سباق الفخامة العقارية في الشرق الأوسط: صفقات قياسيّة أعادت رسم معايير السكن الفاخر
لم تعد فكرة بيع أي منزل في الشرق الأوسط بعشرات الملايين من الدولارات كافية لإثارة الدهشة، فما كان يُعد استثناءً قبل عقد من الزمن صار اليوم جزءًا من واقع سوق عقارية تعيش سباقًا مفتوحًا نحو قمة الفخامة.
سنة بعد أخرى، ترتفع وتتبدل الأرقام القياسية، وتظهر على الخريطة مساكن أشبه بمنتجعات خاصة أكثر منها منازل تقليدية.
أغلى العقارات في الشرق الأوسط
في السطور الآتية، نتوقف عند أبرز هذه الصفقات القياسية، لنتتبع من خلالها كيف تشكّلت خريطة أغلى العقارات في الشرق الأوسط، وما تكشفه هذه الأرقام عن ملامح سوق الفخامة العقارية في المنطقة.
قصر فايا السعديات - 109 ملايين دولار
سجّلت جزيرة السعديات محطة جديدة في مسار العقار الفاخر في المنطقة مع صفقة غير مسبوقة في إمارة أبوظبي، تمثلت في بيع قصر فاخر يضم ثماني غرف نوم ضمن مشروع فايا السعديات بقيمة 109 ملايين دولار (400 مليون درهم)، ليحمل لقب أغلى منزل سكني يُباع في تاريخ الإمارة.
يتموضع قصر فايا السعديات مباشرة على الشاطئ الخلاب لجزيرة السعديات، ضمن نطاق نادي شاطئ السعديات للجولف الحائز جوائز عالمية، ويقدّم مزيجًا واضحًا بين الموقع الاستثنائي والمساحة النادرة، إذ يمتد على نحو 6,561 مترًا مربعًا، كأكبر مساحة مخصّصة لمسكن منفرد على الجزيرة.
فيما تمنح الإطلالات البانورامية بزاوية 360 درجة على المياه والمساحات الخضراء هذا القصر حضورًا بصريًا متفوقًا، مع مستوى عالٍ من الخصوصية والهدوء.
جاء تصميم مشروع فايا السعديات ثمرة تعاون بين استوديو 1508 اللندني، المعروف بأعماله في مشاريع فندقية وسكنية بارزة، وبين نورديك أوفيس آركيتكتس Nordic Office of Architecture، المكتب المعماري الإقليمي الذي راكم خبرة في صياغة هويات عمرانية ذات منظور عالمي للمدن في المنطقة.
يستند التصميم إلى استلهام جمال الطبيعة والحياة البرية الفريدة في جزيرة السعديات، من خلال توظيف المواد المحلية، واعتماد مقاربة بسيطة في الشكل، ومساحات مفتوحة واسعة تعزز الشعور بالانسياب بين الداخل والخارج.
وفي قلب هذا المسكن الفائق الفخامة، تظهر مطابخ وخزائن مصنّعة في إيطاليا، وأعمال نجارة مخصصة، وأجهزة تعتمد أحدث التقنيات، ما يعكس مستوى تشطيب يستهدف قمة شريحة المشترين في سوق العقار الفاخر.
وتمتد الرفاهية إلى الخارج، بحيث يتوسط مسبح خاص على الواجهة البحرية مساحات معيشة وترفيه رحبة، تمتد بين الحدائق والشرفات المطلة على ملعب الجولف وشاطئ السعديات النقي، لتخلق مشهدًا متكاملا لحياة شاطئية راقية في أحد أكثر المجتمعات السكنية حصرية في أبوظبي.
قصر ماربل - 115 مليون دولار
إذا كانت صفقة فايا السعديات ترسم سقف الأسعار الفائقة في أبوظبي، فإن دبي ترد بمشهد لا يقل تميّزًا عبر قصر ماربل في إمارات هيلز، أحد أكثر الأحياء السكنية حصرية في الإمارة.
هذا القصر، الذي يُعد علامة بارزة في المشهد المعماري للمنطقة، انتقل في أبريل 2025 إلى مالك جديد مقابل 115.7 مليون دولار (425 مليون درهم)، ليحجز لنفسه مكانًا متقدمًا في سجل أغلى صفقات الفلل في تاريخ دبي، ويعزّز صورة إمارات هيلز بوصفها نقطة الذروة في سوق المعيشة الفاخرة جدًا في المدينة.
ما يميز قصر ماربل ليس السعر وحده، بل الحجم وطبيعة التجربة التي يقدمها، إذ يمتد على مساحة تتجاوز 6,503 مترًا مربعًا، في ما يشبه مجمعًا خاصًا أكثر منه مجرد فيلا مستقلة.
يستند القصر إلى هندسة معمارية كلاسيكية معاصرة، تتجلّى في الواجهات المهيبة، واستخدام الرخام المنحوت يدويًا في مساحات شاسعة من الداخل والخارج، مع أكثر من 60 غرفة توزع الوظائف بين الإقامة والاستضافة والترفيه.
في قلب هذا الترف، يضم القصر مرافق تجعل منه عالمًا مكتفيًا بذاته، من نادٍ صحي خاص مصمم للاستخدام الحصري، وصالون تجميل متكامل، إلى مسبح داخلي يضفي بعدًا منتجعيًا إلى التجربة السكنية.
بهذه التركيبة، يقف القصر في صف واحد مع قصور ومساكن مثل قصر فايا السعديات في أبوظبي، ليظهر كيف باتت بعض عقارات الإمارات مسرحًا لصفقات تعيد رسم حدود القيمة في سوق العقارات الفاخرة في الشرق الأوسط.
بنتهاوس مجمّع كومو - 136 مليون دولار
في مشهد تتزاحم فيه القصور والفلل الفارهة على تسجيل الأرقام القياسية، اختارت دبي أن ترفع سقف المنافسة مرة أخرى.
داخل المجمع السكني كومو ريزيدنسز Como Residences على جزيرة نخلة غميرا، انتقلت شقة بنتهاوس، تضم خمس غرف نوم، إلى مالكها الجديد مقابل 136 مليون دولار (500 مليون درهم)، في صفقة وضعتها في صدارة المبيعات العقارية في دبي، وثالث أغلى عملية لبيع بنتهاوس على مستوى العالم.
تقدّم هذه الوحدة السكنية نموذجًا مختلفًا لفكرة الرفاهية، فهي تمتد على نحو 2,044 مترًا مربعًا في أعلى البرج تقريبًا، بمساحة أقرب إلى قصر معلّق منها إلى شقة تقليدية.
توزَّع غرف النوم الخمس حول قلب اجتماعي واسع للمكان، فيما تلتف شرفة محيطية حول البنتهاوس لتفتح المشهد على إطلالات متتابعة نحو الخليج وأفق المدينة.
فيما يتصدر المسبح الخاص الواقع على الشرفة المشهد الخارجي، ليحوّل الخط الفاصل بين السكن والمنتجع إلى منطقة رمادية أنيقة، ويمنح البنتهاوس موقعًا متقدمًا ضمن قائمة أغلى وأبرز العقارات في الشرق الأوسط.
بنتهاوس مجمّع بوغاتي - 149 مليون دولار
في أحدث فصول سباق سوق العقارات الفاخرة في الشرق الأوسط، كانت دبي على موعد مع صفقة قياسية جديدة.
يوم 12 ديسمبر الماضي، شهد مشروع بوغاتي ريزيدنسز Bugatti Residences في منطقة الخليج التجاري بيع شقة بنتهاوس بقيمة وصلت إلى 149.74 مليون دولار (550 مليون درهم)، لتضفي رقمًا جديدًا إلى سلسلة الصفقات القياسية التي تعيد رسم خريطة العقار الفاخر في الإمارة.
جرى تصميم هذه البنتهاوس بصيغة Sky Mansion، لتقدّم مفهوم القصر المعلّق في السماء. وتتميّز بتصاميم داخلية تُنفّذ حسب الطلب وفق تفضيلات المالك، مع مستوى عالٍ من الخصوصية وإمكانية الوصول المباشر إلى مرافق تحمل توقيع بوغاتي، بما في ذلك خدمات وتجارب حصرية تحمل هوية العلامة.
تأتي قوة هذه الصفقة من حجمها وسعرها في آن واحد، إذ تمتد البنتهاوس المباعة على مساحة تقارب 4,385 مترًا مربعًا، ليصل سعر المتر المربع الواحد إلى نحو 125,400 درهم.
وبهذا المستوى السعري، لا تكتفي دبي بتسجيل رقم لافت على مستوى الشرق الأوسط، بل ترسّخ حضورها بوصفها صاحبة أحد أعلى أسعار المتر المربع عالميًا في فئة العقارات السكنية الفاخرة.
فيلا نخلة غميرا - 163 مليون دولار
على الرغم من أن الصفقة الأخيرة سجلت أحد أغلى عمليات البيع على الإطلاق، إلا أنها لم تنتزع بعد لقب أغلى عملية بيع سكنية في الشرق الأوسط.
هذا الرقم لا يزال بحوزة فيلا شاطئية في نخلة غميرا، اقتناها الملياردير الهندي موكيش أمباني في عام 2022 مقابل نحو 163.35 مليون دولار (600 مليون درهم)، لتغدو علامة فارقة في سجل الصفقات العقارية على مستوى المنطقة.
تتجسّد ملامح هذا الاستثمار القياسي في فيلا شاطئية مصممة بالكامل حسب الطلب، تمتد على مساحة تقارب 3,066 مترًا مربعًا، ما يضعها في فئة المساكن الخاصة الكبرى أكثر مما يضعها في خانة الفلل التقليدية.
يتوزع في الداخل 10 غرف نوم فسيحة وسلسلة من مساحات المعيشة العصرية المفتوحة، صيغت جميعها بتشطيبات عالية المستوى تعتمد الرخام الإيطالي المستورد، فيما تتولّى علامات إيطالية مرموقة مثل Giorgetti وMinotti توقيع جزء كبير من الأثاث والتفاصيل، لتبدو الفيلا وكأنها معرض حي لتصميمات نخبة دور التصميم الأوروبية.
ولا يقتصر تفرّد الفيلا على المادة والفرش الداخلي، بل يمتد إلى منظومة من المرافق الخدمية والرفاهية التي توازي ما تقدمه أفخم الفنادق في فئة السبع نجوم، إذ تضم ناديًا صحيًا خاصًا، وصالة رياضية مجهزة بالكامل، وصالون تجميل، فضلاً عن وصول مباشر إلى الشاطئ يمنح المسكن اتصالاً دائمًا بالواجهة البحرية.
بهذه الصفقات القياسية، ترسّخ الإمارات مكانتها بقوة في قمة سوق العقارات الفاخرة في الشرق الأوسط، بوصفها الساحة التي تُسجَّل فيها أعلى الأرقام وأبرز عمليات البيع السكنية في المنطقة.
