اختفاء الشمس.. ظاهرة فريدة تحبس مدينة كاملة في الظلام 65 يومًا
شهدت مدينة أوتكياغفيك، أقصى شمال الولايات المتحدة، آخر غروب شمس لهذا العام في 18 نوفمبر 2025، معلنةً بدء الليل القطبي الذي يمتد نحو 64 يوماً بلا أي شروق حتى أواخر يناير 2026.
تفاصيل ظاهرة الليل القطبي
وخلال هذه الفترة، لا يظهر النهار بشكله المعروف إطلاقاً، إذ لا تتجاوز الإضاءة الطبيعية في المدينة ضوءًا أزرق خافتًا يعرف بـ الشفق المدني، وهو ضوء يكفي بالكاد لرؤية الطرقات والثلوج، لكنه لا يصنع نهاراً حقيقياً، وفق ما ذكرته شبكة Fox Weather.
تعود هذه الظاهرة إلى ميلان محور الأرض بمقدار 23.5 درجة، وهو العامل الذي يحدد تعاقب الفصول، وفي الشتاء، يميل نصف الكرة الشمالي بعيداً عن الشمس، بينما تقع أوتكياغفيك عند خط عرض 71.17 شمالاً داخل الدائرة القطبية، ما يجعل الشمس تختفي تماماً خلف الأفق لأسابيع طويلة.
ولظاهرة الليل القطبي تأثيرات واسعة تتجاوز حدود المدينة، إذ يبرد الهواء فوق القطب الشمالي بشدة، مما يسهم في تكوين الدوامة القطبية التي تتحكم في موجات البرد القارس التي قد تضرب أوروبا وأميركا الشمالية عند اضطرابها.
قد يبدو العيش لشهرين في ظلام دائم أمراً مرعباً لغير المعتادين عليه، لكن سكان أوتكياغفيك يرون الأمر بشكل مختلف. فالشتاء الطويل رغم قسوته يفرض روتيناً أكثر هدوءاً مقارنة بفصل الصيف، حيث لا تغيب الشمس مطلقاً ويعاني كثيرون من اضطرابات النوم.
الحياة في أوتكياغفيك
وعلى الرغم من الغياب التام للشمس، تستمر الحياة في أوتكياغفيك بشكل طبيعي؛ فالمدارس والمتاجر تفتح أبوابها كالمعتاد، وتستمر أنشطة الصيد والحياة اليومية دون توقف.
بينما تُقام مباريات كرة القدم الأميركية في أجواء ليلية دائمة تحت الأضواء الاصطناعية. وفي سماء المدينة، يرسم الشفق القطبي مشاهد أخّاذة تضفي جمالاً فريداً لا يشاهد إلا في هذه البقاع الشمالية النادرة.
وطورت مجتمعات الإينوبيات وهم السكان الأصليون عبر آلاف السنين أساليب حياة تتماشى مع هذا الإيقاع الحاد بين صيف بلا ليل وشتاء بلا نهار، ويلجأ كثير من السكان إلى استغلال الظلام الطويل للراحة وتحسين النوم.
بينما يشكل شروق الشمس الخافت في أواخر يناير لحظة احتفال وبداية دورة جديدة من الضوء، ومع عودة الشمس تدريجياً، يحتاج السكان لأيام للتأقلم مع الضوء، قبل أن تستعيد المدينة إيقاعها الطبيعي.
رغم ما يواجهه العالم خارج القطب من تحديات العمل في الشتاء، تعيش أوتكياغفيك نمطاً مختلفاً تماماً، حيث يتحول الليل الطويل إلى جزء من الهوية السنوية للمدينة، يجمع بين الغموض والجمال وقسوة المناخ.
وهكذا تبقى أوتكياغفيك واحدة من الأماكن القليلة على الأرض التي يتوقف عندها النهار تماماً، في تجربة فريدة يصعب تخيلها خارج حدود الدائرة القطبية.
