأثير الأكبر من الذكاء الاصطناعي، نظرًا لسهولة أتمتة المهام المتكررة التي تعتمد عليها، بينما تبقى الوظائف التحليلية والاستشارية أكثر أمانًا لصعوبة استبدال المنطق البشري فيها. كما توقع ارتفاع الطلب على المتخصصين التقنيين في البنوك، مع اتجاه 76% من المؤسسات إلى زيادة عدد موظفيها في قطاع التكنولوجيا لدعم مشروعات الذكاء الاصطناعي.
خلص التقرير إلى أن وول ستريت لن تشهد قريبًا موجات تسريح جماعي مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، بل ستعيش مرحلة توازن جديدة بين الإنسان والآلة، تعتمد خلالها المؤسسات المالية على التكنولوجيا لتعزيز الكفاءة والإنتاج، مع استمرار الحاجة إلى الدور البشري في اتخاذ القرارات الحساسة. وأشار الخبراء إلى أن "الخوف من الذكاء الاصطناعي مبرر لكنه مبالغ فيه"، مؤكدين أن القطاع المالي ما زال يعتمد على العنصر البشري بوصفه محور الثقة والإبداع في عالم الأعمال.
