نتائج مثيرة للجدل.. دراسة تربط أدوية النوم الشائعة بزيادة معدلات الوفاة وقصور القلب
كشفت دراسة رصدية حديثة أُجريت في جامعة ولاية نيويورك أن الاستخدام الليلي طويل الأمد لمكمّل الميلاتونين، أحد أكثر مساعدات النوم شيوعًا، قد يرتبط بزيادة خطر قصور القلب بنسبة 89% خلال خمس سنوات، إضافة إلى ارتفاع احتمالية الوفاة ودخول المستشفى مقارنةً بالأشخاص الذين لم يتناولوه. ورغم أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية، إلا أن نتائجها الأولية، المعروضة ضمن مؤتمر جمعية القلب الأمريكية 2025، تثير مخاوف حول سلامة الاستخدام المزمن لهذا الهرمون الذي يُباع دون وصفة طبية.
اعتمد الباحثون على بيانات من شبكة TriNetX العالمية، شملت أكثر من 130 ألف بالغ تم تشخيصهم بالأرق (61% منهم نساء بمتوسط عمر 55 عامًا). تناول نصف المشاركين الميلاتونين بانتظام لمدة عام على الأقل، بينما لم يتلقَ النصف الآخر أي مساعدات نوم.
اقرأ أيضا: كيف يؤثر النوم على الشهية والتمثيل الغذائي؟ دراسة جديدة تكشف
خلال متابعة امتدت لخمس سنوات، تبيّن أن 4.6% من مستخدمي الميلاتونين أُصيبوا بقصور في القلب مقارنةً بـ 2.7% من المجموعة الضابطة، أي زيادة نسبية قدرها 89%. كما ارتفع خطر دخول المستشفى بمقدار 3.5 مرات لدى متناولي الميلاتونين، وتضاعف خطر الوفاة لجميع الأسباب تقريبًا خلال الفترة ذاتها (7.8% مقابل 4.3%).
وأوضح الباحثون أن النتائج بقيت ثابتة حتى بعد تحليل بيانات المستخدمين الذين حصلوا على أكثر من وصفة دوائية خلال عامين متتاليين، مما يشير إلى علاقة واضحة بين مدة الاستخدام ومستوى الخطر.
هل يسبب الميلاتونين فعلاً قصور القلب؟
أكد الدكتور إكينيديليكوكو نادي، الباحث الرئيسي، أن الدراسة لا تُثبت علاقة سببية بين الميلاتونين وقصور القلب، لكنها تُظهر ارتباطًا قويًا يستحق التوقف عنده. وقال في تصريح لموقع Medscape Medical News: "قد لا يكون الاستخدام الليلي طويل الأمد خاليًا من المخاطر كما كنا نعتقد، خصوصًا لمن يعانون من أمراض القلب أو عوامل الخطر المرتبطة بها".
من جانبه، أوضح الدكتور لوغان شنايدر من جامعة ستانفورد، الذي لم يشارك في البحث، أن النتائج تستبعد كون الأرق وحده السبب، لأن جميع المشاركين كانوا يعانون من الأرق بدرجات متقاربة. لكنه أشار إلى أن غياب مراجعة الأقران ونقص البيانات حول شدة الأرق أو الاضطرابات النفسية يجعل الاستنتاجات "أولية وتحتاج لتأكيد إضافي".
ما التوصيات الجديدة لمستخدمي مكملات النوم طويلة الأمد؟
تتناقض هذه النتائج مع أبحاث سابقة اعتبرت الميلاتونين مفيدًا لصحة القلب بفضل خصائصه المضادة للأكسدة ودوره في خفض ضغط الدم. غير أن الباحثين في الدراسة الجديدة شددوا على أن السلامة طويلة الأمد لم تُدرس بعمق من قبل، خصوصًا عند استخدام الميلاتونين بشكل يومي لأعوام.
وفي هذا السياق، قال الدكتور كارلوس إيجيا، رئيس الاتحاد الإسباني لجمعيات طب النوم: "عندما تكشف دراسة عن نتيجة تُخالف الحكمة التقليدية، علينا أن نعيد النظر بهدوء في موازنة السلامة والفوائد، بدلًا من تجاهلها".
يوصي الخبراء بتجنّب استخدام الميلاتونين لفترات طويلة دون إشراف طبي، خاصةً لدى من يعانون من أمراض القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو السمنة. كما يُفضّل مناقشة الطبيب حول بدائل غير دوائية لعلاج الأرق، مثل العلاج السلوكي المعرفي أو تعديل نمط الحياة.
وأكد الباحثون أنهم بصدد تحليل إضافي للبيانات باستخدام قواعد معلومات أخرى للتحقق من النتائج وتحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر.
