من الحلم إلى الشّاشة: حكاية انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائيّ
بين أزقة جدة التاريخية ولمعان البحر الأحمر، ينطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ليحكي قصّة السينما السعودية والعالمية، منصّة للإبداع وأرضًا خصبة لصناعة الأفلام واكتشاف المواهب الصاعدة.
وفي دورته الخامسة التي تُقام بين 4 و13 ديسمبر 2025، يواصل المهرجان ترسيخ مكانته كواحد من أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة، جامعًا صناع السينما والنجوم من مختلف أنحاء العالم، ومحتفيًا بالإبداع وممهدًا الطريق لنمو صناعة السينما في المملكة والمنطقة.
تاريخ تأسيس مهرجان البحر الأحمر السينمائي
بفضل من الله ثم بدعمٍ من سيدي #خادم_الحرمين_الشريفين وسمو سيدي ولي العهد حفظهما الله؛ دُشِّنت اليوم رؤية #وزارة_الثقافة، صرحٌ يرتكز على الإسهام في تغيير نمط حياة الفرد، وتحقيق الازدهار في الساحة الاقتصادية، وإعلاء نبرة الحوار الثقافي السعودي دوليًا. pic.twitter.com/wjoSpJxxhs
— بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود (@BadrFAlSaud) March 27, 2019
في العام نفسه، انطلقت مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي كجهة غير ربحية تُعنى بتعزيز الإبداع وتكريم الفنانين والمواهب محليًا وإقليميًا ودوليًا، إلى جانب ترسيخ ثقافة السينما في العالم العربي وإفريقيا وآسيا. كما تضع المؤسسة تمكين المرأة في صلب أهدافها، عبر الاحتفاء بإنجازاتها أمام الكاميرا وخلفها، وإتاحة مساحات أوسع لمشاركتها في الحراك السينمائي.
وتنظم المؤسسة على مدار العام مجموعة من المبادرات والبرامج، يبرز بينها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بوصفه ذراعها الرئيسة ومنصتها الأكبر التي تجمع عشّاق السينما وصنّاعها ونجومها من مختلف أنحاء العالم.
وقد عمل المهرجان خلال سنواته الماضية على ترسيخ موقعه كحدث سعودي دولي يحتضن الأفلام، ويدعم الإنتاج، ويقدّم فرصًا استثنائية للمواهب الصاعدة.
وكان من المقرر أن تنطلق نسخته الأولى في مارس 2020، غير أنّ جائحة «كوفيد-19» أدت إلى إلغائها قبل ساعات من الافتتاح، رغم اكتمال معظم البرنامج. وجاءت هذه الدورة تحت شعار «التحوّل – Metamorphosis» باعتبارها محطة محورية في مسار صناعة السينما السعودية الناشئة، وكذلك اختبارًا لمدى استعداد الصناعة العالمية للتفاعل مع سوق جديد واعد. وبينما تعطّل الانطلاق الأول، أثبت المهرجان لاحقًا قدرته على النهوض، ليُقام منذ ذلك الحين في الموعد السنوي نفسه تقريبًا ويواصل ترسيخ حضوره على خارطة المهرجانات الدولية.
مدّة المهرجان وجوائز اليُسر
اليسر الذهبي لأفضل فيلم طويل
- أفضل إخراج
- أفضل ممثل
- أفضل ممثلة
- أفضل سيناريو
- أفضل إنجاز سينمائي
- اليسر الذهبي للأفلام القصيرة
- جائزة لجنة التحكيم
وغيرها الكثير.
اقرأ أيضًا: شون بيكر يخلف سبايك لي في رئاسة لجنة تحكيم مهرجان البحر الأحمر
أبرز فعاليات المهرجان
1. صناعة فيلم في 48 ساعة!
تُعد هذه المسابقة منصة مخصّصة لدعم المواهب السعودية الشابة، إذ تهدف إلى تحدّي المبدعين واختبار قدرتهم على إنتاج فيلم متكامل خلال 48 ساعة فقط. وجاءت المبادرة بشراكة بين المركز الثقافي الفرنسي والقنصلية الفرنسية في جدة والسفارة الفرنسية في الرياض، ما يعكس تعاونًا ثقافيًا دوليًا لتعزيز الحراك السينمائي المحلي.
أُطلقت المسابقة عام 2022، وترأس لجنة تحكيمها آنذاك الفنان ظافر العابدين، في خطوة تؤكد حرص المهرجان على إشراك خبرات عربية رائدة في دعم الأجيال الجديدة من صناع السينما.
2. برنامج "On Set"
شهدنا هذا البرنامج في النسخة الماضية، وقد صُمّم خصيصًا لتنمية قدرات المواهب السعودية عبر سلسلة من ورش العمل المكثفة التي يقدّمها محترفون وتشرف عليها نخبة من الخبراء الدوليين.
ويغطي البرنامج مجموعة واسعة من الجوانب الفنية والعملية في صناعة السينما، تشمل الإخراج والإنتاج وغيرها من المهارات الأساسية التي تمكّن المشاركين من تطوير أعمالهم والارتقاء بإمكاناتهم المهنية.
3. جلسات "In Conversation With"
وفي نسخة العام الماضي أيضًا، قدّم مهرجان البحر الأحمر السينمائي للجمهور فرصة استثنائية تمثّلت في لقاء نجوم السينما العالميين مباشرةً ضمن جلسات حوارية مفتوحة. فقد شاركت النجمة بريانكا شوبرا جمهورها حديثًا ملهمًا عن مسيرتها الممتدة بين هوليوود وبوليوود، كاشفةً عن تحدياتها وتجاربها في كلتا الصناعتين.
كما قدّم الممثل أندرو غارفيلد جلسة ثرية استعرض فيها أبرز محطات مشواره الفني، وتحدث عن الأدوار التي شكّلت مسيرته ووسّعت حضوره على الساحة العالمية.
4. برنامج العرض العربي المميز
عرّفنا هذا البرنامج على مجموعة من الأعمال العربية اللافتة، من بينها فيلم «سائقي وأنا» الذي يقدّم حكاية إنسانية مؤثرة حول صداقة تنشأ بين فتاة سعودية وسائقها السوداني، في إطار درامي بسيط وعميق في آنٍ واحد. كما شهد البرنامج عرض الفيلم الجزائري–الفرنسي «صف أول»، وهو عمل يجمع بين الدراما والتوتر، وتدور أحداثه في أحد الشواطئ عبر قصة غير مألوفة تُسلّط الضوء على تحوّلات مفاجئة ومشحونة بالعاطفة.
أما فيلم «هُبال»، فحضر كعمل درامي يتناول الصراعات الاجتماعية والعائلية في البيئة البدوية، مستكشفًا ثنائية التقاليد والتحولات الحديثة، وما ينتج عنها من توتّرات إنسانية تلامس الواقع العربي.
أبرز ملامح نسخة مهرجان البحر الأحمر 2025
إليك أبرز برامج هذه النسخة:
1. برنامج "رؤى البحر الأحمر"
يسلّط هذا البرنامج الضوء على مبادرة «المرأة في السينما: أطلقي قصّتك إلى الحياة»، التي تأتي بالشراكة بين الصندوق العربي للثقافة والفنون ومنصة Netflix، بهدف دعم المخرجات العربيات عبر الإرشاد المهني والدعم المالي، إضافةً إلى ورش متخصّصة لتطوير السرد السينمائي وصقل المهارات الإبداعية.
وقد أثمرت المبادرة بالفعل عن إنتاج خمسة أفلام قصيرة تمثّل مجموعة من الأصوات النسائية من السعودية والإمارات والأردن والكويت ومصر، وهي:
«جريش سلام»، تالا الحربي
«لا أثر للأفق»، إيمان الخليفة
«ثورة غضب»، عائشة شحالتوغ
«عن أشباحهُن»، سُهى بلال
«مكان ثاني»، هيا الغانم
كما يشمل البرنامج عرض الفيلم اللبناني «المنتهى» للمخرج رودولف شديد، وهو عمل يستكشف رحلة شاعرية لزوجين لبنانيين يستعيدان ذكرياتهما بعد نصف قرن من الحياة المشتركة، في معالجة بصرية وعاطفية ثرية تعكس عمق التجربة الإنسانية.
اقرأ أيضًا: مهرجان البحر الأحمر لـ «الرجل»: 300 مشروع عالمي.. ودعم غير مسبوق لصناعة السينما السعودية
2. برنامج "المسلسلات"
يقدّم المهرجان هذا العام عروضًا أولى لإنتاجات درامية عالمية، بحيث يُتاح عرض ما يصل إلى حلقتين من كل مسلسل، سواء على الشاشات التقليدية أو عبر المنصات الرقمية. ومن أبرز الأعمال المشاركة هذا العام فيلم «السردين» للمخرجة الجزائرية زليخة طاهر، الذي يسلّط الضوء على قصة فتاة ممزّقة بين مسؤولياتها العائلية وطموحها العلمي، في رحلة درامية تجمع بين الصراعات الشخصية والتحديات الاجتماعية.
3. برنامج "السينما العائلية"
خصص المهرجان هذا العام باقة من الأفلام الملهمة للأطفال، تضمنت أعمالا متنوعة منها:
فيلم المغامرات الياباني «Doraemon: Nobita’s Art World Tales» للمخرجة يوكيو تيراموتو.
فيلم «مدرسة الأشباح» للمخرجة سيماب جول.
فيلم «سبونج بوب: البحث عن سكوير بانتس».
وقالت فيونولا هاليجان، مديرة البرنامج السينمائي الدولي، إن هذه الاختيارات تعكس التنوع الغني للمشاريع التي يحتضنها المهرجان، وتدفع حدود السرد السينمائي نحو آفاق جديدة، مع الاستمرار في دعم وتمكين المرأة في صناعة السينما.
من جهته، أكّد أنطوان خليفة، مدير البرنامج السينمائي العربي والكلاسيكي، أن المهرجان يسلط الضوء على أصوات إبداعية فريدة، موفرًا الفرصة لجيل صناع الأفلام الجديد لدمج الأصالة بالتجديد، وتقديم قصص مؤثرة عن العائلة والذاكرة والمجتمع، تترك أثرًا دائمًا في وجدان الجمهور.
