الأسهم بدلاً من الهدايا.. كيف علّم وارن بافيت أبنائه الاستثمار والادخار؟
في رواية تسلط الضوء على جانب شخصي من حياة المستثمر الأمريكي وارن بافيت، ذكرت ماري بافيت، زوجة ابنه السابقة، أن أفراد العائلة كانوا يتلقون في كل عيد ميلاد هدية نقدية بقيمة 10 آلاف دولار يمنحهم إياها بافيت في صورة أوراق مالية من فئة 100 دولار.
وأوضحت، في تصريحات لموقع ThinkAdvisor، أن هذه المبالغ كانت تُصرف سريعًا فور عودتهم إلى منازلهم بعد الاحتفال، مضيفة: "بمجرد أن عدنا إلى البيت، كنا ننفقها فورًا"، وهو ما يتعارض مع فلسفة بافيت القائمة على الترشيد والاستثمار طويل الأمد.
وبعد ملاحظته سرعة إنفاق العائلة، غيّر بافيت طريقة تقديم الهدايا، فبدلاً من النقود بدأ يمنحهم أسهمًا في شركات يستثمر فيها.
وفي إحدى المرات، قدم لهم أسهمًا بقيمة 10 آلاف دولار في شركة مرتبطة بـ"كوكاكولا"، مرفقة برسالة توضح إمكانية بيع الأسهم أو الاحتفاظ بها.
واختارت ماري الاحتفاظ بالأسهم، لتكتشف لاحقًا ارتفاع قيمتها بشكل كبير، ما جعلها تدرك أهمية الاستثمار طويل الأمد.
ومنذ ذلك الوقت، واصل بافيت تقديم الأسهم كهدية لأفراد عائلته، بما في ذلك أسهم "ويلز فارجو" التي ارتفعت قيمتها بأكثر من 200% خلال السنوات الخمس الماضية.
ثقافة الهدايا النقدية والاستثمار عند وارن بافيت
ولم تقتصر الهدايا الاستثمارية التي قدمها وارن بافيت على كونها بديلاً للنقد، بل أصبحت أيضًا مصدر إلهام لأفراد عائلته.
وأوضحت ماري بافيت أنها بدأت تتبع نهجه، إذ كانت تشتري المزيد من الأسهم التي يمنحهم إياها، لثقتها بأن قيمتها ستواصل الارتفاع.
وساعد هذا التوجه في ترسيخ ثقافة الاستثمار داخل العائلة، وأبرز كيف يمكن للهدايا أن تتحول إلى أدوات مالية طويلة الأمد.
ومع ذلك، شكّلت هذه الهدايا تحديًا لأفراد الأسرة، إذ تساءلوا عن الطريقة المناسبة لرد هدية قد تصل قيمتها إلى 10 آلاف دولار أو أكثر لشخص مثل بافيت.
وترى ماري أن أفضل ما يمكن تقديمه له هو إثبات نجاحهم الشخصي، لذا كانت تشاركه ميزانيات شركاتها لتؤكد له أنها على المسار الصحيح.
ومع اقتراب موسم الأعياد، تواصل كثير من الأسر حول العالم تقليد تقديم الهدايا النقدية لأبنائها وأحفادها، وهو التقليد نفسه الذي اتبعه وارن بافيت في بداياته قبل أن يستبدله بالأسهم.
ووفق دراسة صادرة عن شركة التأمين البريطانية SunLife، فإن أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص فوق سن الخمسين قدموا مبالغ مالية كبيرة كهدية خلال السنوات الخمس الماضية، وغالبًا ما ارتبطت هذه الهدايا بمناسبات خاصة.
وأظهرت الدراسة أن متوسط قيمة هذه الهدايا بلغ نحو 40,568 دولارًا، حيث استُخدمت غالبًا كمقدمات لشراء المنازل أو لتجديدها.
ومع توقع انتقال ما يُعرف بـ"التحول الكبير للثروة" بقيمة قد تصل إلى 83 تريليون دولار خلال العقدين المقبلين، يبدو أن الأجيال القادمة ستعتاد على تلقي هدايا مالية أكبر، وربما تتجه إلى استثمارها على نهج بافيت، الذي جعل من الهدايا الاستثمارية جزءًا من ثقافة أسرته.
