ناسا تكشف مفاجأة في أحد أقمار كوكب زحل
كشفت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" (NASA) عن اكتشاف علمي مثير يشير إلى أن قمر زحل إنسيلادوس Enceladus قد يكون موطنًا محتملاً للحياة خارج كوكب الأرض، بعدما رصدت أجهزة قياس من مهمة "كاسيني" Cassini تسربًا للحرارة من منطقة القطب الشمالي للقمر، ما يوحي بوجود توازن في الطاقة الداخلية يتيح استقرارًا طويل الأمد في محيطه المائي الجوفي.
وتوضح النتائج أن الحرارة المنبعثة من القطب الشمالي لإنسيلادوس تفوق التوقعات بمقدار 7 درجات كلفن (تعادل تقريبًا 7 درجات مئوية)، وذلك وفق بيانات تمت مقارنتها بين فصلي الشتاء والصيف بواسطة أجهزة المسبار "كاسيني".
ونجح العلماء بقيادة الدكتورة كارلي هوِت من جامعة أوكسفورد في حساب معدل فقد الطاقة من القمر بنحو 46 ميلي واط لكل متر مربع، أي ما يعادل 35 غيغاواط على مستوى الكوكب بأكمله.
اقرأ أيضًا: القمر العملاق يضيء سماء العالم هذا الأسبوع.. تعرف على الموعد
وباحتساب الطاقة المفقودة سابقًا من القطب الجنوبي النشط المعروف بانبعاثاته المائية القوية، يصل مجموع الفقد إلى نحو 54 غيغاواط، وهي قيمة تكاد تطابق إجمالي الطاقة الناتجة عن ظاهرة "التسخين المدّي" التي تحدث نتيجة شد وجذب زحل لقمره.
ويشير هذا التوازن الحراري الدقيق إلى أن القمر لا يبرد أو يسخن بشكل مفرط، ما يعني أن محيطه الجوفي يحتفظ بدرجة حرارة مستقرة تسمح باستمرار الماء في حالته السائلة، وهي بيئة مثالية لتطور الحياة.
سرّ محيط إنسيلادوس
ويُعد إنسيلادوس سادس أكبر أقمار كوكب زحل بقطر يبلغ نحو 500 كيلومتر، أي ما يقارب عرض ولاية أريزونا الأمريكية، وتغطيه طبقة جليدية سميكة تصل حرارتها السطحية إلى -201 درجة مئوية.
ورغم هذه البرودة القاسية، فإن باطن القمر يحتفظ بحرارة كافية للحفاظ على وجود محيط مائي واسع تحت سطحه، إذ يرجع مصدر الطاقة فيه إلى الضغط المتكرر الناتج عن تمدد القمر وانكماشه بفعل الجاذبية القوية لزحل، وهي العملية التي تعرف بـ"التسخين المدّي".
وتوضح الدكتورة هوِت أن "الحرارة المستمرة التي لوحظت دليل على أن إنسيلادوس يتمتع ببيئة تحت سطحية مستقرة، وهي سمة أساسية لاستمرار الحياة؛ فالكائنات الحية تحتاج إلى بيئة ثابتة لتزدهر".
وتشير التقديرات إلى أن هذا المحيط يحتوي على المكونات الكيميائية الأساسية للحياة مثل الماء السائل والطاقة والمواد العضوية.
ويعتقد العلماء أن هذا التوازن الحراري يجعل من إنسيلادوس أحد أكثر المواقع المرشحة في النظام الشمسي لاحتضان أشكال من الحياة الميكروبية، خاصة إذا ما كانت تشبه تلك الموجودة حول الفوّهات الحرارية العميقة في قيعان المحيطات الأرضية، حيث تنعدم أشعة الشمس ولكن تزدهر الكائنات الحية بفضل تفاعل المعادن مع الطاقة الحرارية.
ولا يُمكن للعلماء الجزم بوجود حياة فعلية على إنسيلادوس؛ إلا أن النتائج الحديثة تمثل نقلة مهمة في فهم بيئته الداخلية؛ فقد أثبت الباحثون للمرة الأولى وجود توازن طاقوي طويل الأمد بين ما يكتسبه القمر من حرارة بفعل الجاذبية، وما يفقده عبر إشعاعه في الفضاء.
ويرى فريق الدراسة أن هذه النتائج تطبق إحدى القواعد البيولوجية المعروفة: "الحياة تحب الاستقرار".
