سرّ جيل زد مع العطور.. كيف تحوّل الإنفاق الصغير إلى ظاهرة كبرى؟
تشير بيانات شركة "سيركانا" إلى أن 38% من إجمالي الإنفاق على العطور خلال النصف الأول من عام 2025 جاء من أسر تضم أفرادًا من جيل زد، ما يعكس تحولًا واضحًا في سلوك المستهلكين الشباب.
ويُرجع الخبراء هذا الاتجاه إلى ما يُعرف اقتصاديًا بـ"تأثير أحمر الشفاه"، وهو مفهوم يشير إلى توجه الأفراد نحو اقتناء منتجات فاخرة صغيرة، مثل العطور، خلال فترات التباطؤ الاقتصادي، باعتبارها وسيلة للتعبير عن الذات وتحسين الحالة النفسية دون تحمل تكاليف مرتفعة.
هذا التغير في أنماط الشراء دفع شركات التجميل العالمية إلى إعادة ترتيب أولوياتها الاستثمارية، مع التركيز بشكل أكبر على قطاع العطور الذي بات يشكل ركيزة أساسية لنمو المبيعات.
أداء شركات التجميل في سوق العطور
سارعت شركات التجميل الكبرى مثل "كوتي"، "إستي لودر"، و"لوريال" إلى تكثيف استثماراتها في قطاع العطور، مستفيدة من الشعبية المتزايدة لعلامات تجارية فاخرة مثل "توم فورد"، و"لو لابو"، و"إيف سان لوران".
شركة "كوتي" أعلنت عن توقعات مالية إيجابية، مدفوعة بارتفاع الطلب على عطور "كالفن كلاين" و"هيوغو بوس"، حيث أكد المدير المالي لوران ميرسييه أن العطور تُعد مدخلًا مثاليًا لجيل زد إلى عالم الجمال. أما "إستي لودر"، فقد سجلت نموًا بنسبة 14% في مبيعات العطور خلال الربع المنتهي في سبتمبر، ما ساعدها على تعويض التراجع في الطلب على مستحضرات التجميل التقليدية.
في المقابل، واجهت شركة "إلف بيوتي" ضغوطًا مالية كبيرة، حيث انخفضت أسهمها بأكثر من 30% بعد إعلان نتائج فصلية ضعيفة، ألقتها الشركة على ضعف الإنفاق الاستهلاكي وغياب منتجات العطور من محفظتها، التي تركز على مستحضرات تجميل منخفضة التكلفة.
تأثير جيل زد على قرارات الشركات
في ظل هذا التحول، بدأت الشركات الكبرى في إعادة هيكلة محافظها الاستثمارية. "لوريال" أبرمت صفقة بقيمة 4.7 مليار دولار للاستحواذ على علامات تجارية من مجموعة "كيرينغ"، بما في ذلك تراخيص عطور "غوتشي" لمدة 50 عامًا.
أما "كوتي"، فتدرس بيع علامات مثل "كفر غيرل" و"ريميل" للتركيز على العطور، التي أصبحت تمثل 75% من إجمالي مبيعاتها. وقالت كيندال آشر، المديرة التنفيذية في "إستي لودر"، إن العطور "تعيش لحظة ثقافية"، مشيرة إلى أن ارتفاع الدخل المتاح وتوسع الطبقة الوسطى في الصين والهند والشرق الأوسط يدفعان نموًا مستدامًا في هذا القطاع.
وأضافت أن الشركة افتتحت هذا العام نحو 40 متجرًا مستقلًا للعطور حول العالم، إلى جانب "أتولييه العطور" العالمي في باريس، كما استثمرت في أدوات ذكاء اصطناعي لتحليل لغة المستهلكين وربطها بعائلات عطرية، واستخدمت هذه البيانات لإنتاج محتوى رقمي موجه لجيل زد عبر منصات مثل "تيك توك".
ووفقًا لبيانات "سيركانا"، فإن مبيعات العطور الفاخرة ارتفعت بنسبة 6% لتصل إلى 3.9 مليار دولار في النصف الأول من 2025، متفوقة على نمو المكياج (1%) وتراجع العناية بالبشرة (-1%). ويُنظر إلى العطور اليوم كمنتج يمنح المستهلكين إحساسًا بالفخامة والجودة دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة، ما يجعلها الخيار المثالي في زمن التحديات الاقتصادية.
