غوغل تسبق آبل ومايكروسوفت في سباق الذكاء الاصطناعي.. ماذا فعلت؟
في مشهد غير معتاد داخل وادي السيليكون، بدأت الفجوة تتسع بين عمالقة التقنية الخمسة، بعدما فقدت أسهم مايكروسوفت وآبل وميتا وأمازون قدرتها التقليدية على التحرك الجماعي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تنفرد فيه غوغل بأداء استثنائي جعلها من بين أفضل الأسهم أداءً خلال عام 2025، وفقًا لمتابعات المستثمرين في قطاع الذكاء الاصطناعي.
أداء متباين بين الخمسة الكبار في الذكاء الاصطناعي
ولطالما اعتُبر الاستثمار في شركات التقنية الكبرى خيارًا آمنًا وسهلًا، حيث كان شراء سلة تضم آبل وأمازون ومايكروسوفت وميتا وغوغل (عبر شركتها الأم ألفابت) كفيلًا بتجاوز أداء السوق؛ لكن هذا النموذج انهار مع دخول عصر الذكاء الاصطناعي.
وفي الوقت الذي يتجه فيه مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" لتحقيق مكاسب تقارب 16% هذا العام، وهو مؤشر الشركة الأشهر عالميًا في خدمات التصنيف الائتماني والتحليل المالي، جاءت نتائج الشركات الكبرى متواضعة نسبيًا.
وسجل سهم مايكروسوفت نحو 13%، وآبل 12%، وميتا قرابة 10%، بينما اكتفى سهم أمازون بارتفاع هامشي لا يتجاوز 1%.
وعلى النقيض تمامًا، قفز سهم غوغل بنحو 62%، ليصبح أحد أبرز الرابحين في الأسواق الأمريكية خلال 2025.
ويرى محللون أن هذا التباين الحاد يعكس اختلاف قدرة كل شركة على تحويل استثمارات الذكاء الاصطناعي إلى نموذج أعمال ناجح.
ورغم إنفاق الشركات الخمس مليارات الدولارات على البنية التحتية والمواهب، تبدو غوغل الشركة الوحيدة التي نجحت في بناء منظومة متكاملة تحقق عوائد ملموسة.
ولم يكن نجاح غوغل خاليًا من العثرات؛ ففي فبراير 2024، واجهت الشركة انتقادات واسعة بعد إعادة إطلاق روبوت الدردشة الخاص بها تحت اسم جيميناي بدلًا من "بارد"، بسبب أخطاء واضحة وانحيازات أثارت غضب المستخدمين والمستثمرين.
لكن الشركة سرعان ما تدراكت هذه الأخطاء، وأعادت تطوير النماذج بعمق، وأطلقت إصدارات محسّنة خلال النصف الثاني من العام الماضي، ما غيّر مسار الثقة في قدراتها.
وتستند قوة غوغل حاليًا إلى عدة ركائز متكاملة، أبرزها مختبر غوغل ديب مايند البحثي، وخدمة غوغل كلاود التي توفر البنية التحتية الحاسوبية، إلى جانب امتلاكها رقائقها الخاصة المعروفة باسم وحدات معالجة "Tensor"، ما يمنحها استقلالية عن سباق رقائق إنفيديا.
والإصدار الأحدث من هذه الرقائق، المسمى "آيرونوود"، بات مطلوبًا من شركات ذكاء اصطناعي أخرى، ما يعزز مكانة غوغل التقنية.
والأهم من ذلك أن غوغل نجحت في دمج الذكاء الاصطناعي داخل محرك البحث دون الإضرار بإيراداته الإعلانية، بل على العكس، أتاحت لها أدوات مثل ملخصات الذكاء الاصطناعي فرض أسعار أعلى على المعلنين بفضل ارتفاع نية الشراء لدى المستخدمين.
لماذا يتعثر الآخرون؟
وفي المقابل، تعاني أمازون من ضعف في استثمار تفوقها السحابي عبر خدمات أمازون ويب، كما لم تحقق رقائقها "ترينيوم" التأثير المطلوب، في وقت فضلت فيه شركة "أنثروبيك" التي استثمرت فيها أمازون، استخدام رقائق غوغل.
أمّا ميتا، فرغم نجاح نماذج "لاما" مفتوحة المصدر، فإنها تفتقر للبنية السحابية والرقائق الخاصة، ما يحد من قدرتها التنافسية.
وتواجه مايكروسوفت، رغم شراكتها المبكرة مع أوبن إيه آي، تحديات تتعلق بتوتر العلاقة مع سام ألتمان، إضافة إلى ضعف الإقبال على أداة "كوبايلوت" في قطاع الشركات.
أما آبل، فلا تزال مقيدة باستراتيجيتها الصارمة في الخصوصية، ما يحد من قدرتها على تدريب نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة تعتمد على البيانات.
