ذكاء اصطناعي مستوحى من الدماغ.. ثورة في كفاءة الطاقة
كشفت دراسة علمية حديثة أن إعادة التفكير في طريقة تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تساهم في تقليل استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ، وهو تحدٍ بات يفرض نفسه بقوة مع الانتشار السريع لهذه التقنية في مختلف مجالات الحياة.
وأوضح باحثون من جامعتي بوردو وجورجيا للتقنية أن المشكلة لا تكمن في الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في البنية التقليدية للحواسيب، حيث يجري تخزين البيانات في جزء منفصل عن الجزء المسؤول عن معالجتها.
ويؤدي هذا الفصل إلى حركة مستمرة وكبيرة للبيانات داخل الحاسوب، ما يستهلك وقتًا أطول وطاقة أعلى.
ضغط متزايد مع توسّع الذكاء الاصطناعي
ومع الاعتماد المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خاصة تلك المرتبطة بفهم اللغة وتحليل الصور والفيديو، شهدت النماذج الحاسوبية نموًا هائلًا خلال السنوات الأخيرة.
وجعل هذا النمو السريع تشغيل هذه الأنظمة مكلفًا من حيث الطاقة، وأثار مخاوف تتعلق بالاستدامة والبيئة.
وأشار الباحثون إلى أن استمرار هذا النهج قد يجعل تشغيل الذكاء الاصطناعي محصورًا في مراكز بيانات ضخمة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، ما يحد من قدرته على الوصول إلى الأجهزة اليومية الصغيرة.
ولمعالجة هذه المشكلة، تقترح الدراسة تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي تعمل بطريقة تشبه الدماغ البشري، حيث تتم معالجة المعلومات بالقرب من مكان تخزينها، بدلًا من نقلها لمسافات طويلة داخل الحاسوب.
هذا الأسلوب، وفقًا للدراسة، يقلل من حركة البيانات غير الضرورية، ما ينعكس في صورة استهلاك أقل للطاقة وأداء أسرع، دون الحاجة إلى زيادة حجم الأجهزة أو تعقيدها.
ويرى الباحثون أن اعتماد هذا التوجه قد يغيّر طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي مستقبلًا، إذ يسمح بتشغيله في أجهزة صغيرة تعمل بالبطاريات، مثل الأجهزة الطبية المحمولة، وأنظمة المراقبة الذكية، ووسائل النقل الحديثة.
كما قد يفتح الباب أمام استخدام الذكاء الاصطناعي في المناطق التي تعاني محدودية في مصادر الطاقة، أو في التطبيقات التي تتطلب عملًا مستمرًا لفترات طويلة دون إعادة شحن متكررة.
خطوة نحو ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة
وأكد الفريق البحثي أن الهدف ليس فقط تطوير ذكاء اصطناعي أكثر قوة، بل جعله أكثر كفاءة وقابلية للاستخدام في الحياة اليومية؛ فكلما انخفض استهلاك الطاقة، زادت فرص دمج الذكاء الاصطناعي في أجهزة مألوفة يعتمد عليها المستخدمون بشكل مباشر.
وتخلص الدراسة إلى أن هذا التوجه قد يمثّل خطوة مهمة نحو مستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي حاضرًا بشكل أوسع، دون أن يشكل عبئًا كبيرًا على الطاقة أو البيئة.
