دراسة تكشف مفاجأة: خميرة المطبخ قد تتحمل ظروف كوكب المريخ
في اكتشاف علمي لافت، توصل باحثون إلى أن خميرة الخبز، التي تُستخدم يومياً في المطابخ حول العالم، تمتلك قدرة غير متوقعة على البقاء في ظروف قاسية تماثل بيئة كوكب المريخ.
الدراسة التي نُشرت حديثاً في مجلة PNAS Nexus العلمية الأمريكية، أجراها فريق من العلماء في المعهد الهندي للعلوم (IISc) ومختبر البحوث الفيزيائية (PRL) بمدينة أحمد آباد الهندية.
استخدم الباحثون جهازاً متقدماً يُعرف باسم أنبوب الصدمة عالية الكثافة للكيمياء الفلكية (HISTA)، لمحاكاة الظروف العنيفة التي يُعتقد أنها تسود على سطح المريخ.
يولد الجهاز موجات صدمة تفوق سرعتها خمسة أضعاف سرعة الصوت، لخلق بيئة مشابهة لما يمكن أن تواجهه الكائنات الحية الدقيقة خارج الأرض.
خلال هذه التجربة، تعرّضت خلايا الخميرة (Saccharomyces cerevisiae) لهذه الموجات القوية، إضافة إلى تركيز عالٍ من بيركلورات الصوديوم، وهي مادة كيميائية شائعة في تربة المريخ، ورغم أن الخلايا لم تنمُ بشكل طبيعي بعد التجربة، فإنها ظلت حية، في نتيجة وُصفت بالمذهلة من جانب الفريق البحثي.
كيف صمدت الخميرة أمام الصدمة؟
أوضحت الباحثة ريا داجي أن إعداد الجهاز لتجارب تشمل خلايا حية كان تحدياً تقنياً معقداً، نظراً لأن هذا النوع من الأبحاث لم يتم تطبيقه من قبل، وبيّنت أن التحدي الأكبر كان في استعادة الخلايا بعد التجربة دون تلوثها، لإجراء الفحوص الميكروسكوبية الدقيقة عليها.
وكشفت الملاحظات أن الخلايا أظهرت استجابة فريدة للبقاء، إذ شكّلت تراكيب داخلية تُعرف بالتكاثفات الريبونوكليوبروتينية (RNPs)، وهي تراكيب غير غشائية تساعد الخلايا على حماية مادتها الوراثية وإعادة تنظيمها تحت الضغط الشديد، ونتيجة ذلك، تكوّنت نوعان من هذه التراكيب داخل الخلايا، هما الحبيبات الضاغطة والأجسام P، ما مكّن الخميرة من مقاومة الانهيار الخلوي.
اقرأ أيضًا: ناسا تعلن عن اكتشاف ثوري: أدلة محتملة على حياة في المريخ
يقول البروفسور بوروشارث راجياجورو، أستاذ البيولوجيا الجزيئية المساعد في المعهد الهندي للعلوم، إن النتائج تُعدّ نموذجاً لدراسة قدرة الكائنات الحية على التكيف مع البيئات الفضائية القاسية، وأوضح أن خميرة الخبز تُعد نموذجاً مثالياً لهذا النوع من الأبحاث بسبب سهولة دراستها ومعرفة شاملة بسلوكها الوراثي والبيوكيميائي.
وأضاف أن نتائج الدراسة تُبرز قدرة الخلايا الميكروبية على "إعادة تنظيم نفسها جزيئياً" للاستجابة للضغوط الميكانيكية والكيميائية، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تعريف حدود الحياة التي نعرفها على الأرض.
ويرى العلماء أن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام استخدام الكائنات الدقيقة مثل الخميرة في مشاريع مستقبلية لإنتاج الغذاء أو الوقود الحيوي في البيئات الفضائية، لا سيما على الكواكب أو الأقمار التي تشترك في خصائصها مع المريخ.
