الاحتيال الإعلاني يورّط فيسبوك.. وثائق مسربة تفضح ممارسات ميتا
كشفت دراسة حديثة أن منصة فيسبوك أصبحت المركز الأكبر لعمليات الاحتيال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في وقتٍ تتهم فيه جهات رقابية شركة ميتا المالكة للمنصة بجني مليارات الدولارات من وراء هذه الإعلانات الاحتيالية، وهي إعلانات مزيفة أو مضللة يُطلقها محتالون يستخدمون أسماء علامات تجارية معروفة أو عروضًا خيالية لخداع المستخدمين وسلب أموالهم أو بياناتهم الشخصية.
ووفقًا لوثائق مسربة حصلت عليها وكالة "رويترز"، توقعت ميتا تحقيق نحو 16 مليار دولار العام الماضي، أي ما يعادل 10% من إيراداتها، من إعلانات تُصنَّف على أنها احتيالية.
ويؤكد خبراء أن هذا الرقم الضخم يشير إلى أن الاحتيال بات يمثل جزءًا أساسيًا من نموذج أعمال الشركة، لاسيما عبر منصة فيسبوك التي تضم أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط شهريًا.
كما أظهرت الوثائق أن ميتا لا تحظر الحسابات إلا إذا كانت هناك احتمالية 95% لارتكابها احتيالاً، وهو ما وصفه منتقدون بأنه "عتبة غير معقولة" تسمح للمحتالين بالتحرك بحرية شبه تامة.
والأدهى من ذلك، بحسب الخبراء، أن ميتا تفرض رسومًا أعلى على الإعلانات التي تشتبه في كونها احتيالية، فيما يشبه "ضريبة على الاحتيال" تُحوِّل الجريمة إلى مصدر ربح.
القاضية السابقة إيرين ويست، التي أسست منظمة لمكافحة الاحتيال الإلكتروني، قالت إن الوثائق تثبت أن الشركة تتغاضى عن الاحتيال لأنها تدر أرباحًا كبيرة.
وأوضحت: "من المروع أن فيسبوك على علم بما يحدث، بل ويجني أموالاً إضافية من المحتالين أنفسهم".
خسائر ضحايا الاحتيال الإلكتروني
أفادت منصة "سيفلي إتش كيو" المتخصصة في رصد جرائم الاحتيال الإلكتروني، بأنها تلقت أكثر من 50 ألف بلاغ موثَّق من ضحايا عمليات نصب عبر الإنترنت.
وكشفت بياناتها أن 85% من تلك الحالات وقعت على منصة فيسبوك، في حين توزعت النسبة المتبقية، البالغة 15% فقط، على منصات أخرى مثل إنستغرام، تيك توك، غوغل، وإكس.
المؤسس التنفيذي للمنصة باتريك كويد أكد أن هذا العدد لا يمثل سوى "قمة جبل الجليد"، موضحًا أن الخسائر الحقيقة قد تطال عشرات الملايين من المستخدمين حول العالم.
ومن جانبه، أفاد مستخدم أمريكي يبلغ من العمر 68 عامًا أنه خسر 70 دولارًا بعد شرائه أسطوانات موسيقية عبر إعلان مزيف على فيسبوك، مشيرًا إلى أنه شعر بأن المنصة "تعرف ذوقه جيدًا"، وهو ما جعله يصدق الإعلان قبل أن يكتشف الاحتيال.
ومن جهته، نفى المتحدث باسم ميتا آندي ستون الاتهامات، مؤكدًا أن "الوثائق المسربة تقدم رؤية انتقائية تُشوّه موقف الشركة من الاحتيال"، مشيرًا إلى أن الشركة "تحارب السلوك الاحتيالي بصرامة"، وأعلنت مؤخرًا إزالة أكثر من 134 مليون إعلان احتيالي خلال عام واحد.
لكن التقارير الداخلية خلصت إلى أن ميتا لا تزال الأضعف بين المنافسين في مكافحة الاحتيال الإعلاني، وأنه "أسهل الترويج للإعلانات المزيفة على منصات ميتا مقارنة بغوغل".
هذه المزاعم دفعت أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، من بينهم جوش هاولي وريتشارد بلومنتال، إلى المطالبة بتحقيق فيدرالي عاجل، مؤكدين أن ما يسمى بـ"الضريبة على المحتالين" يمثل مصدر دخل غير مشروع للشركة.
وفي ظل تصاعد الدعوات إلى فرض رقابة صارمة، يرى خبراء أن الوقت قد حان لتعامل الجهات التنظيمية مع شركات التكنولوجيا الكبرى كأنها مؤسسات مالية، وليس مجرد شبكات اجتماعية، لضمان مراقبة صارمة لمعلنيها والتحقق من هوياتهم قبل السماح لهم بالنشر.
