افتتاح متحف زايد الوطني: جسر جديد بين إرث الإمارات وآفاقها العالمية
تحت شعار "جذور راسخة وإرث حي"، يفتح متحف زايد الوطني أبوابه في قلب المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات ليكون شاهدًا على مسيرة وطن صنع من الحلم واقعًا ومن التراث هوية راسخة.
افتتاح متحف زايد الوطني
يأتي هذا الحدث، المستمر حتى 31 ديسمبر، ليجسّد أكثر من مجرد افتتاح لمعلم ثقافي جديد، فهو نقطة تحوّل تعيد رسم العلاقة بين الإنسان والمكان، وتفتح أمام زواره فصلا جديدًا في سرد التاريخ الإماراتي، من جذوره العميقة حتى آفاق المستقبل.
الفن والتراث وجهان لهوية واحدة
يحتفي المتحف منذ لحظة افتتاحه برحلة الهوية الإماراتية وما تحمله من قيم الأصالة والانفتاح، عبر برنامج متكامل.
تتنوّع فعاليات البرنامج بين عروض الفنون الشعبية كالرزفة والعيالة، والعروض الموسيقية التي تتقاطع فيها الأنغام مع المشهد البصري، إلى جانب تجربة القهوة الإماراتية من تصميم "بيت القهوة" مصحوبة بفن التندورة الغنائي.
أما الورش الفنية، فتأخذ الزوار في تجربة حية لاستكشاف الحرف التقليدية التي استمدت ملامحها من المتحف ومقتنياته، قبل أن تصحبهم الجولات التعريفية في رحلة فكرية وتأملية إلى الماضي.
سمو الشيخ محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، عبّر عن جوهر رسالة المتحف، قائلا: " يروي متحف زايد الوطني، قصة هذه الأرض وشعبها. ويجسّد القوة الثقافية المتفردة بوصفها بوابة تتيح للمواطنين والمقيمين والزائرين على حد سواء أن يروا أنفسهم في متحف يمثل حاضرهم".
وأضاف: "يعد المتحف مركزًا عالميًا للبحوث والعلوم، يسهم ويحفّز الجيل الصاعد من الفنانين والمؤرّخين والمختصين الإماراتيين في حفظ التراث، بما يمكن دولتنا من تعزيز دورها في إنتاج المعرفة والمساهمة في الخطاب الثقافي العالمي".
رحلة عبر الزمن والهوية
رحلة الزائر في أروقة هذا المتحف ليست تقليدية. إنها عبور بين عصور تمتد لأكثر من 300 ألف عام من التاريخ البشري، بحيث تتكشف دلائل الوجود الإنساني الأولى، ثم تتتابع فصول الحضارات التي أسهمت في تشكيل ملامح الهوية الإماراتية.
في قلب هذه الرحلة يحضر الوالد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليبقى ركيزة السرد ومصدر الإلهام في قصة اتحاد وطني جسّد القيم والطموحات التي قامت عليها الدولة الحديثة.
إرث الشيخ زايد لا يتجلى في محتوى المتحف فحسب، بل في فلسفة بنائه. فقد صمم المعماري البريطاني نورمان فوستر من شركة فوستر وشركاه Foster + Partners هذا المعلم المستقبلي، ليجعل منه تحفة هندسية تُترجم العلاقة بين العمارة والهوية.
داخل المتحف، يجد الزائر نفسه أمام تشكيلة مختارة بعناية من نحو 1500 قطعة تجمع بين الآثار والمقتنيات التاريخية والأعمال الفنية المعاصرة.
تتوزع هذه القطع عبر ست صالات عرض دائمة تنسج سردًا متكاملا يحاكي الجغرافيا والابتكار والإيمان والتبادل الثقافي التي شكّلت الهوية الإماراتية عبر قرون.
تبدأ الرحلة من حديقة المسار، التي تمتد على نحو 600 متر كصالة عرض في الهواء الطلق، ثم تنساب نحو قاعات تسرد حياة الشيخ زايد، وتُبرز ملامح الطبيعة المحلية واكتشافات الآثار الممتدة من أعماق الزمن.
ولا يكتمل المشهد من دون محطة استراحة تجمع بين الفن والذوق، بحيث يقدم متجر المتحف مجموعة من الهدايا التذكارية المستوحاة من مقتنياته وسرده الإبداعي، فيما يوفر مطعم "إيث" والمقاهي المحيطة مساحات لتجربة ضيافة مستوحاة من البيئة الإماراتية.
فصل جديد في الحراك الثقافي الإماراتي
افتتاح متحف زايد الوطني ليس حدثًا معزولا، بل يندرج ضمن عام استثنائي في مسيرة المشهد الثقافي الإماراتي.
فقد شهد عام 2025 إطلاق مشاريع نوعية كمركز تيم لاب فينومينا أبوظبي ومتحف التاريخ الطبيعي أبوظبي ضمن المنطقة الثقافية في السعديات، إلى جانب إعادة افتتاح متحف العين.
وبهذا الافتتاح الجديد لمتحف زايد الوطني، الذي يُقدم وصفة ملهمة للأجيال الجديدة تربطها بجذورها، تتعزز مكانة الإمارة بوصفها عاصمة عالمية للثقافة والفنون.
