مشهد مروع.. علماء يرصدون مصير الشمس المحتوم
في اكتشاف وُصف بأنه "نافذة على مستقبل نظامنا الشمسي"، رصد فريق دولي من علماء الفلك نجمًا ميتًا شبيهًا بالشمس يلتهم كوكبًا كان يدور حوله، بعد أكثر من 3 مليارات عام من تحوّله إلى قزم أبيض.
ويُعد الحدث الكوني المرعب، الذي كشف عنه مرصد كيك في هاواي، أول دليل مباشر على أن النجوم يمكنها ابتلاع كواكبها بعد وقتٍ طويل من موتها، ما يُثير تساؤلات جديدة حول مصير كواكب مثل الأرض والمشتري بعد نهاية شمسنا.
وتقول إريكا لو بوردايس، عالمة الفيزياء الفلكية من جامعة مونتريال والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "هذا الاكتشاف يُمثل تحديًا كبيرًا لفهمنا لتطور أنظمة الكواكب، فهو يُظهرها تُدمَر حتى بعد مليارات السنين من موت نجمها الأم".
نجم شبيه بالشمس يلتهم كوكبًا بعد مليارات السنين من موته
القزم الأبيض الذي يحمل الاسم LSPM J0207+3331، يقع على بُعد 145 سنة ضوئية في كوكبة المثلث، وكان في يومٍ ما نجمًا شبيهًا بالشمس.
وبعد أن استنفد وقوده النووي، انهار وتحول إلى رماد كوني بارد؛ لكن المفاجأة جاءت حين رصد العلماء بقايا كوكب صخري غني بالمعادن يدور حوله، قبل أن يبتلعه تدريجيًا.

ووجد الفريق 13 عنصرًا ثقيلاً داخل غلاف النجم الجوي، وهو أعلى رقم يُسجل لقزم أبيض غني بالهيدروجين، ما يدل على أنه التهم كوكبًا كانت نواته المعدنية تُشكل 55% من كتلته — أي ضعف نسبة الحديد في الأرض تقريبًا.
وعلّق عالم الفلك جون ديبس من معهد علوم تلسكوب الفضاء في بالتيمور قائلاً: "من الواضح أن شيئًا ما أربك هذا النظام بعد موت النجم؛ ربما تسببت كواكب عملاقة مجاورة في دفع الكوكب الصغير نحو مصيره المحتوم".
مصير النظام الشمسي بعد 5 مليارات عام
وعندما تنفجر النجوم وتفقد معظم كتلتها، تتغير قوة جاذبيتها بشكل مفاجئ، ما يؤدي إلى اضطراب مدارات الكواكب، ومع مرور الوقت، يمكن أن تتقاطع هذه المدارات، وتُقذف بعض الكواكب نحو النجم المركزي.
وبمجرد اقترابها بدرجة كافية، تتمزق الكواكب تحت تأثير قوى الجاذبية المتفاوتة، تاركة غبارًا وصخورًا تدور حول القزم الأبيض، كما هو الحال في هذا النظام.
يُوضح الباحثون أن العناصر الثقيلة التي تُرصد في الغلاف الجوي لتلك النجوم تعمل كـ"بصمة كيميائية" لبقايا الكواكب المدمرة، وتُتيح فرصة نادرة لدراسة تكوين الكواكب خارج نظامنا الشمسي دون الحاجة لرصدها مباشرة.
اقرأ أيضا: تفاصيل عاصفة شمسية جديدة تقترب من الأرض
ويشير هذا السيناريو إلى ما قد يحدث بعد 5 مليارات سنة، حين تتحول الشمس إلى عملاق أحمر يبتلع عطارد والزهرة، وربما الأرض، قبل أن تنكمش لتصبح قزمًا أبيض باردًا؛ وبعد ذلك، قد تتبع الكواكب البعيدة مثل المشتري وزحل مصيرها الخاص إما بالابتلاع، أو بالتشتت في الفضاء بين النجوم.
يقول ديبس: "هذه النتائج تذكير بأن أنظمة الكواكب، حتى بعد موت نجومها، تظل ديناميكية وقادرة على مفاجآتنا".
وتشير الدراسة المنشورة في مجلة الفيزياء الفلكية إلى أنّ هذا المشهد الكوني المرعب تذكير بأن كل نجم يحمل في داخله بذور دمار عوالمه — وأن شمسنا يومًا ما، ستلتهم إرثها الكوني، تمامًا مثل هذا النجم البعيد.
